الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفسي تحدثني بأشياء لا أستطيع البوح بها لمخالفتها لعقيدتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي نفسي، فهي تحدثني بأشياء لا أستطيع البوح بها لمخالفتها لعقيدتي! وهذا يصيبني بالإحباط والخوف الشديد من الله، حينما أسمع ذلك أكره نفسي وأستحقرها، فهل سيحاسبني الله لذلك؟ نعم أعترف أنني بعيدة عن طريق الله، ولكني أحاول أنا أصبح أفضل، أخاف كثيرا أن يكون هذا مني ويحاسبني الله عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عزه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة - فأحب أن أبشرك بداية بأن حديث النفس لا يقع تحت دائرة الحساب لله للعبد، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يؤاخذكم الله بما حدثتم به أنفسكم) فهو ما دام في داخل النفس فأبشري، وثقي وتأكدي من أن الله لم ولن يحاسبك عليه، كما نطق بذلك الذي لا ينطق عن الهوى حبيبنا - صلى الله عليه وسلم -.

ثانيًا: أتمنى أن تعلمي أن هذا نوع من حرب الشيطان عليك، فإن الشيطان – لعنه الله – يحرص على أن يُفسد علاقة العبد بربه، وأن يُفسد علاقته بنفسه، وأن يُفسد علاقته بغيره، ولذلك يفسد علاقة العبد بربه عن طريقين: الطريق الأول أن يوقعه في المعاصي والذنوب والآثام الظاهرة، والطريق الثاني: أن يزين له العقيدة الفاسدة، وأن يُشككه في الله تبارك وتعالى، وأن يشككه في القرآن، ويشككه في النبي - عليه الصلاة والسلام – بل وقد يصل الحال إلى أن يُزين له أو يصور له الله تبارك وتعالى بصورة لا تليق به جل جلاله، وكذلك القرآن أو النبي - عليه صلاة الله وسلامه -.

فهذه نوع من الحرب القذرة التي يشنها الشيطان على قلوب المؤمنين، والذي ساعد الشيطان على ذلك – واسمحي لي – إنما هو بُعدك عن الله تبارك وتعالى، فلو أنك كنت قريبة من الله لأمدّك الله بجنود من لدنه، وبمدد من عنده سبحانه جل جلاله، لأن الله يقول: {يثبت الله الذين آمنوا} فالله تبارك وتعالى تولَّى تثبيت المؤمنين، ويقول الله تبارك وتعالى: {إذ يُوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} إذًا المولى جل جلاله يثبت أوليائه المؤمنين بنفسه، أو يثبتهم عن طريق ملائكته يقفون معهم ويدافعون ويدفعون عنهم، أما عندما تكوني بعيدة عن طريق الله تعالى فأنت بذلك تحرمين نفسك هذا التثبيت وهذا العون من الله تعالى.

لذا أنصحك – ابنتِي الكريمة الفاضلة – بضرورة المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار ما بعد الصلاة؛ لأنها مهمة جدًّا، كذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام وعدم ترك ذلك، لأن هذا سيكون سببًا في دفع كيد الشيطان عنك طيلة اليوم وكذلك أيضًا طيلة الليل.

كذلك أوصيك بالحجاب الشرعي، المحافظة على وقتك، عدم إقامة علاقات مع الشباب بطريقة غير مشروعة، لأن الإسلام يمنع أن تكون هناك علاقة بين الفتاة المسلمة وبين أي رجل أجنبي أبدًا، وإنما فقط الزوج الشرعي هو الذي يحل للمرأة أن تتواصل معه، أما الصداقات وزملاء العمل فهم أشخاص لا ينبغي أبدًا أن نتكلم معهم أو نفتح حوارات معهم أو نقيم معهم العلاقات، كذلك الدخول إلى بعض المواقع المحرمة، كذلك الغيبة أو النميمة أو الكِبر أو الاستعلاء أو الكذب، أو قول الزور، هذه كلها أمراض ينبغي أن نتخلص منها لأنها تضر ضررًا بليغًا، وكل معصية من هذه المعاصي هي نوع من تمكين الشيطان من قلب العبد، لأن الشيطان لا يدخل إلى العبد إلا عن طريق المعصية وعن طريق الفواحش والمنكرات، كما قال الله تبارك وتعالى: {وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}.

لذا عليك - بارك الله فيك - بالاجتهاد في التخلص من المعاصي صغيرها وكبيرها، وعليك بالمحافظة على طاعة الله تبارك وتعالى من الحجاب والالتزام والمحافظة على الصلوات، وأداء الصلوات في أوقاتها، والإكثار من ذكر الله تعالى، وأن يكون لك برنامجًا يوميًا تقرئين فيه قدرًا من القرآن ولو صفحة واحدة من القرآن يوميًا، حتى تتواصلي مع كلام الله تبارك وتعالى الذي هو مستودع الإيمان الأكبر؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل القرآن للإيمان كالماء للزرع، فعليك قراءة قدر من القرآن أيضًا يوميًا، وعليك بصحبة الصالحات، وحضور المحاضرات، والاجتهاد في خدمة دينك، ودعوة غيرك إلى الالتزام والاستقامة، وعليك بالابتعاد عن مواطن الريبة ومواطن المعاصي والفتن، وعدم مصاحبة المتسيبات المتساهلات من البنات.

كما أوصيك بمذاكرتك، وأن تضعي أمامك هدفًا أن تكوني الأولى على صفك الدراسي حتى تستطيعين أن تخدمي دينك، وأن تجعلي أمامك الآن هدفًا كبيرًا وهو أنك تتعلمين من أجل خدمة الدين، ليس مجرد الحصول على وظيفة أو شهادة، وإنما لخدمة دين الله تعالى، وأبشري بفرج من الله قريب، وتوفيق وتأييد منه سبحانه.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر كريمة

    لكل من ساهم في هذا الإنشاء العظيم أقول لهم جزاكم الله خيرا و الله يكثر من أمثالكم,

  • السعودية عبدالله

    اختي العزيزة انتي بالنسبة لغيرك لا شيء وعادي حطي في عقلك ان هنالك اشخاص ليس بين انفسهم بل على السنتهم يسبوا ويقولوا على الله ما لا يعلمون وان استغفروا غفر الله لهم كان الله بعونك يا اختي واخذ الله بناصيتك ضد الشياطين وشر نفسك ما تشوفي شر ان شاء الله علقت لاني مررت بذلك وان شاء الله ستخرجي منه عما قريب

  • الجزائر عبد المالك

    ربي يشفيك ويشفينا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً