الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة شرود الذهن والقلق أثرت على تحصيلي الدراسي، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب مغترب منذ 3 سنوات، قبل عام ذهبت إلى طبيب نفسي، بسبب قلق واكتئاب بسيط، ووصف لي الطبيب (باروكستين) ل 6 أشهر، وتحسنت عليه -والحمد لله- بنسبة 60%، وأوقفت الدواء 6 أشهر أخرى، لكن بدأت تزعجني أعراض القلق والشرود الذهني، وتطاير الأفكار؛ مما أثر على تحصيلي الدراسي بشكل ملحوظ، بدأت أتناول (دوجماتيل) و(موتيفال) لمدة شهر، واستفدت من (الدوجماتيل) أكثر، لكن من الناحية الجسدية، أما من ناحية تطاير الأفكار فلا.

رجعت إلى الطبيب مرة أخرى، فوصف لي (تجريتول200) -كاربامازيبين- حبة صباحا وأخرى مساء، والآن لي أسبوع تقريبا ولم أشعر بتحسن.

ملاحظة: نوبات تطاير الأفكار تكون أكثر شيء في الصباح، خاصة عند الاستيقاظ من النوم، وتكون مزعجة بشكل كبير، وأذهب إلى الجامعة؛ مما يشوش التركيز.

أمر آخر: إن كل هذه الأمور تحدث فترة الغربة، أما عند زيارة الأهل تختفي تدريجيا -والحمد لله-.

وجزاكم الله كل خير على هذا الموقع الجميل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قطعًا نحن نشكرك أيضًا على رسالتك الجميلة لموقعنا الجميل هذا –كما ذكرتَ– فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
الحالات النفسية -إن كانت الأعراض بسيطة أو شديدة– إذا لم يستجيب الإنسان للعلاج؛ فالخطوة الأولى التي يجب أن يقوم بها الطبيب المقتدر هي: مراجعة التشخيص –هذا مهم جدًّا–؛ لأن التداخل بين الأعراض النفسية والتشابك فيما بينها كثير جدًّا، وكثيرًا ما تجد حالات قد شُخَّصت مثلاً أنها اكتئاب ولم تكن اكتئابًا، إنما كانت حالة أخرى كالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية مثلاً، أو حالات شُخَّصت بأنها وساوس قهرية وهي لم تكن كذلك، إنما كانت مرض الفصام مثلاً، وهكذا.

فيا أيها الفاضل الكريم: أنا لا أريد أن أُشكك أبدًا في حالتك، ولا أريد أن أثير لديك الاستغراب أو الشفقة، وأرى أن حالتك بسيطة، لكن أعتقد أن إعادة النظر فيها من الوضع التشخيصي مهم.

أنت تناولت عقار (تجراتول) وهو دواء خاص جدًّا، يستعمل في تحسين المزاج وتثبيته، والطبيب أعطاه لك بجرعة طيبة، وهي أربعمائة مليجرام، فإذا كان هذا التشتت أو التطاير الذي يحدث في تركيزك ناتجًا من اضطراب وجداني فكان من المفترض أن ينتظم مزاجك مع هذا الدواء مما يحسن تركيزك، لكن هذا لم يحدث.

أُعطيتَ أيضًا عقار (باروكستين) وهو دواء ممتاز جدًّا، تحسّنتَ عليه، لكن بعد ذلك لم تسر الأمور كما تريد.

تناول الدوجماتيل والموتيفال في نفس الوقت، لا أرى أنه قرار سليم، لكن ليس هنالك خطورة، إلا أنه لا داعي لأن يتناول الإنسان البندول والبروفين في نفس اللحظة، هي أدوية متقاربة جدًّا، وربما تكون هنالك تفاعلات سلبية فيما بينها.

إذن نحن الآن في موقف -أخي الكريم أبو عبد الله– أدعوك لأن تذهب إلى الطبيب لتراجع حالتك -هذا مهم جدًّا– وأود أن ألفت الانتباه لشيء معين: أن بعض الأشخاص الذين كانوا يعانون من كثرة الحركة أو ضعف الانتباه في أثناء الطفولة ربما يحدث لهم هذا أيضًا في مرحلة اليفاعة والشباب، بمعنى أنهم يعانون من علة تعرف بعلة (ضعف الانتباه) وأحيانًا يكون معه كثرة الحركة، أو قد تكون غير موجودة، هذا من التشخيصات التي أصبحنا نهتم بها الآن كثيرًا؛ لأن علاجه علاج خاص جدًّا لا يستجيب إلا لأدوية معينة منها: عقار يعرف بـ(استراتيرا) وعقار آخر يعرف باسم (أونسيرتا).

أنا قطعًا لا أريدك أن تُملي على طبيبك أشياء، لكن يجب أن يكون هنالك تأكد أنك لا تعاني من علة (ضعف الانتباه) وليس من الضروري أن تكون هنالك زيادة في الحركة، وهذه إذا شُخصت سوف يكون علاجها سهلاً -إن شاء الله تعالى-.

قطعًا الاكتئاب النفسي وكذلك القلق النفسي يؤديان إلى الكثير من التوترات، وأنا من تجربتي المتواضعة أن عقار (ويلبيوترين) والذي يعرف علميًا باسم (ببربيون) -وهو متوفر في مصر– ربما يكون دواءً جيد جدًّا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، ولسنا متأكدين إن كان اكتئابهم هذا آحادي القطبية أم أنه ثنائية في القطبية.

هذه بعض الأمور الفنية المعقدة، لا أريد أن أشغلك بها، لكن أيضًا تأتي تحت موضوع التشخيص ودقة التشخيص.

بصفة عامة: الفحوصات العامة أيضًا مهمة للتأكد من وظائف الغدة الدرقية ومستوى الدم؛ لأن هذه إن كانت ضعيفة أو فيها زيادات ربما تؤدي إلى عسر المزاج، وكذلك ضعف التركيز وتطاير الأفكار.

وهنالك أُسس عامة لا بد أن تتبعها، وهي:
1) أن تمارس الرياضة.
2) أن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة.
3) أن تعرف أن أفضل وقت للاطلاع والمذاكرة هو بعد صلاة الفجر، ساعتان من المذاكرة بعد صلاة الفجر تعادل ست ساعات من المذاكرة خلال اليوم، هذا الكلام مثبت ومعروف تمامًا.
4) الترتيب الغذائي أيضًا مهم جدًّا.

فأرجو أن تحرص على هذه الآليات التي ذكرتها لك، وأرجو أن تذهب إلى الطبيب، وأود أن تفيدني بنتيجة مقابلتك معه، و-إن شاء الله تعالى- نساهم بما نستطيع من أجل أن تُصب الأمور كلها في مصلحتك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً