الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس ينتقل من العبادة إلى الصحة وهكذا... أرشدوني للحل!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أحب أن أشكركم على ما تقومون به في هذا الموقع من خدمة للإسلام والمسلمين.

مشكلتي بدأت في سن المراهقة، فبعد أن كنت ملتزمة بالدين، وأحضر حلقات التحفيظ باستمرار، ومجالس الذكر، وكنت محافظة على صلواتي والسنن الرواتب، أصبحت بعدها أعاني من الوسواس القهري، وكانت بدايته في أثناء السجود، وكنت أنسى هل سجدت أم لا? ثم انتكست حالتي وأصبحت الصلاة حملا ثقيلا علي، وتراجعت دراستي، ونقص وزني، وكنت من شدة الوسواس أصلي العشاء إلى الساعة 12 ليلاً، وانطويت على نفسي، وكنت دائماً أبكي على حالي.

بحثت في النت عن حالتي، وعرفت أنها الوسواس القهري، واستخدمت بعض الطرق، ولكن لا أستمر عليها، وأهلي رفضوا ذهابي لطبيب نفسي، وذلك خشية كلام الناس، بدأت بالمقاومة والتوكل على الله، وتحسنت حالتي كثيراً، وأصبحت أصلي في ربع ساعة بدل أربع أو خمس ساعات.

الآن أصبحت تأتيني الوساوس عن المرض، وخاصة بعد وفاة قريب لي، ولدي فقر دم نسبته 9، ووزني زاد في آخر سنتين، وأراجع لدى طبيبة تغذية، ما أعانيه الآن هو وسواس المرض، وأشعر كثيراً بالدوار، فهل هو من فقر الدم أم أنه الوسواس؟ وكيف أتعالج منه? صار الوسواس ينتقل من شيء إلى شيء آخر، مثلاً كان لدي وسواس الصلاة، والآن وسواس المرض، وهل هناك دواء يمكنني استخدامه للحد من إلحاح الأفكار؟ وهل هناك ضرر في ترك الوسواس دون علاج وأستمر فقط بالمقاومة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ داليا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله لك العافية والشفاء، أتفق معك أن الوساوس القهرية تلح على صاحبها مما يسبب الكثير من القلق والكدر، وأنت -الحمد لله تعالى- حاولت أن توظفي الآليات النفسية والسلوكية بصورة إيجابية جداً، وذلك بمقاومة هذه الوساوس وتحقيرها، وعدم إتاحة الفرصة لها، وجميل أنك أصبحت تقضين وقتاً أقل في الصلاة، هذه خطوة عملية ممتازة جداً، تدل على أنك أخذت أمر مواجهة الوساوس بصورة فاعلة، فأرجو أن تستمري على هذا النسق، وأنا متأكد أنك سوف تتخلصين من وساوسك، ونصيحة أخرى لا تحاوري الوسواس، لا تناقشي الوسواس، أغلقي عليه؛ حيث أن الحوار معه أو محاولة إخضاعه لأي نوع من المنطق يؤدي إلى تشعب الوسواس ونموه بصورة مزعجة جداً، والوساوس دائماً مرتبطة بالقلق والتوتر الداخلي وشيء من الكدر يسري إلى نفس الإنسان، خاصة المؤمن حين تكون هذه الوساوس ذات محتوى ديني.

أيتها الفاضلة الكريمة: موضوع فقر الدم الذي تعانين منه لا بد أن تعالجيه، وأعتقد أن نوع العلاج بسيط.

وأكبر سبب شائع لفقر الدم خاصة عند النساء، ناتج من نقصان الحديد، تناول الحديد أو أحد مشتقاته، وكذلك الحرص على تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الحديد، سوف يصحح تماماً وضع الهموجلوبين لديك، وبهذا تكونين قد ارتحت تماماً من موضوع الأنيميا أو فقر الدم، والذي جعلك الآن تخوضين في شيء من الوساوس، حيث أن شعورك بالدوار هل هو ناتج من فقر الدم أم ناتج من الوساوس، حتى أنا بالنسبة لي تصعب الإجابة جداً، لأن القلق المصاحب للوساوس يؤدي إلى الدوار، وفقر الدم أيضاً يؤدي إلى الدوار، فإذن لديك عاملان أساسيان، حاولي أن تصححي موضوع الأنيميا -أي فقر الدم- وهذا سهل كما ذكرنا لك، والوساوس أيضاً علاجها -إن شاء الله- سهل، وذلك من خلال الدفع السلوكي الذي تقومين به، وفي ذات الوقت تناولي أحد الأدوية، عقار بروزاك سيكون دواء مثالياً في حالتك، حيث أنه سليم وفاعل ولا يؤثر على الهرمونات النسوية أبداً، ولا يسبب الإدمان.

تكلمي مع ذويك حول هذا الموضوع، اشرحي لوالدتك مثلاً، وأنا متأكد أنها سوف تقبل أن تذهبي إلى الطبيب ليصف لك الدواء، هذه الحالات الآن تعالج بصورة فعالة جداً، وأنا على قناعة قاطعة أن الوساوس يمكن علاجها، وعلاجها بصورة ممتازة، نعم العلاج السلوكي جيد، ولكنه لا يكفي، والعلاج الدوائي مطلوب، والعلاج الدوائي نفسه يمكن كثيراً الإنسان أن يتفاعل بصورة ممتازة مع البرامج السلوكية التي يريد أن يطبقها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً