الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اضطربت أحوالي المادية فتغيرت حالتي، وأصبحت أشاهد أفلاما جنسية.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أشكركم على هذا الموقع الرائع والمتميز حقاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كما أسأل الله العلي القدير أن يوفقكم ويسدد خطاكم.

أنا شابٌ في الـ 21 من عمري، محافظ على الصلوات منذ صغري بفضل الله أولاً، ثم بفضل والدتي أطال الله في عمرها.

ولكن في الفترة الأخيرة اضطربت أحوالي المادية قليلاً، فشلت في دراستي؛ وبدأت بعض الكوابيس تراودني وتحطم كياني، وأصبحت لا أخلو من الوساوس في صلاتي؛ وأسرح كثيراً عند الصلاة؛ أصبحت أقول في نفسي: إنني منافقٌ؛ وإن حالتي دليل عقاب الله لي! رغم أنني أحب فعل الخير والمثابرة والاجتهاد لفعله كلما استطعت.

إخوتي الكرام: أريد منكم نصيحة، فهل هذا مجرد نزغ من الشيطان لهتك وتحطيم وقطع صلتي بالله، أو أنني مصاب بعين، أو بشيء آخر؟

أيضاً: أعاني من ذنب عظيم يهز كياني؛ ويقض مضجعي كلما فعلته، حيث أنني أندم كثيراً بعد فعله، وأقول: إنني لن أعيده مرة أخرى، وهو: مشاهدة الأفلام الإباحية من حين لآخر، حتى أصبحت أقول في نفسي: إنني منافق وتافه؛ وبدأت أفقد الثقة في نفسي، وهو ما نتج عنه بداية الفشل في دراستي.

أرجو منكم نصيحة بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ adel حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يُعيننك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل –: الذي يبدو منها أن الشيطان – لعنه الله – بدأ يشُنُّ عليك حربًا شعواء؛ لأن الشيطان يكره الخير للإنسان، ولذلك حذَّرنا الله تبارك وتعالى منه بقوله: {إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوًّا}، وقال أيضًا: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}، وقال جل وعلا: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين}، فما من عدوٍّ ركَّز الله على بيان خطورته كما ركَّز على بيان خطورة الشيطان، ورغم ذلك – مع الأسف الشديد – الكثير منا لا يلتفت لهذا العدو اللعين، وإنما يُفكّر في البحث عن أعداء له من إخوانه وأقاربه، حتى إن بعضهم يقول – والعياذ بالله تعالى – (الأقارب عقارب).

هذا كله من التضليل والتعمية وحرب التشويه والتمويه التي يشُنُّها الشيطان على قلوب المؤمنين؛ ولذلك عزَّ على الشيطان عبدًا صالحًا مستقيمًا، خاصة أنك محافظ على الصلوات منذ صغرك، فبدأ يشُنُّ عليك هذه الحرب، حرب الكوابيس وحرب الوساوس؛ لأن الشيطان عادة ما يستعمل وسيلتين لإفساد الإنسان، إما أن يُفسد ظاهره بالشهوات، وإما أن يُفسد باطنه بالشبهات، والحرب التي تعاني أنت منها الآن إنما هي حرب الشبهات، حربٌ على القلب عن طريق الوسوسة وعن طريق الكوابيس وعدم الراحة والسرحان، حتى إنك أصبحت ترى الصلاة ليست هي الصلاة التي كنت تُصلِّيها، وأصبحت عِبئًا ثقيلاً عليك، ولا تشعر فيها بالحلاوة والراحة التي كنت تشعر بها سابقًا.

هذه كلها من كيد الشيطان، وبصرف النظر عن كون هذا الشيطان أراد أن يُفسد ما بينك وبين الله، أو أنه جاءك عن طريق العين، أو المسِّ، أو السحر، أو الحسد، لا عبرة حقيقة بالوسيلة، وإنما العبرة بالنتيجة، فالنتيجة أنك الآن تعاني، وعلاجك - ولله الحمد والمنة – يكون بالتالي:

الأمر الأول: أن تحافظ على الصلوات في جماعة، حتى وإن كنت لا تشعر بحلاوة ولا تشعر بلذَّة كما كنت تشعر سابقًا، حتى ولو كنت تسرح فيها من أولها إلى آخرها، حافظ على الصلوات في أوقاتها جماعة؛ لأن الصلاة من أعظم الأعمال التي تُعينك على الشيطان، كما قال الله تبارك وتعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة}، فالصلاة في حدِّ ذاتها سلاح، لا يُوجد سلاحٌ أقوى منه، عندما تترك الصلاة معنى ذلك أنك تواجه عدوُّك بغير سلاح؛ فتكون النتيجة أن ينتصر عليك، فحافظ على الصلاة حتى وإن كانت صوريَّة أو شكليَّةً.

الأمر الثاني: حافظ على الأذكار التي بعد الصلاة، خاصة آية الكرسي والمعوذتين وقل هو الله أحد.

الأمر الثالث: حافظ على أذكار الصباح والمساء بانتظام، مهما كانت الأشغال التي عندك.

الأمر الرابع: كم أتمنى أن ترقي نفسك إن استطعت إلى ذلك سبيلاً، والرقية الشرعية ليست سرَّ مهنة خاصة لبعض العباد، وإنما هي نوع من أنواع العبادة، شأنها شأن غيرها، فإن استطعت أن ترقي نفسك بنفسك يكون حسنًا، وإن لم تستطع فتستطيع أن تستعين بأحد الرقاة الثقات يقوم برقيتك أكثر من مرة حتى تتخلص من هذه الوسواس ومن هذه الكوابيس التي ذكرتها.

الأمر الخامس: لا بد أن تتوقف عن مشاهدة الأفلام المحرمة؛ لأنك بذلك تُعطي عدوُّك سلاحًا ليقتلك به، فأنت كلما كنت حريصًا على الطاعة؛ أعطاك الله أسلحة تقاوم بها الشيطان، ولكن إن وقعت في المعصية أعطاك الشيطان سلاحًا يُدمِّر به الإيمان، فمشاهدة الأفلام الإباحية من حينٍ إلى آخر حتى وإن كانت فترات متباعدة تُضعفك وتُضعف إيمانك، وتُسيءُ العلاقة بينك وبين الله، وبالتالي لن يكون أمامك إلا الشيطان الذي سيلعب بك كما يلعب الأطفال بالكرة.

اطلب من والدتك الدعاء لك، حافظ على ورد من القرآن الكريم يوميًا، لا تقل: بأنك فشلت دراسيًا، ولكن قل: إنك على خير، وأن هذه كاستراحة المُحارب، وحاول أن تعود مرة أخرى إلى مذاكرتك، وأن تنظِّم وقتك، وأن تراجع دروسك، وأن تبدأ في العودة إلى مكان الدراسة سواء الجامعة أو المدرسة، ثم بعد ذلك حاول أن تذاكر أولا بأول، وسل الله أن يجعلك من المتميزين، وضع هدفًا أن تكون الأول على صفِّك، وأبشر بالذي هو خير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً