الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حب التصدر والشهرة وكيفية التخلص من هذا الداء!

السؤال

ما هو علاج حب التصدر والشهرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khallad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الفاضل- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

الأخ الفاضل: جميل من الإنسان أن يسأل عما يصيبه من درن ليتخلص منه، والأجمل أن يضع يده على الداء بنجاح، ومن الداء المنتشر اليوم للأسف حب التصدر وشهوة التقدم والرئاسة، ولا شك أن خطرها على النفس شديد، ومن تلك المخاطر: تعـريـض النفس للفتنـة في الديـن، والحرمان من توفيق الله وعونه وتسديده؛ وفي الحديث: (فإنك إن أُعطيتها عن مسألة وكلت إليها).

فوق ما مضى بل وأخطر منه وصول المتصدر حداً لا يفرق فيه بين الانتصار للدين والانتصار للهوى، بل ينتصر لهواه على حساب دينه عياذاً بالله.

علاج هذه الظاهرة يكمن في عدة أمور:

أولا: تعاهد النفس بالتربية، وهضم حقها، فالنفس حتى تنتصر عليها لا بد أن تتعامل معها كما يتعامل الرجل مع شريكه الخائن، يحتاط له ويحذر منه ولا يأمن له البتة.

ثانيا: الرضا بما منحك الله إياه والعمل فيما منحت بالجهد اللائق بك كمسلم، كما صوره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (طوبى لعبد آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرةٍ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كـان فـي الـسـاقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يُشَفّع).

ثالثا: لا تتكلم إذا وجدت شهوة الحديث قائمة، ولا تتصدر إذا وجدت نزعة التصدر قائدة، بل اجعل الهدف مرضاة ربك في صمتك وقولك.

رابعا: أخذ العبرة والعظة من حال السلف وحرصهم على الخفاء، وكراهيتهم الشهرة والتصدّر، وكل ما يؤدي إليها، ومحاولة عزل أنفسهم من بعض المواقع كما حصل من أبي بكـر، وعبد الرحمـن بن عـوف، والحسن، وعمـر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنهم ـ، والأمثلة كثيرة، تركوها لله، لانشغالهم بمرضاته، وتوحّد همّهم وقصدهم، فتكفّل الله لهم بخير الدارين، فعوّضهم الله بشرف التقوى، وهيبة الخلق، قال ـ عز وجل ـ: (إنَّ الَذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وداً) [مريم: 96]، وجاء في الحديث: (وما تواضع أحد لله إلارفعه)، وقال: (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي).

لا يمكن بحال تحصيل هذه المنزلة لمن كان في قلبه حب المكانة في قلوب الخلق في الدنيا؛ لأن هذا من أعظم الصوارف عن الله ـ تعالى ـ.

كتب وهب بن منبه إلى مكحول: (أما بعد: فإنك أصـبـت بظاهر علمك عند الناس شرفاً ومنزلة، فاطلب بباطن علمك عند الله منزلة وزلفى، واعـلم أن إحدى المنزلتين تمنع من الأخرى).

المراد بالعلم الباطن: المودع في القلوب من معرفة الله وخشيته ومحبته ومراقبته، والتوكل عليه والرضا بقضائه والإقبال عليه دون سواه... فمن أغل نفسه بالمحافظة على ما حصل له من منزلة عند الخلق كان ذلك حظه من الدنيا، وانقطع به عن الله".

أخيرا: ملازمة أهل الصلاح والتعلم منهم والتأدب على أيديهم؛ فإن المرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، والذئب يأكل من الغنم القاصية.

نسأل الله لك السداد والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق هيوا جمعة

    بارك الله فيكم افادتنى

  • السعودية جوري

    اسأل الله لك الجنه وكل ما قرب اليها من قول وعمل
    لقد استفدت كثيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً