الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحقت بدراسة الهندسة الكهربائية دون رغبة مني وأصبت بالاكتئاب!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم أولاً لعونكم ومساعدتكم، وأرجو الله أن يوفقكم، جزاكم الله عنا كل خير.

أنا طالبة جامعية في السنة الثالثة، أدرس الهندسة الكهربائية، والحمد الله لا أعاني من أي مشاكل داخل أسرتي، كنت في الثانوية من المتفوقين، حتى أنني كنت من الأوائل على مستوى الدولة، كانت رغبتي الوحيدة أن أدرس العمارة، فأنا أحب الرسم، وإتقاني فيه جيد جدا، ولكن علو نسبتي جعل والدي يصر على أن أدرس الهندسة الكهربائية.

كنت أعاني في السنة الأولى من الاكتئاب والحزن والإحباط طوال الوقت، ولكن مرت السنة الأولى ولم أحرز معدلا جيدا، وبحلول الثانية تجاوزت الوضع وأصررت على العودة لمستواي وأن أحرز معدلا مرتفعا، وكان ذلك كل هدفي، فأحرزته -والحمدلله-، ولكن بعدها عاد مستواي للتدهور، فأصبحت غير مهتمة -كما في السابق-، والسبب أنني كنت دائمة التفكير في الآخرين الذين يفوقونني في المستوى، كما انعدم وجود هدف واضح لي، حيث إن رغبتي تختلف تماما عن ما أدرسه، وأحس بأنني لن أتمكن من التفوق والإبداع والإنجاز، أحس بالفشل والانهزام والدونية والضياع وضعف الهمة، دائمة الإحباط والتردد، كثيرة الارتباك، وليست لدي إرادة أو عزيمة، وأصبح تركيزي مشتتا جدا وأبكي كثيرا، فقدت اهتمامي بالدراسة وصرت أكرهها وأخافها، وألوم نفسي كثيرا، ودوما أحس أن كل ما أفعله لا قيمة له، وأن زمني وعمري يضيعان بلا فائدة.

كثيرا ما بحثت عن حل لمشكلتي، وما كنت أجده، كان دوما يدور حول قوة العزيمة في التغيير،
ولكن عزيمتي منهارة، أيقنت أنني مصابة بالاكتئاب، ولكن لا أدري ماذا أفعل؟!

دعوت الله كثيرا ليفرج كربي، ولكن لا ينفع التواكل بل التوكل، وما يسوؤني أكثر ضعف عزمي الشديد، وعدم وجود هدف أعمل لأجله لعدم حبي لما أدرس!

إنني كتومة، لم أخبر أحداً من أسرتي بما أعانيه، ولا أستطيع أن أخبرهم، أريد حلاً لما أنا فيه.

آسفة على الإطالة، أحتاج عونكم، وأشكركم كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Malaz AbdAllah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى من الله الكريم أن يحقق أمنياتك، ويرشدك إلى ما فيه الخير.

موضوع اختيار التخصص أو المهنة المستقبلية من الموضوعات المهمة، والتي ينبغي للفرد أن يدرسها دراسة مستفيضة قبل أن يختار؛ لأنها ترتبط بحياة الفرد المستقبلية، فإذا تم الاختيار وفقاً للقدرات العقلية والميول الدراسية أو المهنية؛ فسيشعر الإنسان بالمتعة والسعادة وهو يدرس أو يؤدي عمله، أما إذا تم الاختيار للتخصص وفقاً لرغبة الآخرين أو لتحقيق أهدافا أخرى -غير موضوعية-؛ فربما لا يجد الشخص نفسه في هذه الدراسة أو هذه المهنة.

وأحياناً الرغبة وحدها ليست كافية لتحقيق الهدف وإنما لا بد من مراعاة القدرات العقلية والميول المهنية؛ فبعض الطلاب ينجح في دراسته، ولكن عندما ينخرط في مجال العمل يشعر بعدم الرضا عن وظيفته.

فنقول لك -أختي الكريمة-: إن الإنسان يمكن أن يبدع في أي مجال من مجالات الحياة، ما دامت له قدرات وميول تؤهله للتفوق في هذا المجال.

والواضح من استشارتك أن قدراتك العقلية تؤهلك للنجاح في المجال الذي أنت فيه الآن، وتفوق الآخرين ليس معناه أنك فاشلة، صحيح؛ إذا تطابقت القدرات العقلية مع الرغبة ستكونين أكثر نجاحاً وتفوقاً.

والآن أنت أمام خيارين: إما المواصلة في نفس التخصص والتخرج بأي درجة كانت، ثم تواصلين دراساتك العليا بعد الجامعة في تخصص يتوافق أو يتماشى مع ميولك، أي في أي فرع من فروع الهندسة الكهربائية تحققين فيه ما تريدين, وهذا الخيار من فوائده أنك كسبت سنتين دراسيتين وأرضيت الوالد وحققت رغبته.

أو تتجهين نحو الخيار الثاني، وهو التحول إلى تخصص الهندسة المعمارية، ومن فوائده أنك ستحققين رغبتك الشخصية مع تضييع سنة أو سنتين دراسيتين إذا أقتنعت الأسرة بذلك.

وباختصار: حاولي دراسة الإيجابيات والسلبيات لكل من الخيارين دراسة مستفيضة، واستشيري ذوي العلم والمعرفة في المجالين وخاصة أساتذة الكلية، ثم استخيري الله -عزَ وجلَ- فإنه سيرشدك لما فيه خير دينك ودنياك، وإن شاء الله يطمئن قلبك ولا تندمين على ما يختاره الله لك.

وللتخلص من الحالة الاكتئابية: أنصحك بزيارة المرشد الطلابي أو العيادة النفسية؛ فسيساعدك في إيجاد الحل للمشكلة إن شاء الله، ويمكنك كذلك الاستفادة من هذه الروابط في العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121).

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً