الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا طالب، وموضوع الزواج أشغل تفكيري، فبماذا تنصحوني؟

السؤال

السـلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزى الله خيراً كل القائمين على هذا الموقع.

أنا طالب جامعي -من السودان- أكملت البكالوريوس والحمد لله، وبدأت في برنامج الماجستير منذ عام تقريباً، ومنذ أن تخرجت من الجامعة كنت أفكر في البحث عن عمل والزواج مباشرة، لكني استمررت على تلكم الحال قرابة العامين، ولم أجد وظيفة؛ حينها قررت أن أواصل في مشوار الدراسة خاصة، وتم قبولي في منحة بالمملكة العربية السعودية، والتي أدرس بها الماجستير الآن، ولله الحمد والمنة.

لكن كثيراً ما تجدني أفكر في موضوع الزواج، وأمضي في ذلك وقتاً طويلاً، خاصة إذا وقعت عيني على ما لا يرضي الله، فأغضب غضباً شديداً ويضيق صدري، وأسأل نفسي: لماذا لا أتزوج الآن وأريح نفسي؟ أعلم أن ذلك سيؤدي إلى تحسين مستواي الأكاديمي، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

أحياناً أقنع نفسي وأقول: سأصبر، كلها أيام معدودات وسأتخرج وألتحق بعمل، وأتزوج إن شاء الله، لكن لا ألبث أن أعود وأفكر في موضوع الزواج مرة أخرى، خاصة وقد أصبحت أخشى على نفسي من الوقوع فيما لا تحمد عقباه.

طبعاً ليس لدي دخل كبير بحكم أني طالب متفرغ للدراسة، لكن هذا قد لا يشكل عائقاً؛ لأنه من وجهة نظري -والله أعلم- الزواج ليس مالاً (التمس ولو خاتماً من حديد)، وأنا واثق أن الله سيفتح لي باب رزق من حيث لا أحتسب، لكن كيف أقنع أهلي ومن حولي؟ هم يتكلمون ولكن لا يعلمون الواقع الذي نعيشه.

من جانب آخر توجد مجموعة من الفتيات، لا سيما السودانيات بالمملكة، وهن في أشد الحاجة للزواج أيضاً؛ فأقول في نفسي: والله هذا شيء غير معقول، ولا يقبله العقل السليم، الشابة موجودة ومحتاجة للزواج، والشاب موجود ومحتاج هو الآخر للزواج، فلماذا لا يتعاون الاثنان؛ ليفرج كل عن صاحبه ما يلقاه من هم.

أفيدوني -جزاكم الله خيرًا- فأنا أرغب في الزواج الآن، فهل تنصحوني بالتوكل على الله، والزواج مباشرة، أم توصوني بالصبر حتى إكمال الدراسة؟ وماذا عن أهلي إذا لم يتفقوا معي لا قدر الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونهنئك على فرصة الدراسة في البلد الحرام، ونسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يغنيك بالحلال، ويوسع رزقك ويحقق لك الآمال.

العظيم الكريم يعين من يطلب العفاف، والمرأة تأتي برزقها، وكذلك العيال، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وقد قال العظيم في كتابه: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} وكأن قائلًا قال: فمن أين الأموال؟ فجاءت الإجابة الربانية {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} وفهم السلف فحوى القرآن فقال قائلهم: التمسوا الغنى في النكاح، وصدقوا والله، فالغنى في النكاح؛ لأن الإنسان يعرف قيمة الدينار والريال بعد الزواج؛ ولأن همة الإنسان تقوى، ويبحث عن مصادر للرزق؛ فيزداد عنده الخير بالإضافة لعنصر البركة من خلال الاجتماع على الطعام.

لا تتردد في أمر الزواج، ونبشرك بأن فيه عونًا على النجاح، وفيه رفعًا للحوافز والمعنويات، ويشعر طالب العلم بعد الزواج أن هناك من سيفرحون جدًا بنجاحه، وينظر للمستقبل بعمق وبعد نظر، فنجاحه لأطفاله وأحفاده.

ونتمنى أن تحسن الاختيار، وأن تشرك الأسرة منذ البداية، وتجتهد في إقناعهم، وأملنا أن تجد من يتكلم بلسانك من الفضلاء والعقلاء والدعاة، ولا يخفى عليك أن من يدرس في المملكة يعتبره الناس مغتربًا، ووضعه مريح، ومستقبله جيد، ولذلك لن يتردد أهالي البنات في القبول بك.

ولا يخفى عليك أن فكرة الزواج إذا صعدت إلى الرأس؛ أصبحت مصدرًا للتشويش، ولن تستريح حتى تتزوج، والزوجة الصالحة عون لك على النجاح والحياة، وبوجودها يكتمل نصف الدين، ويكثر الخير، ويأتي بإذن الله الهناء.

وهذه وصيتنا لك: بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، ونسأله أن يأخذ بيدك، ونسعد بتواصلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً