الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إلى متى سأبقى تائهة.. هل طردت من رحمة خالقي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أنا طالبة في المرحلة الجامعية.

عندما كنت في المرحلة الثانوية كان تفكيري لا يتخطى الدراسة، وكانت هي أولوياتي وهدفي، وكنت كل يوم صباحاً أداوم على الأذكار وقراءة القرآن قبل الذهاب للمدرسة.

وكنت قد بدأت بارتداء الجلباب، وأحب نفسي ودراستي، وأرغب في التفوق، وإدخال السعادة على قلب أمي –التي لم تفرح في حياتها، لقسوة والدها الذي كان يضربها، ولوفاة أختي منذ خمس سنوات، فكانت فرحتها الأولى هي نجاحي في الثانوية العامة بمعدل (95%)-، والتحقت بالجامعة التي أريدها والتخصص الذي أتمناه، فأنا من فئة الأشخاص الأقل حظاَ.

بدأت المرحلة الجامعية، وبدأ معها إهمالي للدراسة شيئاً فشيئاً، وصارت حياتي تنتقل من سيء إلى أسوأ، ولم أعد مواظبة على قراءة القرآن والأذكار إلا بشكل متقطع.

أنا الآن في السنة الأخيرة في الجامعة، ودراستي سيئة فلم أعد مجتهدة، وأذهب للامتحان دون دراسة، ودوامي ثلاثة أيام فقط، وكانت أمي توقظني بقية الأيام ظناً منها أنني أدرس وأراجع، وقد كنت –وللأسف- أستغل تلك الأوقات في مشاهدة الأفلام الإباحية، ثم ممارسة العادة السرية.

بدأت هذا الفعل منذ كنت في السنة الثانية بالجامعة، ولم يكن هناك موقف دفعني لذلك، غير أنني كثيرة التفكير في العلاقة الجنسية، حيث تراودني خيالات شيطانية حول هذا الأمر منذ أربع سنوات، وأنا أستسلم لها، ثم أتحسر وأندم وأشمئز من نفسي، فالناس من حولي يعتبرونني متدينة وعلى خلق، وأنا –والحمد لله-، لم أتعامل مع الشباب، وعلاقتي بصديقاتي جيدة، ولا أحب إلا الخير.

لقد ضيعت نفسي، واستخدمت النعم في عصيان الخالق، وأهملت دراستي، وحلمي هو أن أعود كما كنت في الثانوية العامة، تفكيري لا يتخطى الدراسة، فخطئي الوحيد والعظيم هو مشاهدة هذه الأفلام، وإلا فأنا أحب أن أكون متدينة، ولكنني أفشل كثيراً، ولا أعرف كيف أعود إلى ما كنت عليه بالثانوية، وقد ذهبت إلى مكة المكرمة، وأديت العمرة ولكنني بفعلي أضعت حسناتي.

سؤالي: إلى متى سأبقى هكذا؟ هل طردت من رحمة خالقي؟ فأنا أستحق ذلك، ولكن لا أحب أن يكون مصيري -والعياذ بالله- جهنم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dalal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا بداية نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يعينك على كل أمر يُرضيه، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونحب أن نؤكد ونعبر عن سعادتنا بهذه الاستشارة، التي نتمنى أن تكون البداية الصحيحة، فإن الشعور بالخطأ والشعور بأن الإنسان يحتاج إلى أن يتوب ويرجع إلى الله، هذه هي البداية الصحيحة، ونبشرك بأن الله غفار، ليس مجرد غفور، لكن بصيغة مبالغة، {غفَّار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}.

ونؤكد لك أن أمثالك ممن اعتادت الذكر والتلاوة والقرآن العودة لها سهلة، لأنها وجدت الحلاوة، وفرصة المقارنة أمامها واضحة، وهذا هو الذي دفعك للكتابة إلينا، فلا تيأسي من رحمة الله، واعلمي أن هذا العدو هو الشيطان، الذي يريد أن يوصلنا إلى اليأس، ولكننا نقول: نحارب هذا العدو بنقيض قصده، فهذا العدو يحزن إذا استغفرنا، يندم إذا تبنا، يبكي إذا سجدنا لربنا، فعامليه بنقيض قصده، ولا تتوقفي عن التوبة والاستغفار.

قيل للحسن البصري: إلى متى الاستغفار؟ قال: (حتى يكون الشيطان هو المخذول)، لأنه يتحسر ويتأسف لاستغفارنا، ويندم لتوبتنا، ويندم لسجودنا لربنا، وهو عدو، الفلاح والطاعة لله في أن نخالفه، لأن الله قال: {إن الشيطان لكم عدوٌ} فما الواجب تجاهه؟ {فاتخذوه عدوًّا}.

ثم عليك أن تسدي أبواب الشر، فتتجنبي مشاهدة الأفلام الخليعة، وتتجنبي مشاهدة الصور التي أيضًا لا يجوز النظر إليها، وتتجنبي الخلوة، واحرصي دائمًا على أن تنامي على ذكر وطاعة، وعلى أن تستيقظي كذلك على ذكر وطاعة، وحاولي دائمًا أن تشغلي نفسك بالخير قبل أن تشغلك بالباطل.

كوني إلى جوار الصالحات، وراقبي رب الأرض والسموات، وأكثري من الصيام والطاعات، فإن هذه أشياء جميلة ومهمة جدًّا، وهي فيها برنامج ووقاية، وهي تدابير وقائية من الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

وأرجو أن تعلمي أن الإنسان حتى لو أخطأ ما ينبغي أن يصل إلى اليأس، لأن اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب، وهذا ما يريده الشيطان الذي يوقع الإنسان في المعصية، ثم يأتي فيقول (لن يغفر الله لك).

إذا ظنَّ الناس بك خيرًا فارتفعي لمستوى حسن ظنهم، ولست مطالبة بأن تفضحي نفسك، ولكن الإنسان إذا أحسن الناس به الظن يرتفع، ليكون عند حسن مستوى ظنهم، ولا ينخدع بثناء الناس، لأن الإنسان أعلم بنفسه من الناس، والله أعلم به من نفسه، وإذا أثنى عليك الناس فاحمدي رب الناس، وكلنا ذلك المقصر، وثناء الناس علينا هو دليل على جميل ستر الله علينا، وكان قائل السلف يقول: (لو كان للذنوب ريح لما استطاع أحد أن يجالسنا) فكلنا ذلك المذنب المقصر، الذي يرجو مغفرة الغفور، ينتظر رحمة الرحيم، ويأمل في توبة التواب، الذي هو {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} -سبحانه وتعالى-.

فالجئي إلى الله، وحاولي أن تُقبلي على حياتك بروح جديدة، واعلمي أن الاجتهاد مطلوب في هذه السنة الدراسية الأخيرة، وتعوذي بالله من الشيطان، وحاولي قراءة الرقية الشرعية والأذكار على نفسك في الصباح وفي المساء، فإن الإنسان ربما يكون قد أُصيب بعينٍ، وعلى كل حال هذا برنامج وقائي - كما قال الشيخ ابن باز - فلو أن الإنسان حافظ على الأذكار في الصباح والمساء وقرأ المعوذات، فإن هذا فيه برنامج حماية للإنسان، وفيه برنامج علاجي أيضًا يصرف عنه السوء والشرور، التي ربما تعلقت بالإنسان في أيام غفلته، أو في لحظات بعده عن الله -تبارك وتعالى-.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونرحب بك في الموقع، وندعوك إلى أن تتفائلي خيرًا، فإن الله تواب غفّار، رحيم -سبحانه وتعالى-، فالجئي إليه، واجتهدي في دراستك، واشغلي نفسك بالمفيد، وخالفي عدوّنا الشيطان، واعلمي أن كيده ضعيف بنص كلام الكبير المتعال {إن كيد الشيطان كان ضعيفًا}، وهذا العدو ليس له سلطان، أو ولاية أو قدرة على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.

فكوني مع الله، استعيني به، وتوكلي عليه، وتضرعي إليه، والجئي إليه، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية محمود

    انا ايضا لدى نفس المشكلة فذنوب الخلوات تاكل حسناتى والناس يظنوا بى خيرا وانا شر الناس اتمنى ان يتوب الله علينا جميعا

  • عمان سالم الرحبي

    الله يغفرلك يا اختي

  • العراق medical

    نصيحة رائعة جدا

  • المغرب الحسن

    جزاكم الله خير الجزاء في الدنيا و الآخرة ونفع بعلمكم

  • مصر محمد مصر

    هادكى الله وعفاكى لاتحزنى فنحن جميع نمر


    بهذا والله غفور رحيم الله يهدينا جميعا

  • أوروبا فاطمه التجاني

    ربنا يهديك ويهدينا ويتقبل توبتك انشاء الله

  • الجزائر ام عبد الكريم

    الله يهديك و يهدينا اجمعين

  • السعودية حبي للنبي

    الله يوفقك أختي لكل خيرر ويثبتك يارب العالمين ..
    جزاكم الله خيرا

  • عمان بهيجه

    نسال الله رحمته وحسن الخاتمه...

  • الجزائر عبدالقادر زايد

    الحياة مليئة بالمتاعب ونخاف من كل ماهو سبب في وقوعنا في مالا نرغب فيه لكن نية العبد في اغلب الاحيان لا تعكس الواقع.. فاحمدي الله في النهاية وانظري لمن هم احط منك واقل قبول امام الخالق ونسال الله ان يتقبل منك ويتوب عليك وينجحك في دراستك لكي ولجميع المؤمنين.امين يارب

  • الجزائر بنت الاسلام

    الله يهديك و يصلح حالك ان شاء الله

  • الجزائر مروة الجزائر

    السلام عليكم و الله حال مثل حالك و بقراءة لهدا التعليق بكيت من شدة الندم و الشعور بالذنب

  • المغرب narjis

    الله يوفقك اختي و ان شاء الله ترجعي كيف ما كنتي و الله يهدينا جميعا يارب

  • مصر الصمت فلسفة

    شعورك بالندم يكفى واستعينى بالصبر والصلاةممكن اكون صدىقة

  • السعودية م

    يرجى الدعاء مع عدم تعليق الدعاء بمشيئة الله يدعو من دون قول إن شاء الله قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ‏إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، وَلَا يَقُولَنَّ : اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي ، فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ " . رواه البخاري (6338) ، ومسلم (2678) . )

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً