الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع تصرف زوجي العصبي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة متزوجة منذ 12 سنة، من زوج من نفس عائلتي، وكنت مقتنعة به تماماً بل تحديت أهلي بإصراري على الزواج منه، هو في نفس عمري، وعندي منه 5 أطفال، أكبرهم في الصف السادس الابتدائي.

مشكلتي مع زوجي: أنه من بداية الزواج إذا اختلفنا على أي موضوع في البيت يقوم بطرح الموضوع أمام أي إنسان نقوم بزيارته، ويستخدم طريقة النقد، ويكون عصبياً، وأنا أكون في موقف محرج للغاية، ولا أستطيع الرد، وبعد رجوعنا للبيت يرجع لوضعه الطبيعي، وكأن شيئاً لم يحدث!

هذا الموضوع يتكرر غالباً إذا حدث اختلاف في وجهة النظر، تحدثت معه مراراً لكن بلا جدوى، وأيضاً استعنت بعمي ليوضح له، ولكنه لا يستجيب.

دلوني، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونؤكد لك فعلاً أن ما يحصل يُزعج الإنسان، ولكن ينبغي أن تُدركي أن الحياة لا تخلو من المشاكل، وأن بيوت الناس فيها مشاكل؛ فكوني مطمئنة أن عند الناس مشاكل أكبر وأعظم، وإن كانوا لا يتكلمون بها، ولذلك لا تعطي الموضوع أكبر من حجمه.

نحن نوقن أن ما يحصل فيه إزعاج وفيه إحراج، لكن ينبغي أن تعلمي أننا لا نكلم ملائكة أطهاراً، وإنما نكلم بشراً شأنهم الخطأ، وعندهم خلافات وعندهم مشاكل كبيرة جدًّا، فهوني على نفسك من هذه الناحية.

الأمر الثاني: طالما أن هذا الرجل يعود إلى طبيعته في البيت؛ فهذا هو المهم، والعبرة بأن نكون نحن سعداء فعلاً، وليس العكس؛ لأن بعض الناس يُظهرون في الخارج أنهم سعداء وعلى وفاق، وإذا دخلوا إلى البيت حوّلوه إلى جحيم، والآن زوجك في الخارج له إشكاليات لكن يعود إلى وضعه الطبيعي، هذا قطعًا مرفوض لكنه أخف من النوع السالب بكل أسف، الذي يكون خارج بيته في غاية الظرف والأدب (وكذا) فإذا دخل البيت تحول إلى شيطان متمرد، والعياذ بالله.

النقطة المهمة التي نريد أن نهتم بها: ربما يكون السبب في هذا خلفيته التربوية، ربما يكون السبب في هذا هو أنك ناجحة ومشهورة وممدوحة بين الناس فهو يريد أن يُظهر جوانب النقص التي عندك، وفي هذه الحال نحن نتمنى دائمًا أن نشترك في النجاح، إذا كانت لك نجاحات في الحياة فينبغي أن تنسبيها له، تقولين: (نجحنا وفعلنا وجئنا، وهذا بفضل زوجي، حفظه الله، وبعد الله هو الذي كان سندًا لنا) والحمد لله أنك متفهمة لهذه الأمور، وهؤلاء الأطفال -إن شاء الله تعالى- رمز وعلامة على السعادة، نسأل الله أن يعينك على الخير.

نتمنى أن ندرك أيضًا هل هذا الوضع جديد أم هو أمر كان منذ البداية في هذه الحياة الممتدة بينكم؟ وهل هذا التصرف يحصل دائمًا مع الناس، يعني أمام الناس يُظهر أنه مظلوم وأنه حصل له كذا، أم فقط في المشكلات الخاصة بالعلاقة أو الحياة الزوجية؟

نحن نؤكد أن من حقك أن تنزعجي لكن ليس بهذا الحجم، وليس بهذا الإشكال، واجتهدي أصلاً في تفادي المشاكل من أصلها، وحاولي دائمًا -وقد فهمت نفسية هذا الرجل- أن تسيري معه على الطريقة التي لا تجلب له الانزعاج ولا تجلب له الضيق، وحاولي دائمًا أن تكون الزيارات للأهل قصيرة، وأن لا تفتحوا ما بينكم من خلافات، المهم اتخاذ الأسباب المناسبة للتقليل من هذا الذي يحدث الإزعاج، وقد ننجح -بإذن الله تعالى- بالاستعانة به في تغيير هذه الصورة.

كنا نتمنى أن نعرف نوعية المواضيع التي يطرحها (مثلاً) وما هو الرد الذي يرد به عندما تكلمينه في البيت، عندما تعاتبينه، عندما تناقشينه؟ ما هي الردود التي يرد بها؟ ثم من هؤلاء الناس الذين يتكلم أمامهم هل هم لهم سلطة؟ هل هم رقم في حياته؟ هل هم من الناس الذين يمكن أن ينتفع بنصحهم؟

هذه أسئلة -إن شاء الله تعالى- ستوضح الصورة أكثر، لكن نتمنى أن تتعاملي مع الوضع بهدوء، فلا تظني أن الناس بلا مشاكل، وإن لم تظهر مشاكلهم فهذا لا يعني أنهم في أمان، بل ربما كانت حياتهم أسوأ بكثير، فلا تغتمي، ولا تهتمي أكثر من اللازم لهذا الذي يحدث، وحاولي أن تتعاملي مع زوجك بمنتهى الهدوء، وتجنبي أيضًا المناقشة أمام هؤلاء الأطفال الصغار، فإن هذا يؤثر عليهم.

نحن نتمنى من كل زوجين أن يُبعدوا مشاكلهم ومناقشاتهم عن أعين أطفالهم وآذانهم، كذلك بعيدًا عن أعين الجيران وآذانهم، وأن يحرصوا دائمًا على أن يحلوا مشاكلهم بالأسلوب المناسب، وفي التوقيت المناسب، وبعد التهيئة التي نركز فيها على الإيجابيات، ننبه لجوانب الخلل، فإن هذا ما يقتضيه الإنصاف.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً