الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلازمني حالة من الخفقان والإحساس بأني سأسقط، ما سببها؟

السؤال

السلام عليكم
هذه مشاركتي الأولى لي في إسلام ويب، وأتشرف بذلك وأن أتواصل مع استشاريين لهم مكانتهم وسمعتهم المشرفة والمشهود لها.

عمري 28 سنة، قصتي بدأت في بريطانيا وأنا أمشي في الشارع بصورة طبيعية، وكنت ألعب الأثقال، وآكل بروتين، في تلك الفترة أتاني إحساس بخفقان، وأن قلبي وقع في بطني، وشعرت حينها بالهبوط، وأحسست أني سأقع؛ حيث أرى كل شيء غير واضح، وكأن الدنيا سوداء، أمسكت بصديقي لكي لا أقع، بعدها ذهبت إلى المستشفى، وأجريت جميع الفحوصات، وتخطيط ECG، وكانت النتيجة سليمة.

في اليوم الثاني بالضبط فقدت السيطرة على التركيز، ولا أعرف كيف أمشي بطريقة طبيعية؛ حيث أشعر كأنني مرتفع قليلا عن الأرض، وكنت أشم رائحة كالكبريت المحترق داخل أنفي، وكذلك أجد أصواتا في المعدة، وخفقانا مزعجا جدا، مع العلم أن هذه الأعراض مستمرة في حينها.

بعد الحادثة بـ 4 أشهر رجعت إلى السعودية، وذهبت إلى استشاري قلب معروف، وقال لي: نبضاتك سريعة لكن قلبك سليم، وأوصاني بتناول كونكور 2.5، وصبرت على هذا الحال لمدة 5 أشهر، وبعدها تزوجت -ولله الحمد- ولكن لم أهنأ يوما واحدا بحياتي الزوجية؛ نظرا لما أشعر به، وأحس أنني لن أرجع كما كنت، حيث كنت أدخل الأسواق وأحس بضيقة وعدم توازن شديد، مع تعب وإرهاق، لم أترك مستشفى إلا وذهبت إليه، وعملت أشعة الإيكو، وتمرين الجهد والهولتر 24ساعة، وفحص الأذن وكلها سليمة -ولله الحمد-.

تعبت مع الرقاة -جزاهم الله خيرا-، فمنهم من يقول: عين، ومنهم من يقول: حسد، وبعدها ذهبت للأردن وعملت تخطيطا للدماغ، وقال لي: لا يوجد شيء عضوي، ولكن عندك الأعصاب مشدودة، وأعطاني دواء ديناكسيت ولكني لم أستخدمه؛ لأنه غير موجود عندنا، مع العلم أني اشتريت علبتين منه للاحتياط، ومازالت موجودة.

بعدها رجعت، وصارت تأتيني حالة غريبة وهي: فجأة أشعر أن نبضي سريع جدا، وأشعر بالهبوط، وأنني سأقع، مع برودة بالأطراف، ذهبت بالإسعاف بسبب هذه الحالة 3 مرات، وبعدها يقولون: إنني سليم، الآن أكملت السنتين على هذه الحالة.

الأعراض الأخرى: وخز لاسع كالكهرباء متنقل في الرأس، والأطراف، دوخة مستمرة، ضيقة وتعب، ارتجاع مريئي، لم أعد أرد على اتصالات أصحابي، وخسرت أغلبهم، وإذا جلست معهم فجأة أتضايق جدا وأريد أن أخرج من عندهم.

الأدوية الحالية: الكونكور، والسيبرالكس، مع أنني لم أشعر بتحسن منه أبدا ولم أتضرر -ولله الحمد-، والآن أكملت السنة وأنا أتناوله.

أرجو إفادتي: هل علي أن أجري فحوصات أخرى؟ وهل هناك ما يدل على أنه عين أو حسد أو شيء عضوي، أم أن الحالة نفسية بحتة؟ وما معنى شد في أعصاب الرأس؟ وعلى ماذا يدل؟ وأيضا ما هو تشخيصكم بناء على ما ذكرت؟

ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي أعتقده أن حالتك كانت أحد أمرين: إما أن يكون حدث لك إصابة فيروسية أثرت على جهاز التوازن أو ما يسمى بـ (اللابرنث) خلف الأذن الداخلية، وقد يكون أيضًا هذا الفيروس أصاب الجهاز الهضمي (مثلاً) وأعطاك المشاعر السخيفة التي عانيت منها، وشعورك بأنك غير متوازن وأنك سوف تسقط أرضًا، هذا شعور بالفعل مُتعب لصاحبه.

الاحتمال الثاني: أن الذي أتاك هو نوبة هرع أو نوبة فزع، ويُعرف تمامًا أن هذه الحالات كثيرًا ما تعقبها أعراض قلقية وسواسية، خاصة حين يكون المكون الجسدي للأعراض هو الأوضح وهو الأقوى.

من وجهة نظري أن الذي تعاني منه هو: نوع من الاضطراب النفسي الجسدي، القلق هو الذي يحركه، والأعراض التي تعاني منها من تسارع في ضربات القلب والدوخة والانشدادات العضلية، خاصة في منطقة الرأس، كلها نتيجة عن هذا القلق الذي تحدثنا عنه، وقد أكد لك الأطباء – جزاهم الله خيرًا – أنك لا تعاني من علة عضوية، وهذا أمر طيب وجميل.

الخطوة التالية التي تتخذها هي: ألا تتنقل بين الأطباء، لكن لا بأس أبدًا من أن تتواصل مع طبيب تثق فيه كطبيب الأسرة (مثلاً) مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر للقيام بالفحص العام والدوري، هذا - إن شاء الله تعالى – يطمئنك كثيرًا، وعليك أيضًا أن تعيش حياة نشطة، ركز على الرياضة، ففيها خير وفائدة كبيرة جدًّا.

موضوع الرقية الشرعية: الرقية لا حدود لها، ارق نفسك بنفسك، احرص على الصلاة في وقتها، واجعل لنفسك وردًا يوميًا ثابتًا، واحرص على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، ويجب أن تكون قناعاتك أن الله خير حافظًا، لا جن ولا إنس ولا أحد سوف يصيبك بسوء، هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك).

من المهم جدًّا ألا تعطل حياتك، وأن تواصل عملك، وتطوير نفسك أكاديميًا، وأن تعيش حياة زوجية هانئة أيها الفاضل الكريم.

السبرالكس دواء ممتاز، أرجو أن تستمر عليه، وربما تحتاج أن ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وأرجو أن تدعمه بعقار (دوجماتيل) هذا اسمه العلمي، ويعرف علميًا باسم (سلبرايد) فهو داعم ممتاز جدًّا في حالات وجود الأعراض النفسوجسدية.

جرعة الدوجماتيل هي كبسولة واحدة، يتم تناولها ليلاً، وقوتها خمسين مليجرامًا، استمر عليها لمدة أسبوع، ثم اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وإن راجعت طبيبك النفسي أيضًا هذا سوف يكون إضافة جيدة ومفيدة لك، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً