الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سمعي ضعيف ولا أرى إلا بعين واحدة.. فهل أخبرها بعيبي؟

السؤال

أنا أعاني من الضعف في السمع، وكذلك لا أرى إلا بعين واحدة، أما بالنسبة للعين فهي إعاقة غير مرئية، وبالنسبة للسمع فأنا أضع سماعة طبية، وهي واضحة للعيان، وأنا -والحمد لله- خريج معهد متوسط، وأدرس الحقوق، وخلال هذه السنة سوف أتخرج بإذن الله، وأنا معجب بفتاة وأريد الزواج بها، وأخاف أن أطلب الزواج بها، وذلك لإعاقاتي التي ذكرتها آنفا، وكذلك خوفا من فقري، علما أنها معي في العمل، وشهادتها هندسة، وذات حالة مادية جيدة، وكذلك أخاف أن أصارحها بموضوع إعاقتي بالعين مع أنها إعاقة غير مرئية، فأنا محتار هل أخبرها بإعاقتي بالعين أم لا أخبرها؟ وأخاف الرفض أيضا فما الحل؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ sami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك أيها الابن الكريم في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونحب أن نؤكد لك أن الإعاقة وأن المرض ليس عيبًا؛ لأن الإنسان لا يد له فيه، وهذا امتحان وبلاء من الله تبارك وتعالى، وقد ينجح الإنسان المعاق، قد ينجح الإنسان الفاقد للبصر، وقد ينجح الإنسان الذي عنده عرج، وقد ينجح الإنسان الأعمى، فكثير من الناجحين عندهم هذه الأشياء، بل الدراسات تثبت أن عددًا كبيرًا من هؤلاء من الذين تركوا بصمات واضحة في الحياة.

لذلك ينبغي أن تكون واثقًا من أن الله تبارك وتعالى إذا أخذ شيئًا عوض بأشياء، وميز الإنسان بجوانب أخرى، فالله تبارك وتعالى هو الوهاب سبحانه وتعالى، ونعم الله مقسمة، وكل إنسان فيه عيوب وفيه نقائص، كلنا ذلك الناقص الذي عنده شيء من الخلل وفيه شيء من الإيجابيات، والسعيد هو الذي يعرف نعم الله عليه فيؤدي شكرها، ولن يستطيع أن يعرف نعم الله إلا إذا نظر إلى من هم دونه في كل شؤون الدنيا (في العافية، في المال) فعند ذلك سيلهج لسانه بذكر الله الوهاب، (انظروا إلى من هو أسفل منكم، انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم كي لا تزدروا نعمة الله عليكم).

واعلم أن الشاب مهما كانت فيه من إعاقات أو نقص أو كذا أو مرض سيجد من الفتيات من ترضى به ومن تقبل به ومن ترضاه زوجًا، وعندنا تجارب كثيرة في هذا، بل هناك فتيات صحيحات تزوجن من معاقين، وإحداهنَّ طلبت مني أن أتدخل، وكانت تقول: (كان مهذبًا، وكان بارعًا في جماله رغم أنه فاقدًا لبصره، إلا أن فيه جمالا خارقا) لذلك نحن نريد أن نقول: إذا أخذ الله شيئًا عوض بأشياء، والإنسان ينبغي أن ينظر بهذه الطريقة، كل من تشاهدهم أمامك فيهم عيوب وفيهم إيجابيات، بعضهم تراه في مظهر سليم، لكن عنده أمراض مستعصية، أنت في عافية منها.

ولذلك ينبغي أن تُقبل على حياتك، ولكن نحن دائمًا نريد للإنسان عندما يريد أن يتقدم للفتاة أن يكون بطريقة صحيحة، يطرق باب أهلها، يأتي بوجهاء يتكلمون باسمه، ولا مانع من أن يُخبروا بما فيه، هذا ليس عيبًا، خاصة مثل هذه الأمور بيانها لا أعتقد أن فيه إشكال، ويمكن أيضًا أن يُبين عن طريق إحدى محارمك أو إحدى أخواتك، يعني تكلم الفتاة أو نحو ذلك، ودائمًا الحياة الزوجية ينبغي أن تُبنى على الوضوح، خاصة في مثل هذه الأمور التي تؤثر على مسيرة الإنسان كفقد البصر أو غيرها، وهو في النهاية (أكرر) ليس عيبًا، الشيخ ابن باز كان فاقدًا لبصره، وهو علم من أعلام الأمة، من أكثر من خدموا الأمة، وغيره عبر تاريخنا كثير من النجوم والمبدعين والكبار والعظام، والنجوم الذين أعنيهم: الذين تركوا أشياء إيجابية، ليس كما يفهم الناس من نجوم هذا اليوم (نجوم الفن وغيره).

فأنا أريد أن أؤكد أن الإعاقة ليست عيبًا، وليست مانعة من الزواج، ولكن الإنسان ينبغي أن يبدأ بخطوات صحيحة، يتقدم للفتاة في الوقت الصحيح، يطرح نفسه بطريقة صحيحة، وعليهم أن يقبلوا أو يردوا بأدب، فلا مانع، وليس عيبًا في الشاب أن ترفضه الفتاة، وليس عيبًا في فتاة أن يرفضها شاب، وحتى بين الأسوياء وبين أصحاب الوجهات هناك من يرفض وهناك من ترفض، لأن المسألة تلاقي بالأرواح وتلاقي بين القلوب، وقبل ذلك هو تقدير علام الغيوب سبحانه وتعالى.

فالإنسان يسعى ويبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ونحن نعتقد أن الرجال من أمثالك الناجحين في حياتهم، الذين درسوا، الذين يعلمون، أرقام مطلوبة وعملة نادرة في زماننا.

ومن يريد الزواج الشرعي، ويريد الاستقرار هذا نادر، ولذلك ستجد أن هذه الفتاة أو غيرها ستقبل بك، فلا تتردد، واسع في إكمال مشوار الحياة، لعل الله أن يرزقك بأطفال يكونون إلى جوارك، ويكونون عونًا لك، وهذا ينبغي أن ننبه له، حتى المعاقين والمعاقات المجتمع ينبغي أن يسعى في تزويجهم، لأنه سيأتي لهم أطفال (أحباب) يتولون رعايتهم والاهتمام بهم، وإكمال مشوار الحياة معهم، ولذلك هذه من المسائل المهمة جدًّا، ولم تكن الإعاقة أيًّا كان نوعها أو شكلها في يوم من الأيام عائقا في طريق الزواج.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا جميعًا على الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، نتمنى أن تسعى في هذا المشروع بخطوات واثقة، تتوكل فيها على الله، تستعين فيها بالله تبارك وتعالى، ترضى فيها بقضاء الله وقدره، ونسأل الله لك التوفيق والهداية والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً