الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل السبب في عدم زواجي ووظيفتي طريقة المشي التي أمشي بها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا آنسة عمري 35 سنة، ومضى على تخرجي 10 سنوات، عشت طفولة عادية، ألعب مع بنات الجيران، وأحب اللعب معهم، وكنت متميزة بينهم بذكائي ودراستي، فقد كنت ناجحة ومتفوقة، وما إن وصلت إلى مرحلة المراهقة تغير كل شيء، فكل بنات الجيران لم يعدن يخرجن للعب، ولا أنا كذلك، فكلهم أصبحوا يجلسون في منازلهم، ويذهبون فقط للدراسة، إلا أنا، فقد كنت أذهب مع والدي - رحمه الله - إلى السوق الموجود في حينا، وكان عمري آنذاك حوالي 12 أو 13 سنة، ومن هنا حدث الخلل.

حيث وجدت مجموعة من شباب الحي كلهم ينظرون إلي وأنا حاملة بيدي المشتريات التي اشتراها أبي، فخجلت كثيرا، وما كان من ردة فعلي إلا أنني قمت بالنظر إلى الأرض، وأنزلت رأسي، وبقيت أمشي هكذا من وقتها، وأنظر إلى الأرض، وما كان من جاراتي إلا أن يندهشن من مشيتي، ويسألنني لماذا تمشين بهذه الطريقة؟

وبسبب هذه المشية لم أعش حياتي كما تفعل جاراتي وصديقاتي، فقد كن يقمن علاقات مع شباب، أما أنا فبمجرد أن يتعرف علي شاب، فإنه ما إن يتقرب مني إلا ويحاول أن يستغلني، ثم يعجز مني، وينفر، فلماذا لا تستمر علاقتي كما يحدث لصديقاتي؟

وللعلم: عندما كنت في المرحلة الثانوية والجامعة كانت علاقتي مع زميلاتي جيدة، وأخجل من الشباب، ولا أكلمهم كثيرا، ومع تقدم السن، أصبحت أسمع من جاراتي بأنهن قد خطبن، وتزوجن إلا أنا بقيت بدون علاقة أو زواج، حتى من هن أصغر مني بسنوات تزوجن في الحي الذي أقطن فيه.

في مرحلة طفولتي كنت مميزة بينهن بثقافتي وأسلوبي المرح، وكنت اجتماعية، ولكني الآن أصبحت غير متميزة، بل على العكس، أصبحت محط طمع كل شاب يريد استغلالي وإشباع غرائزه، وهذا كله بسبب مشيتي وخجلي الشديد.

أعلم بأن الزواج قسمة ونصيب، ولكني في هذا السن أصبحت أظن بأن السبب في عدم زواجي حتى هذه السن هو تلك المشية، فمن يرضى الزواج بفتاة تمشي بهذه الطريقة، وجميع الفتيات يمشين ممشوقات، وينظرن إلى أعلى حتى لو كن غير جميلات، بالتأكيد أنه لا أحد يقبل أو يرضى بي، مع أن شكلي مقبول، ولكنني أشعر بأنني أنا الوحيدة التي في مجتمعي تمشي بهذه الطريقة.

كرهت نفسي، وكرهت الخروج من المنزل إلا للضرورة، حتى أن أختي الأكبر مني تعايرني وتقول لي: اخرجي من المنزل قليلا، لماذا دائما أنت في البيت؟ من هذا الذي سيعرفك إن مكثت في البيت؟

وللعلم: فأنا أصغر واحدة في العائلة، وجميع أهلي لا يعانون من هذه المشكلة، ويمشون بطريقة عادية.

حتى من جهة العمل، فقد حاولت أن أبحث عن عمل ولكن دون جدوى، وأظن بأنه نفس السبب، لأنني كلما أجريت مقابلة فإني أخرج بدون نتيجة؟

فهل مشيتي هذه هي التي تمنعني وتعيقني عن الزواج؟ وهل هي السبب في عدم تقدم أي أحد لي لخطبتي حتى الآن؟ وهل هي السبب أيضا في عدم قبولي في أي عمل؟

أرجو التوضيح ومساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا مجددا.

أريد أن أسألك سؤالا: أيهما أكثر تأثيرا سلبيا على سمعة الفتاة: سلوكها، بحيث يطمع بها الشباب في الاقتراب منها، والجرأة على إقامة علاقات حرام، أو طريقة مشية هذه الفتاة؟! لاشك أنه الأمر الأول.

فعندما يقرر الشاب خطبة فتاة للزواج، فإن آخر ما يفكر فيه هو طريقة مشيتها، بل ربما قد لا يراها تمشي لمدة طويلة، ولكنه يبدأ عادة بالسؤال عن هذه الفتاة، وعن سمعتها، فإذا عرف عنها أي عيب في سلوكياتها مع الناس، وخاصة إن كان هناك ما يشير لأي علاقة بشاب آخر، وعندما يحصل على أجوبة يطمئن إليها هو وأسرته، فعندها يمكن أن يتقدموا رسميا طلبا لخطبتها.

لا أفهم لماذا يقترب منك الشباب الذين يريدون الحرام والعبث؟ ماذا الذي يُطمعهم فيك، ويُجرئهم عليك؟

لا أعتقد أنها مجرد المشية، إنها إما السمعة التي عُرفت عنك من أن الشباب يقيمون علاقات معك، ولو كانت علاقات بريئة قبل أن يحاولون تجاوز الحدود - كما قلتِ -، أو بعض السلوكيات التي ربما تتصرفين بها، بالرغم من أن نظرك ورأسك للأسفل وأنت تمشين.

نعم يمكن أن يكون عندك بعض ضعف الثقة بالنفس، إلا أن عندك أيضا ما يمكن أن يعينك على تجاوز ضعف الثقة هذا، فأنت خريجة جامعية، ومظهرك المقبول كما وصفت، وكونك كنت متميّزة، وكانت لك علاقات مناسبة مع صديقاتك.

ربما عليك أن تخرجي من الجو العام الذي تعيشين فيه، وتحاولين معرفة ما هي الأمور الذي تجرئ الآخرين من الشباب للاقتراب منك طمعا فيك.

إن سمعة الفتاة، وحسن سيرتها، من الأمور الأساسية التي تجذب الشاب للخطبة والزواج، فاحرصي على حفظ سمعتك، ومما لاشك فيه أن معرفتك بأن مكانتك في المجتمع مكانة مرموقة بسبب حسن السيرة، فستجدين بأن رأسك قد ارتفع للأعلى، وبأن مشيتك قد أصبحت أكثر ثقة ووثوقا بالنفس.

يتحدث الإمام ابن القيم الجوزية عن "عزّ الطاعة، وذلّ المعصية" فالطاعة والاستقامة تورث الإنسان العز والثقة، وعكسها تفعل المعصية.

احرصي على حسن السلوك والسمعة، وتجنبي إقامة العلاقات مع الشباب، فهذا أكبر منفّر للشاب الذي يودّ الزواج، وستشعرين وخلال وقت قصير بالثقة بالنفس، وارتفاع الرأس، والله لن يتركك، وكما يقول سبحانه: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين".

وفقك الله، وكتب لك السعادة، في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر نينى

    الله يعطيك ما تتمنين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً