الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أزيد من ثقتي بنفسي وأرفع تقديري لذاتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على جهودكم الرائعة، وأسأل الله أن تكون في ميزان حسناتكم في هذه الأيام المباركة.

أنا تخرجت من كلية الهندسة، عمري 23 سنة، أبحث عن عمل ولكنني لا أستطيع البحث عن عمل لأنني أحس نفسي ضعيفا علميا وجسميا ونفسيا، والأعراض التي أعاني منها هي:

1) أعاني من عدم التركيز والنسيان الكثير، حتى كثيرا أصلي فلا أعرف صليت 4 أو 3.

2) أعاني من نحافة في جسمي، مع أنني آكل بشكل كبير.

3) عندما أستيقظ من النوم أكون مرهقا جدا، وعظامي تؤلمني، وأنام تقريبا 9 ساعات، ومع ذلك أبقى طول اليوم نعسان، ونومي ثقيل جدا، حتى أني كثيرا ما أضع المنبه، وأوصي أهلي أن يوقظوني على الفجر ولكني لا أستجيب.

4) دائما يظهر على لساني وعلى شفتي قروح مؤلمة جدا، وهذه منذ الصغر تظهر لي، وعندما أستيقظ من النوم أحس أن حموضة المعدة قد صعدت للفم.

5) أحس أن صوتي دائما خافت، وأحس أن الناس يملون من كلامي، وأنا دائما مرهق ومتعب، وعندما أرهق كثيرا تحمر عيني، وأشعر بصداع في رأسي.

6) أنا عندي أصدقاء كثر، ولكنني عندما أجالس الناس لا أجد ما أكلمهم به، وأحس حالي ضعيفا، ولا أستطيع التفاعل معهم بشكل جيد، وكثيرا ما أحس بالقلق والرهاب، وعندما أمشي في الشارح أحس أن مشيتي غريبة، وأن جسمي ضعيف.

7) دائما عندي رشح بالأنف، وبلغم في الصدر (لا أدخن)، مع العلم أني عملت فحص الغدة الدرقية، وفحص الدم والسكر، وفحص (B12)، وكانت النتيجة ممتازة و-الحمد لله-.

لا أدري هل معاناتي النفسية هي السبب في معاناتي الجسدية أم العكس، وبالنسبة للأدوية النفسية فأنا من الأردن فهل هي متواجدة هنا؟ وما هي قيمتها؟ وهل تباع من غير وصفة؟ علما أني أكره استخدام الأدوية لما لها من أعراض جانبية.

يرجى التوضيح وبالتفصيل، وهل تنصحني بعمل فحوصات أخرى؟

إضافة: أشعر أنني أهتم كثيرا برأي الناس، وأنا و-الحمد لله- مواظب غالبا على صلاة الفجر والقيام والأذكار، ولكنني أشعر أنني أهتم كثيرا برأي الناس، فمثلا في حفظ القرآن عندما أحاول أن أبدأ، وعندما يعلم أحد أني أحفظ؛ أخاف من الرياء، وتقل همتي، وأترك الحفظ.

أحس أيضا أنني عندما أذهب لأقابل أحدهم أو أتكلم معه قبل أن أصل الشخص الذي سأقابله أفكر ماذا سأقول له، وكيف سيكون رده، وكيف سأرد.

عندما أمشي بالشارع في النهار أحس جميع الناس ينظرون إلي، أحس أن قدرتي على الكلام ضعيفة جدا، وعندما أتكلم مع الناس تصبح نبراتهم هادئة جدا، وتبدو مملة (وهي نفس نبرتي)، مع أن كثيرا من الناس الذين هم أكبر مني سنا يمدحون أخلاقي وتفوقي، ولكن أقربائي والذين هم في سني أحس أني أقل منهم شأنا، ولا أستطيع المزاح أو الحوار الجميل معهم.

لا أستطيع أن أتكلم الكلام الجميل، أو أن أجامل أو أن أقنع، فكيف أستطيع أن أبني ثقتي في نفسي؟ وكيف يمكنني أن أطور من طريقتي في الكلام ومن قدرتي على قول الكلام الجميل، والاقتناع وعدم الاهتمام برأي البشر؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا في هذا الموقع.

مواضيع متعددة، ومترابطة في نفس الوقت، وكثير منها أعراض لشيء آخر، وربما هو لبّ الموضوع، وهو الثقة بالنفس، أو ضعف الثقة بالنفس، وسواء بسبب التربية والتنشئة التي مررت بها، أو بسبب تجارب الحياة التي عشتها، فأنت لا تشعر بالثقة، وإنما تشعر بالضعف وبأنك دون الآخرين، مما ينتج عنه حساسيتك الزائدة لنظرات الناس وآراءهم فيك.

والناس عادة نوعان في مصدر ثقتهم في أنفسهم، وتقديرهم لذاتهم.

النوع الأول: يأخذ تقديره لذاته وبشكل أساسي من خلال نظرة الآخرين له، وبحيث عندما يرتاحون له ويثقون به، نجد أن ثقته بنفسه قد زادت وارتفعت، بينما عندما يستصغرونه، ولا يقيمون له بالا، فإن ثقته بنفسه تنقص ولحدّ كبير، وقد يعاني كثيرا من شعوره هذا عن نفسه، والذي لا يحبه ولا يرضاه، إلا أنه هكذا اعتاد، وهذا الموضوع هام بالنسبة لك، لأنك تقيم وزنا كبيرا لآراء الناس، ولا شك أن هذا سيسبب لك بعض الصعوبات.

النوع الثاني من الناس: هو من يعرف قيمة نفسه، ويثق بإمكاناته، وبغض النظر عما يعتقده الناس فيه, وسواء عليه قدّروه وقدروا عمله أم لم يقدّروه، فهذا قد يؤثر فيه بعض الشيء، إلا أنها لا تهزّ ثقته في نفسه وتقديره لها.

والسؤال دوما كيف نصبح كثيرا من النوع الثاني وقليلا من النوع الأول.

ومن الأمور الهامة لحياتنا ولصحتنا النفسية، هو أن نقدّر ذواتنا، وبحيث لا نسمح للآخرين أن يحطموا هذه الثقة بالنفس، وخاصة أن الناس قد لا يقدّرون الأثر الكبير الذي يمكن أن يتركه كلامهم عنا في أنفسنا وحياتنا، وهنا تأتي مسؤوليتنا الشخصية عن أنفسنا في حمايتهما، حمايتها من الآخرين وحتى حمايتها من أنفسنا، وخاصة عندما لا نقدّرها حق قدرها.

والرسول الكريم يقول لنا: "إن لنفسك عليك حقا"، فإذا لم نقدّر نحن هذه النفس التي نحملها بين جنبينا، فكيف لنا أن نطالب الآخرين في تقديرها؟!

حاول أن تنمي ثقتك في نفسك ولتصبح من النوع الثاني الصحيّ، وذلك من خلال أمور كثيرة، ومنها تنمية المهارات المختلفة التي تتقنها، ومن خلال الاهتمام بالهوايات والاهتمامات المتنوعة.

حاول أن تكرر في نفسك بعض العبارات الإيجابية عن نفسك من مثل "أنا قادر" و"أنا أستطيع".

والله تعالى يقول لنا رافعا ثقتنا في أنفسها لتقديرها: "ولقد كرّمنا بني آدم"، ويقول "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض"، فكل هذا التسخير هو لنا.

وللتخفيف من بعض الأعراض النفسية والاجتماعية عن طريق عدم تجنب اللقاء بالآخرين لتجنب الشعور بالخوف والارتباك، وإنما اقتحام هذه المواقف والحديث مع الناس، ويمكن أن تكون البداية بمجرد التواجد مع الزحمة من الناس، ومن ثم الحديث لفترة قصيرة مع مجموعة صغيرة من الناس، وحتى تطمئن للحديث معهم، وما هو إلا وقت قصير حتى تجد أن هذا الخوف قد خفّ أو اختفى، فهذه الطريقة السلوكية هي الأفضل في مثل هذه الحالات.

وهناك كثير من الناس ممن يقوم بهذا التغيير من نفسه، وربما ما سيعينك أنك و-لله الحمد- مواظب على عباداتك وصلاتك، ولكن إن صعب هذا فيمكنك أن تستشير أخصائيا نفسيا ليتابع معك تطور هذا التغيير، ويمكن أن يضع لك برنامجا عمليا، ويتابعه معك.

وفي بعض الحالات يمكن للطبيب النفسي أيضا أن يصف لك أحد الأدوية التي تساعد عادة على تجاوز مثل هذه الأعراض، والتي يمكن حتى أن تدعم طريقة التغيير السلوكي.

وهناك عدد جيد من هذه الأدوية ومنها دواء "باروكستين"، وهو في جرعة 20 ملغرام، وإن كان عادة نبدأ بنصف الحبة (10 ملغ) لأسبوع تقريبا، ومن ثم الجرعة الكاملة 20 ملغرام، مرة واحدة في المساء، وننصح عادة باستعمال الدواء لمدة عدة أشهر تصل إلى الثلاثة أشهر، والعادة أن يتابع العلاج الطبيب، من أجل التأكد من فعالية العلاج، وتحديد مدة العلاج وكيفية إيقاف الدواء، والذي ينصح أن يكون بالتدريج من أجل تفادي أعراض الانسحاب، ونحن ننصح عادة وبشكل عام باستعمال الأدوية النفسية تحت إشراف طبيب متخصص، إلا إذا تعذر الأمر كثيرا.

وهناك أيضا دواء الإنديرال وخاصة للتخفيف من الأعراض الجسدية الفيزيولوجية كالارتعاش والتعرق وغيرها، الأمر الذي يمكن أن يشجعك على الاقتراب من الناس وعدم الرهبة منهم.

والأمر الآخر والذي ورد في سؤالك هو بعض أعراض عسر الهضم وحموضة المعدة، والمعروف أن هذا الأمر قد يجعلك مضطربا، ويؤثر على شعورك بالتعب والإنهاك حتى ولو نمت لعدة ساعات؛ فأنصحك بمراجعة طبيب عام أو طبيب الجهاز الهضمي.

وفقك الله، ويسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً