الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس قهرية وحالات نفسية، كيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، بعمر20 سنة، أعاني من مشكلات نفسية واجتماعية، أنا أظن أن عندي وسواسا قهريا، وأحاول أن أتغلب عليه، ففي الصلاة دائما ما أحس بنقص في عدد السجدات، وأيضا عندما أغلق المحل أحس بأني لم أغلقه جيدا، وأنه من الممكن أن يسرق فأرجع مرة أخرى للتأكد من إقفاله بعد أن أكون قد ابتعدت عنه مسافة بعيدة.

أيضا أحس بأني أسرق، مع أني أخاف الله، ولو وقع مني جنيه في بيتي أخاف أن يكون ملك أخي، فلا آخذه، وإذا وجدت شيئا في الشارع لا آخذه، وأقول ربما يعود صاحبه ويجده.

أعاني من كثرة كلامي مع نفسي، ومن تخيلات كثيرة أثناء عملي، وفي أي فترة من اليوم، وأندمج مع هذه التخيلات بكل مشاعري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله الذي وفقك أن تُدرك ما تعاني منه، فما ذكرته بالفعل مؤشر على أنك تعاني من وساوس قهرية، ووساوس فكرية ومعها طقوس أفعال، وإن شاء الله تعالى حالتك من الحالات البسيطة، لكنها قطعًا تحتاج لشيء من العزيمة والإصرار من جانبك للتخلص منها.

الوساوس تعالج من خلال تحقير الفكرة ومقاومتها وعدم اتباعها، وحين تلجأ لهذا الأسلوب سوف تجد هنالك إلحاحا شديدا جدًّا لتقوم بالفعل الوسواسي، مثلاً في الصلاة: لا تسجد سجود السهو أبدًا، دائمًا ابنِ قناعة أن صلاتك صحيحة وعدد السجدات صحيحة، هنا بعد أن تنتهي من الصلاة سوف يأتيك هذا الشعور الملح بأن صلاتك غير صحيحة، وهذا يُولِّد عندك القلق، لكن إذا صبرت على هذا القلق وحقّرته واستحقرته ولم تعد صلاتك، بعد ذلك سوف يبدأ القلق والتوتر الداخلي في الانخفاض إلى أن يتلاشى تمامًا، ونفس الشيء بالنسبة لإغلاق المحل، حين تود أن تغلق المحل قل (بسم الله) وتأكد أنك قد أغلقته لمرة واحدة، بعد ذلك لا تلتفت أبدًا، حتى إن أتاك الشعور الوسواسي الذي تحدثت عنه لا تقوم بالتأكد مرة أخرى هل المحل مغلق أم لا؟

هذا سوف يسبب لك أيضًا قلقًا وتوترًا، لكن إذا كان هنالك إصرار من جانبك ووقفة صلبة بعدم الرجوع، بعد ذلك في ظرف أسبوع إلى عشرة أيام سوف تجد أن الشعور الوسواسي ابتدأ يقل ويضعف جدًّا.

من الأشياء الخاطئة جدًّا هو أن الإنسان حين يقوم بتنفيذ الفعل الوسواسي هنا نكون قد كافأنا الوسواس، كافأناه مكافأة إيجابية، ومن ثم يبدأ يكبر ويسيطر ويستحوذ ويعطل الإنسان.

أسلوب المقاومة هو الأسلوب الأفضل، وهذا ينطبق على جميع وساوسك فيما ذكرته حول السرقة، وإذا وجدت شيئًا في الشارع، هذا كله يُعالج على نفس النطاق والأسس، وأنا متأكد أن وساوسك - إن شاء الله تعالى – من النوع البسيط.

بالنسبة لعملية التفكير الخيالي وتسلطه عليك والذي يؤدي قطعًا إلى تشتت الذهن، هذا نوع من القلق، وهذا قد يكون فيه شيء مما يسمى بأحلام اليقظة، وأيضًا التفكير الخيالي هذا دائمًا يمهد للوساوس، فحين تأتيك هذه الأفكار وأنت مسترسل قل بصوت عالٍ – بشرط أن تكون وحدك – قل: (قف قف قف) هنا كأنك تخاطب هذا الفكر الخيالي بأن يتوقف.

أيها الفاضل الكريم: بشرى عظيمة جدًّا أنقلها لك، وهي أن هذه الحالات تستجيب للعلاج بصورة ممتازة، العلاج الدوائي، لكن لا بد من التطبيقات السلوكية التي تحدثت عنها، هنالك دواء ممتاز جدًّا يعرف باسم (فلوزاك) متوفر في مصر، ويسمى علميًا (فلوكستين)، وهناك دواء آخر يعرف باسم (فافرين)، ويسمى علميًا باسم (فلوفكسمين)، وهنالك دواء ثالث يعرف باسم (موادبكس)، ويعرف علميًا باسم (سيرترالين)، كل هذه أدوية ممتازة.

أعتقد أن تناولك للفلوزاك سيكون أفضل، لأنه دواء أكثر سلامة وسهل التناول، وليس له آثار جانبية، وأحسب أن سعره أيضًا معقول.

الجرعة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، تناولها بعد الأكل لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – وهذه يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة خمسة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً