الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخواني يتشاجرون دائمًا ولا يستمعون لنصحي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 17 عاماً، ولدي 3 من الإخوة و 4 من الأخوات، وأنا الخامسة، وأبي متوفىً منذ 4 أشهر، وأمي بخير -والحمد لله-، أخي الكبير عمره 24 هو من تولانا بعد أبي -والحمد لله- فيه الخير الكثير، لكن أخي الأصغر منه عمره 21 عاماً وجوده مثل عدمه، أبي كان في المستشفى سنة كاملة قبل وفاته، ولكن أخي هذا لم يساعد أخي الأكبر نهائياً، وكان الحمل على أخي الأكبر، فكان يستشيط منه غضباً، لدرجة أنهم في مرة من الأيام تضاربوا، وكاد يقتله بالساطور، وأخي الأصغر إلى الآن نفس هذا الحال، وأخي الأكبر يتصبر منه على ألا يضربه، وهو لا يصلي بعض الصلوات، ويدخن كذلك، مع أن أمي تنصحه ومنعته لكنه لا يستمع لها أبداً، ويرفع صوته على أمي، وأخي لا يطيقه، وإذا تحدثا مع بعض تضاربا، وأنا -ولله الحمد- ولا أزكي نفسي على الله محافظة على ديني وحجابي، نصحتهم لكن لا يستجيبون لي، وأدعو الله لهم لعلهم يهتدون لبعض.

أعتذر على التطويل ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله أن يرحم والدك برحمته الواسعة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يبارك لكم في الوالدة، وأن يعينك على الخير، ونشكر لك حقيقة هذه المشاعر النبيلة، ونعتقد أنك بهذا الوعي وبهذا النضج قادرة بإذن الله تبارك وتعالى على التأثير على الأخ الأكبر، وعلى السعي في هداية ونصح هذا الأخ الذي يليه في الصغر، ونتمنى أن يكون للوالدة مواقف واضحة في النصح، والبيان لكل منهما.

وأرجو أن تعرفوا للشقيق الكبير قدره ومقداره ومكانته، وشجعيه على الصبر على أخيه، والإحسان إليه، والتواصل معه، لأنه الأصغر والأجهل، ولأن الأخ الأكبر الآن في مقام الوالد، ونشكر له بره وإحسانه لوالده.

وهذا الثاني يحتاج إلى شفقة منكم؛ لأنه إذا قصر في بر أبيه، فماذا تنتظرون منه إلا أن يهديه الله، إذا هداه الله تبارك وتعالى فسيكون في صحائف أعمالكم، وسيكون كذلك في صحائف الوالد، ويستطيع بالدعاء وفعل الخير ونحو ذلك من الأمور التي تصل للميت، يستطيع أن يحصل ويعوض عن ذلك العقوق الذي مات الوالد وابنه مقصر في حقه.

ونتمنى أيضًا أن تتفهموا طبيعة المرحلة العمرية، وأيضًا طبيعة الوضع الذي يعيش فيه، ونتمنى أن يعزل من هذه الرفقة، وأن يُعطى مسؤوليات، ولا بد للوالدة أن يكون كلامها واضحاً؛ لأن شفقة الوالدة مع شدة الأخ قد يعطيه فرصة للتمادي، ولكن إذا علم أن جميع أهل البيت في خط واحد، وأن جميعهم يرغبون في هدايته وعودته إلى الله تبارك وتعالى، ففي ذلك عون له على الشيطان، وعون له على طريق العودة والإنابة لله تبارك وتعالى.

ونتمنى من الأخ الأكبر أيضًا أن يستحضر هذا المعنى، فالهم والمطلب والرغبة الآن في هداية هذا الأخ، في عودته إلى الحق والصواب، في أن يكون مطيعًا لله تبارك وتعالى قبل أن يقوم بدوره تجاه الأسرة، لأنه إذا أطاع الله علمته طاعة الله تبارك وتعالى الوفاء للوالدة وللوالد المتوفى، ولكم أنتم أيضًا، فلا تستعجلوا عليه، وحاولوا أن تغيروا أسلوب التعامل معه، وليحاول الأخ الأكبر أيضًا إعطاءه قيمة ومكانة والصبر عليه.

نحن نصبر على الآخرين، على كل الناس، والإنسان في وجوده في المجتمع له ضريبة، فالناس فيهم أذىً، فنحن نصبر على الآخرين، فكيف لا نصبر على إخواننا وأحبابنا؟! هم أولى بمزيد من الصبر، وقدوتنا في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم – الذي صبر على أرحامه وأقاربه – عليه صلاة الله وسلامه – وهذا الذي ننتظره من هذا الأخ، لأن صبره وإحسانه وإقباله على أخيه الأصغر من أهم أسباب عودة أخيه للحق وللصواب، وهذه السن لا ينفع فيها الجدال، لأنه يحمله على العناد، ولا تنفع فيها المناظرات لأنها لا تصل إلى شيء، ولا تنفع فيها القوة لأنها هي سن التهور، ولكن الحوار الحوار الحوار، والحوار يوصل إلى الإقناع، قيل: إذا أردت أن تُطاع فعليك بالإقناع.

نسأل الله أن يقر أعينكم بصلاح هذا الأخ، وأن يلهمه السداد والرشاد، وأن يعينه على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً