الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الموت ومن فقد أمي وأتوهم المرض الخفيف بأنه مميت.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دكتور: عمري 14 سنة، وأخاف من الموت جدا، وطول يومي أفكر فيه وأحس نفسي غير سعيدة أبدا، أخاف من الموت والمرض جدا، وأخاف من فقد أمي، وأتخيل شكل أمي وهي تبكي عندما أموت، أفكر بأمي جدا وأخاف من فقدانها.

عندي مشكلة ثانية وهي: أنني أتوهم المرض، مثلا: لو أصبت بالصداع أفكر أن عندي سرطانا في المخ، إذا معدتي آلمتني قليلا أفكر أن عندي سرطان القولون.

دكتور: كيف أحل هذه المشكلة، والله تعبت -يا دكتور- من هذه الأفكار، أنا أدري أنها وسواس قهري، لكن أريد أن تنصحني كيف أتخلص من هذا الوسواس، وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي بك هو: نوع من الوساوس القلقية، والتي تحمل سمات المخاوف، هذه الحالة -إن شاء الله تعالى- تكون عرضية في المقام الأول، يعني أنها لن تستمر معك، وتلقائيًا أو ببعض الوسائل السلوكية يمكن أن تختفي تمامًا -بإذن الله تعالى-.

أُولى خطوات العلاج هي: رفض الفكر الوسواسي.

ثانيها: بناء قناعات جديدة حول الموت، وأهم القناعات: أن يعرف الإنسان أن موضوع الموت لا يستطيع الإنسان أن يُديره، لا يستطيع أن يتحكم فيه، لا يستطيع أن يتصرف فيه، لا يستطيع أن يؤجله أو يقدمه، لكنّ حياتنا نستطيع أن نُديرها، نستطيع أن نرتبها، نستطيع أن نكون فاعلين فيها، ونستطيع أن نعمل لما بعد الموت، هذا مفهوم حديث، مفهوم ضروري جدًّا إدراكه لدى كل الذين يخافون من الموت، القضية ليست قضية ضعف في الإيمان أو قوة في الإيمان، هي ظاهرة نفسية -ظاهرة الخوف من الموت- تقوم على فكرٍ وسواسي يتميز أيضًا بالقلق؛ فإذًا الخطوة الأولى هي أن تصححي المفاهيم.

والدتك كوني أكثر برا بها، وقضية أن تتخيلي أن شكلها وهي ماتت، هذا فكر يجب أن ترفضيه، تحقريه، تستعيذي بالله منه، ولا تندمجي معه، ولا تسترسلي في مثل هذا التفكير، حين تأتيك هذه الخاطرة الوسواسية خاطبي الخاطرة مباشرة، وقولي لها: (أنت خاطرة وسواسية قبيحة حقيرة، لن أناقشك، ولن أهتم بك، أُمي في حفظ الله وتحت رحمته ورعايته) هذا يكفي تمامًا.

التعامل مع الوسواس يكون أيضًا من خلال الانغماس فيما هو مفيد، ولا يمكن أن ننغمس ونجتهد فيما هو مفيد إلا إذا أدرنا وقتنا بصورة جيدة، وتخلصنا من الفراغ؛ إذًا يجب أن تضعي برامج يومية تديري من خلالها أنشطتك المختلفة، والأنشطة المختلفة ليس من الضروري أن تتمركز فقط حول الدراسة، الدراسة مهمة جدًّا ويجب أن نعطيها وقتها، لكن الإنسان يجب أن يُشكل في أنشطته اليومية من نوم سليم، ممارسة الرياضة، قراءة طيبة، الاهتمام بالعبادات، الاهتمام بالترفيه عن النفس فيما هو مباح ومتاح، التواصل مع الصديقات، تخصيص وقت لقراءة شيء من القرآن، ويا حبذا لو كان هذا مع بعض الشابات أو في مراكز تحفيظ القرآن، وهكذا.

الحياة على هذا النمط لا تترك مجالاً للمخاوف ولا للوساوس، الوساوس والمخاوف كثيرًا ما ندعوها لتأتينا وتتأصل فينا وتسكن معنا، وذلك من خلال الفراغ، التكاسل، والانقياد بالمشاعر السالبة، لا، أنت أمامك فرصة عظيمة جدًّا أن تتغيري إذا اتبعت هذا المنهج الإرشادي الذي ذكرته لك.

أضف إلى ذلك ينبغي أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، قلق المخاوف الوسواسي هو في الأصل قلق نفسي، والقلق النفسي لا يُطرح بعيدًا ولا يُزال إلا من خلال تطبيق الاسترخاء، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتستفيدي منها.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: أنت لست في حاجة إلى علاج دوائي، كل الذي هو مطلوب منك: أن تستفيدي مما ذكرتُه لك، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وعليك بالدعاء، نحن في هذه الأيام الطيبة، نسأل الله تعالى أن يعتق رقابنا ورقاب والدينا من النار، وأن يبعد عنك هذه الوساوس والمخاوف.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ياسين نيد منصور

    شكرا جزيلا دكتور .. فعلا أرحتني بكلامك أتمنى من الله أن يجازيك و يرفع من شأنك فأنت الدواء لذي أراح قلبي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً