الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نستطيع أن نحقق الاستقرار النفسي والاسترخاء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلنا لنا محطات في الحزن والابتلاءات والأمراض، فكيف نستطيع أن نحقق السلام الداخلي، والراحة النفسية الداخلية والاسترخاء العميق؟ وكيف نحكم العقل على القلب، ونمنح الروح طمأنينة، ونكون قائدين لأنفسنا في ظروفنا الصعبة؟ وكيف نظل على برمجة عصبية لا تتغير مع تغير الظروف النفسية المحيطة؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمزي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلكل إنسان آلياته النفسية التي تُحدد درجة استقراره النفسي، وكما تعرف: ما يوائم شخصًا ما قد لا يتلاءم مع غيره من الناس، وهكذا.

هذه حقيقة أولية معلومة، لذا: لا يمكن أن يكون هنالك استواء في مزاج الناس، أو حتى طريقة واحدة؛ لأن تجعل الإنسان في حالة هدوء واسترخاء، وأن تتحكم عقولهم على قلوبهم، وأن نمنح الروح الطمأنينة.

فيا أخِي الكريم: الإنسان لا بد أولاً: أن يستكشف ذاته، فالاستكشاف الصحيح للذات هو أول طريقة؛ لأن الاستكشاف الصحيح لنفسك فيه معرفة محاور قوتها، وضعفها، وماذا يثيرها؟ وماذا يغضبها؟ وماذا يفرحها؟ وما هو التخطيط والآمال نحو المستقبل؟ هذا لا بد أن يستكشفه الإنسان، يستكشفه استكشافًا دقيقًا.

ثانيًا: أن يفهم ذلك، يعني: يفهم نقاط قوته ونقاط ضعفه، ويحاول أن يُصلح هذه بتلك.

ثالثاً: وهو المهم: أن يطور ذاته، وتطوير الذات يجعل الإنسان يشعر بالراحة النفسية، ويجعله يكون مطمئنًا؛ لأن الإنسان لا تأتيه الطمأنينة إلا من خلال تحفيز ذاته، يعني: تحفيز الآخرين لا بأس به، لكنه لا يعطيك الطمأنينة الحقيقية، لذا: فالإنسان الذي يؤدي عباداته على الطريقة الصحيحة: الخشوع في الصلاة، التأمل، صلاة الليل مثلاً، فهي لحظة انقطاع تام مع النفس، أو هكذا من المفترض أن تكون، والإنسان حين يؤديها على هذه الشاكلة يكون قد حفز نفسه، ومن هنا يشعر الكثير من العُبَّاد الحقيقيين براحة عظيمة.

فتحفيز الذات مهم جدًّا، وتحفيز الذات يكون في كل أمر يُنجزه الإنسان، وتحفيز الذات كثيرًا ما يحركه حقيقة لوم النفس، فالنفس حين تكون نفسًا لوّامة تجر صاحبها نحو الطمأنينة ولا شك في ذلك، أما النفس الأمارة بالسوء – النفس المعاندة، النفس المظلمة كما نسميها – هذه تقود صاحبها إلى الشر، والشر يُبعد الإنسان عن الطمأنينة تمامًا.

فيا أخِي الكريم: من خلال هذه الآليات البسيطة جدًّا يستطيع الإنسان أن يصل إلى ما يمكن أن نسميه بالراحة النفسية الداخلية، من خلال استكشاف الذات، تفهم الذات، وتطوير الذات، وأن أسعى لأن أنقل نفسي إلى مرحلة الطمأنينة من خلال الاستفادة من طاقاتها اللوامة، والطاقات اللوامة مهمة جدًّا للإنسان.

فالإنسان الذي لا تلومه نفسه لا يمكن أن يسعد من وجهة نظري.

أيضًا: وضع الهدف، الإنسان لا بد أن يكون لديه هدف، هدف حقيقي في الحياة، وهذا الهدف الحقيقي يجب أن يُوصله إلى أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره، هذا أيضًا تحفيز داخلي مهم جدًّا.

وكذلك: من المهم أن يعرف الإنسان أن هذه الحياة عابرة ومؤقتة جدًّا، لذا: يجب أن يستفيد من كل لحظة فيها على الوجه الأكمل والأفضل والأسلم، وهذا يجر الإنسان إلى الطمأنينة؛ لأن الأشياء الغير محددة، الأشياء الهلامية، الأشياء التي لا تُعرف حدودها، لا تُعرف بداياتها، لا تُعرف نهاياتها، دائمًا تُفقد الإنسان الشعور بالطمأنينة والأمان، لكن الأمر الذي أعرفُ بدايته وأعرفُ نهايته قطعًا أستفيد منه كوقت، أستثمره بصورة صحيحة، وهذا يجلب السعادة والاسترخاء.

بقي بعد ذلك أمور أساسية أخرى، منها: إدارة الوقت بصورة صحيحة، الإنسان الذي يدير وقته بصورة صحيحة، يخصص وقتًا لعمله، ووقتًا للقراءة، ووقتًا للاطلاع، ووقتًا للترفيه عن النفس، والتواصل الاجتماعي، والعبادة ... وهكذَا.

إذن: حسن إدارة الوقت يعني: حسن إدارة الحياة، وحسن إدارة الحياة تعني لدرجة كبيرة الشعور بالاسترخاء وراحة البال.

التغذية الصحيحة المتوازنة أيضًا مهمة جدًّا.

فيا أخِي الكريم: هذه هي الأمور التي يجب أن نركز عليها، ولا توجد برمجة عصبية تجعل الإنسان يسير على نمط أو نسق واحد، بل هذه لا نفضلها.

الإنسان لا بد أن يطلع وينزل كالزئبق، لا بد أن تكون هنالك مرونة، وحتى جينات الإنسان اتضح الآن أنها تتغير مع تغير الزمن، لا تتغير في هيأتها التكوينية الأساسية، لكنها تتواءم مع التطور، مع الظروف، ودائمًا نقول: إذا رُزق الإنسان ابنًا حين كان عمره عشرين عامًا ورزق ابنًا آخر حين كان عمره سبعين عامًا، لا يمكن أن يكون الولدين على نفس المستوى من السمات والصفات، الولد الذي أُنجب عند عمر السبعين لا شك أنه نتاج لتغير في تطورات الجينات واكتسابها الخبرة والمهارة، هذه الخبرة والمهارة قد تكون سيئة أو قد تكون إيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية روان

    جميل

  • ليبيا ياسمين

    جزاكم الله خيرا

  • مصر احمد

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً