الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش حياتي في خيالات ووهم..فهل هذا الشيء طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما، بدأت مُعاناتي حينما كنت في عمر 6 سنوات، حيث كنت طفلة وحيدة لا أجد من ألعب معه، فكل إخواني أكبر مني بكثير، وخروجنا من المنزل قليل، فقط في العطلة أي مرة واحدة في الأسبوع.

أقضي طوال الوقت ألعب لوحدي، ومن هنا بدأت المُعاناة، حيث كنت أتخيل أطفالا يلعبون معي، وأجد بذلك متعة تعوضني عما فقدته.

أجلس الساعات لوحدي ألعب، كبرت وكبرت أحلامي معي، وكنت وأنا طفلة أتخيل أطفالا يلعبون معي، أما الآن تطورت وأصبحت أتخيل أنني فتاة جميلة جدا، فتاة مشهورة وثرية وصاحبة شخصية قوية، وفارس أحلامي جميل، وكل الناس تحسدني بسبب ذلك، وخيالات أخرى تطول.

مأساتي تزداد يوما بعد يوم، أصبحت أحب الوحدة، وأكره الخروج من المنزل، وأكره المناسبات، بل أكره حتى الاجتماع بالأهل؛ لأنني أفضل أن أكون غارقة في أحلامي وعالمي الذي أرسمه كما أريد.

أرغب بشدة في أن أتخلص من هذه الأحلام والخيالات التي ضيعت وقتي، وتكاد تنهيني وتدمرني، أثرت علي بشكل فضيع حتى في شخصيتي.

أيضا أحس بأنني أرتكب ذنبا عظيما، وأنني أُغضب ربي بهذا؛ لأنني غير راضية بما قدّره الله لي، رافضة للواقع تماما، وغير راضية أبدا، وساخطة على الحياة منذ الصغر.

هذه الأحلام تكاد تقضي على مواهبي، فأنا أمتلك مواهب متعددة: كالرسم، والطبخ، وكل من يشاهد رسوماتي يقول كأنها حقيقة وليست رسومات.

لكن أنا لا أطوّر مواهبي، وأكاد أن أنساها وأفقدها؛ لأنه ليس لدي وقت، فكل وقتي أقضيه في أحلامي وخيالاتي التي لا تنتهي أبدا.

في الآونة الأخيرة أدركت خطورة ذلك، وأصبحت أحاول أن أشغل نفسي، وذلك بمشاهدة التلفاز، أو أساعد أمي وأختي الكبرى بالأشغال المنزلية، وأصبحت أجلس مع أهلي وأخصص وقتا لقراءة وتدبر القرآن وذكر الله، طبعا أنا أرغم نفسي على ذلك.

قلّت نسبة الخيالات عندي، وبدأت ألاحظ تحسنا في شخصيتي، وأصبحت أكثر مرحا من قبل، لكن أنا أريد أن أقضي على هذه الخيالات تماما، وأخشى الانتكاسة بعد هذه المحاولات.

لذلك أطلب منكم مساعدتي بعد الله، وأتمنى أن تعطوني حلولا أستطيع أن أفعلها من غير أن أذهب إلى طبيب نفسي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.

كيف يمكن أن يعيش الإنسان لولا فسحة الخيال، فحقائق اليوم خيالات الأمس، وخيالات اليوم حقائق الغد؛ كما يقولون.

ولكن وككل شيء آخر، ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، ولا شك أن طبيعة طفولتك بالشكل الذي ورد في سؤالك يبرر زيادة الميل إلى هذا الخيال.

لا أنصح بأن تضعي لنفسك هدفا هو الامتناع الكلي عن عالم الخيال، فالأمر مستحيل أولا، وستشعرين بالانتكاس في أقرب وقت، مما قد يؤثر سلبيا عليك وعلى نفسيتك.

من الواضح أنك قد انتبهت مؤخرا لمضار الكثير من عالم الخيال، وقد بدأت من نفسك بالخروج من عزلتك والاختلاط أكثر بالناس، وعلى الأقل مع والدتك وأختك الكبرى، وهذا تحسّن ممتاز، وهو بفضل جهودك الخاصة، فاستمري عليه.

وربما وراء هذا الميل للخيال شيء من الخجل أو الارتباك الاجتماعي، فانتبهي أن لا يدفعك هذا للانسحاب من الأنشطة الاجتماعية ومن لقاء الناس، فهذا التجنب لا يحل المشكلة, وإنما يعقـّدها لحد قد يصل للخجل الاجتماعي، والذي لا يبدو أنه موجود الآن، ولكن انتبهي لهذا.

وكم سررت من إمكاناتك ومواهبك في الرسم وغيره، فاحرصي على هذه الموهبة التي منحك الله إياها، فهي قد تتيح لك فرصة إضافية للقاء الناس والاختلاط بهم.

حفظك الله ورعاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً