الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالنقص وأكره الوظائف الحكومية لجهلي بها.. فما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم..

أبي يضعني في موقف محرج مع جميع الناس، حيث إن أبى رجل قوي بفضل الله، وأنا شاب ضعيف نحيف، فكلما ظهرت قوة أبي كلما كان ذلك له تأثير سلبي عليّ، حيث إن الناس تقول لي: "لماذا أنت لست قويًا مثل الوالد مع أنك في سن الشباب، أليس ابن الوز عوام، أم أن باب النجار مخلوع".

علمًا أنني أمارس الاستمناء، وأخشى أن أحسد والدي، أو أحقد عليه.

2- أنا شاب أعيش في مصر، و أحب المسلمين في كل مكان، ولقد تخرجت من الجامعة منذ عام، ولكن لا أريد العمل؛ لأني أخاف أن يضحك علي أحد، حيث إن أصحاب العمل أصبحوا ليس عندهم آمان، فحينما أذهب إلى وظيفة، فقد يقول لي:" صاحب العمل امض على وصل أمانة بمبلغ كذا" مثلا، وأحيانًا يكون وصل أمانة على بياض مثلا، وهم يستغلون جهلي، أنا وأصدقائي من الشباب الخريجين، كما أنني لا أعرف أي شيء عن الوظائف، وما المطلوب مني؟ وكيف أضمن حقي حتى لا يضحك علي أحد؟ كما أني لا أعرف هل العمل في القطاع الحكومي أحسن أم العمل في القطاع الخاص؟ وما هو التثبيت والتأمينات في الوظيفة؟ وهل التثبيت غير التأمينات أم هما بنفس المعنى؟ وهل هما موجودان في القطاع الحكومي والخاص أيضا أم لا؟

أرجو التوضيح تمامًا، وكيف أضمن حقي في أي وظيفة كانت سواء حكومية؟ أو قطاع أعمال عام، أو خاص، أو أي شيء آخر؟

- هل شرطًا أن يكون الشخص المتقدم للوظيفة من الأتقياء لكي يفتح الله له باب رزق؟ أم ليس شرطًا؟ حيث أنني أجد العصاة في وظائفهم، ويعيشون حياة جيدة، وقد تقولوا لي المهم الآخرة، ولكني أعيش في الدنيا، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نديم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا في هذا الموقع.
ومن قال إن القوة بالعضلات وبناء الجسم، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

ومن قال إن الإنسان بقوة الجسم، وهذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، كان لصغر حجمه وخفة وزنه إذا صعد غصن شجرة لم يهتز الغصن فكان هذا يُضِحك بعض الصحابة أحيانًا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حقه أن "ساقه تزن أحد" أي وزن جبل أحد!

ومن المؤسف أن الوالد وأصدقائه يقيسون الإنسان بقوة عضلاته وضخامة جسمه، ولكن هذا هو وقع بعض مجتمعانا، فماذا نفعل هل نهرب، ونتجنب هذا المجتمع، أو نخوض فيه، ونثبت لهم عكس الفكرة الشائعة؟! فهيا يا أخ نديم، انفض عنك هذه الفكرة الخاطئة، والتي من الواضح أنك غير مقتنع بها، وإلا لما كتبت إلينا، وادخل المجتمع، وعش حياتك، وخاصة بما وهبك الله إليه من العلم وإكمال الدراسة الجامعية، فكم من الشباب يتمنى لو كان عنده ما عندك.

لا تعتقد أن للاستمناء علاقة بضعف جسمك الذي أشرت إليه، وإنما ربما له علاقة بضعف الثقة بالنفس، فالاستمناء قد يؤدي لضعف الثقة بالنفس، والعكس صحيح.

كم هو جميل لو أن توظيف الناس كان على أساس تقوى الإنسان وصلاحه، لكان حالنا أفضل مما نحن عليه، إلا أن الواقع أن التوظيف يقوم أولا على الكفاءة والخبرة والشهادات، وربما يلعب حسن السلوك دورًا، ولكن على الدرجة المطلوبة، وهنا في كل وظيفة إجراءات وشروط يجب توفرها في المتقدم، فهيا قدم لبعض الوظائف التي تميل إليها، وحاول من خلال عملك أن تخدم الناس وتخدم المجتمع، والعديد من الأحاديث التي تدفعنا لخدمة الناس والسير في حاجاتهم.

وسأترك الجواب على بعض إجراءات التوظيف وقوانينه لمن هو خبير في هذا.
وفقك الله، ويسّر لك الخير.
+++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة د. أحمد الفودعي مستشار الشؤون الإسلامية والتربوية:
+++++++++++++++++++++
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحباً بك.

وبخصوص ما ورد في رسالتك - أخي الكريم الفاضل - فإني أرى أن سؤالك الأول ليس له وجه من العقل، أو المنطق؛ لأنك تعلم أن الذي قسَّم الأرزاق بين العباد هو الله سبحانه وتعالى، فالذي جعل القويَّ قويًّا هو الله، والذي جعل الضعيف ضعيفًا هو الله، والذي جعل الطويل طويلاً هو الله، والذي جعل القصير قصيراً هو الله، والذي جعل الغنيَّ غنيًّا هو الله، والذي جعل الفقير فقيرًا هو الله.

فكون والدك أقوى منك بدنًا هذا لا يعيبك في شيء مطلقاً؛ لأن هذا الأمر كل الناس يعرفونه، وهذا الأمر لا يمكن لأحد أن يتحكم فيه، فليس من مقدوري - ولا مقدورك - أن أكون أقوى من أحد، أو يكون أحد أقوى مني، اللهم إلا إذا كانت هناك بعض الرياضات التي يمارسها الإنسان على سبيل التدريب والمران، فهذا ممكن، أما القوة الفطرية التي فطر الله الناس عليها، القوة البدنية التي منحها الله لبعض عباده، يتعذر على الناس حقيقة أن يحصلوا عليها بمجرد رغباتهم أو أمنياتهم.

أنا أعلم أنك لا تحسد على والدك يقيناً، ولا تحقد عليه، ولكن أرى أيضاً أن شعورك بالخجل، أو الحرج من وجود هذا الفارق ليس له أي معنى؛ لأنه حتى وإن قال لك الناس هذا الكلام الذي ذكرته، إلا أن هذا لا يعيبك، بل أنت تتباهى بأن والدك رجل قوي، وأن الله بسط له في بدنه ومنحه قوة، وتقول (هذا قدر الله تبارك وتعالى، والله على كل شيء قدير).

فأنا أرى أن هذا الأمر لا يستحق منك هذا الإزعاج لنفسك بهذه الدرجة حتى أنك تستحي من الناس، أو تتحرج منهم؛ لأن الأمر ليس في يدك، ولا في يد أحد، أنا أعتب عليك لو أن هناك شيئا تستطيع أن تفعله، ولم تفعله.

فيما يتعلق بالعادة السرية: فأعلم - أخي الكريم - أنها محرمة شرعاً، وأن الله تبارك وتعالى قد حرمها على عباده من عموم قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}، وجمهور العلماء على أن العادة السرية كبيرة من الكبائر ومحرمة، ولذلك عليك أن تتركها، ومما لا شك فيه ستعود عليك بالوبال، وتستطيع أن تدخل إلى الاستشارات عندنا لتتعرف على الآثار والأضرار المترتبة على هذه العادة السرية المحرمة.

فيما يتعلق بمسألة التوظيف وغير ذلك: أنا أرى أن تسلك السبيل، وأن تجتهد، وأن تتوكل على الله، وأن تتقدم لجهات العمل، وأن تحاول أن تناقش الناس، وأن تحاورهم، ولعل السبب في أن بعض أصحاب الشركات الخاصة يطلبون مثل هذه الأوراق مما أصاب الناس من مصائب كبرى خاصة بعد الثورات التي حدثت في مصر، إذ أن بعض العمال قاموا بإحراق المصانع، وإحراق المكينات والآلات التي كانوا يعملون عليها، فأصبح أصحاب الأعمال يخافون من الموظفين، ولذلك بعضهم بدأ يسلك هذا المسلك، ولكن ليس كلهم، وما دمت رجلاً تتمتع بمهارات وقدرات أرى أن تتقدم وتدع الأمر بعد ذلك للاتفاق بينك وبين أصحاب العمل، ولا تُوَقِّع على شيء أنت غير مقتنع به، ولكن يجب عليك أن تتقدم لجهات العمل؛ لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والقوة المالية مطلوبة شرعاً، وأنت رجل خرِّيج جامعة، ليس من المعقول أن تظل جالساً في البيت، وقد مكَّنَك الله تبارك وتعالى من بعض العلوم والمعارف والناس في حاجة إلى هذا العلم الذي أكرمك الله به.

فتقدم إلى جهات العمل - بارك الله فيك - وحاول أن تبحث، ولا تظن أن الناس يضحكون عليك ويستخفون بك كما تتوقع أبداً، بل إن الناس يحترمونك إذا تقدمت إليهم وتكلمت معهم، وحاول البحث، ولكن كل الذي عليك أن تستعين بالله تعالى، تُصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، تتوجه إلى الله بالدعاء، واعلم أن الله تبارك وتعالى على كل شيء قدير.

قضية التنظيم والتثبيت والتأمينات: هذه قضايا من الممكن معرفتها بسهولة من شؤون الموظفين عندك في أي جهة من الجهات في مصر؛ لأن هذا ليس سر مهنة، وليس أمراً صعباً، فمعرفة هذه الأمور سهلة ميسورة بإذن الله تعالى، وهناك كتيبات تُباع مع باعة الصحف والجرائد فيها مثل هذه المعلومات التي تحتاج إليها.

فيما يتعلق بقضية التقوى والعمل: نحن نعلم أن المتقين الله تبارك وتعالى يحبهم ويتولى أمورهم، ولكن على المسلم أن يسلك السبيل، وأن يأخذ بالأسباب، وقد يكون ضعيف الإيمان ويوسع الله له في رزقه؛ لأنه في المستقبل سيكون عبداً صالحاً أو مستقيماً، فعليك أن لا تضع هذه القضية نصب عينيك بأن المتقي هو الذي يوسع الله زرقه وغيره لا، هذا ليس صحيحاً، فقد يكون غير صالح رزقه أوسع من العبد الصالح، وقد يكون العبد الفاجر رزقه أوسع من رزق المؤمنين، لأن قضية الأرزاق هذه قِسْمَة قَسَمَها الله تبارك وتعالى قبل خلق السموات والأرض، وهي ابتلاء من الله تعالى، فالذي ضُيَّق عليه في رزقه مبتلى بالضيق، والذي وُسِّعَ عليه في رزقه مبتلىً بالتوسعة، المهم أن نؤدي شكر الله تعالى على نعمه التي أكرمنا بها.

وما ذكره لك الأخ الدكتور مأمون مبيض - جزاه الله خيرًا - من نصائح وتوجيهات وإرشاد، وما ذكرته لك، إذا أخذت به سوف ينصلح حالك بإذن الله تعالى، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً