الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار وسواسية أدت لإصابتي بمرض في اللسان

السؤال

السلام عليكم..

أنا امرأة متزوجة، أعاني منذ طفولتي من انسداد في أنفي، مما يجعلني أشعر بصعوبة في التنفس، خاصة عند إصابتي بالزكام وأمراض البرد، واستمرت معي هذه الحالة حتى كبرت وتزوجت، وتزيد معاناتي أثناء الحمل، وأشعر بصعوبة في استخدام بخاخات الأنف بسبب هذا الانسداد، إلا أنني استخدمت هذه البخاخات لفترة طويلة، مما أدى لتضخم قرنيات أنفي، ولم أستطع التنفس بعدها أبداً، وأثر ذلك على سمعي أيضاً، وبعدها أكد لي الأطباء ضرورة إجراء عملية جراحية لفتح الأنف وتسهيل التنفس.

أجريت عدة عمليات جراحية، ولكنها لم تنجح، فساءت حالتي النفسية، وبدأت أشعر بأنني لست كبقية البشر، وداهمتني أفكار غريبة عن طبيعة خلق أنفي، وأنه مختلف عن باقي البشر، وتطورت الأفكار عندي، فأصبحت أفكر في خلق الأذن، والفم، وكيف أتنفس؟ وكيف أتكلم؟ وأصبحت أركز على شكل اللسان بأنه قبيح، ومؤذ، وأن مكانه خطأ في الفم، ولم هو بهذا الشكل؟ وكيف يتحرك هكذا؟ ولماذا يوجد لعاب؟ وأن هذا اللعاب قد سبب لي أذى، ثم بدأت أشعر بأن لساني بدأ يحرقني ويؤلمني، وكأن به نارا، فبدأت بأكل اللبان طوال الوقت حتى لا أشعر بشيء، وأصبح لونه أحمر، وبدأت أفكر في ألسنة الناس وأراقبها، وأراقب تنفسهم، وطريقة بلع ريقهم، وكيفية تنفسهم أثناء تحدثهم، وأفكار أخرى غريبة سببت لي أزمةً نفسيةً، وانهياراً عصبياً، واكتئاباً، وبكاءً شديداً، وخوفاً، وهلعاً، خاصة عند استيقاظي في الصباح، هذا كله جعلني أفكر بالانتحار، وأهملت مظهري العام، وأصابني العجز والكسل.

وقد أجريت عملية أخيرة لأنفي، ونجحت -بفضل الله-، وعاد لي التنفس بشكل طبيعي ومريح، وتوقف ألم لساني، وفي بعض الأيام أكون مرتاحة من تلك الوساوس، ولكن ما زالت الأفكار الوسواسية تراودني، وأريد أن أتخلص من الاكتئاب، والخوف، والضيق، الذي يلازمني، أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شريفة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله أنك في النهاية استرحت من انسداد الأنف المزمن، وهذا -إن شاء الله- بداية تخلصك من كل الوساوس التي تتعلق بالجهاز التنفسي لديك.

أما بالنسبة لحرقة اللسان فهناك أسباب عديدة يمكن أن تكون السبب في هذه الحرقة وسأذكر منها:

أولا: جفاف الفم، وهذه الحالة يمكن أن تنتج عن أمور مختلفة، والتي يمكن أن تسببها الأدوية المختلفة، وكذلك الأمر بالنسبة للمشاكل الصحية، بالإضافة إلى أن مشاكل الغدة اللعابية قد تعمل على التسبب بمثل هذه الحالات، وقد يكون التوتر العصبي الذي تعانين منه سبباً مهماً لهذا الجفاف، ويعالج بمعالجة التوتر العصبي.

ثانيا: الحالات المرتبطة بالعدوى التي تنتج عن الفطريات في الفم مثل: (القلاع الفموي) وهي حالة تسمى بالتهاب الفم الحزاز المسطح، أو حالة تسمى اللسان الجغرافي، والذي يعطي اللسان مظهراً يشبه الخريطة، حيث تعالج الفطور بالعلاج الموضعي بمضادات الفطور، وأحيانا بالعلاج بالطريق الفموي العام, وأما الحزاز فيعالج بحقن الكورتيزون في الآفات.

ثالثا: نقص التغذية مثل نقص بعض الفيتامينات مثل: الحديد، والزنك، وحامض الفوليك، و(فيتامين ب 9)، والثيامين، و(فيتامين ب 1) والريبوفلافين (فيتامين ب 2)، البيريدوكسين (فيتامين ب 6)، وكوبالامين (فيتامين B-12)، والتي من الممكن أن تتسبب في الألم إذا لم تعالج، أو بتقدم الحال إلى مثل هذه المشاكل، ويمكن لك بداية أخذ كورس علاجي من فيتامين ب المركب، وإجراء تحليل دم للتأكد من عدم وجود فقر الدم، أو نقص الحديد، وفي حال وجوده عليك بأخذ الحديد عن طريق الفم.

رابعا: الحساسية، أو ردود الفعل على الأطعمة والمنكهات الغذائية، والإضافات الغذائية الأخرى، والعطور، والأصباغ، أو المواد المستعملة في صنع مقومات الأسنان، ولهذا فلا بد لك من محاولة ربط حرقة اللسان بتناول أطعمة معينة، أو سوائل معينة، وفي حال التأكد من ذلك عليك بالابتعاد عن هذه الأطعمة.

خامسا: ارتداد حمض المعدة (مرض الجزر المعدي)، الذي يصل إلى فمك من معدتك وذلك عندما يحدث ارتجاع للطعام الذي تم هضمه، ويترافق مع بحة في الصوت، وألم بلعومي سفلي واحمرار في البلعوم، ويعالج في حال وجوده بمضادات الحموضة، والأدوية المضادة للقيء لمنع رجوع الحمض من المعدة.

سادسا: بعض الأدوية، خصوصاً أدوية ضغط الدم المرتفع، وكذلك بعض الأدوية النفسية.

سابعاً: العادات الفموية، مثل دفع اللسان، والعض على طرف اللسان، والصر على الأسنان (صرير الأسنان) أثناء النوم، ولهذا لا بد من مراقبتك أثناء النوم، والتأكد من عدم وجود هذا الصرير، وفي حال وجوده لا بد من مراجة اختصاصي الجراحة الفكية، لعمل قالب يوضع أثناء النوم في الفم لمنع العض على اللسان، واحتكاك الأسنان.

ثامناً: اضطرابات الغدد الصماء، مثل مرض السكري، أو الغدة الدرقية (قصور الغدة الدرقية).

تاسعاً: تهيج الفم، وقد ينتج ذلك عن الاستخدام الخاطئ لمعاجين الأسنان، وكذلك الإفراط في استعمال غسول الفم، أو تناول الكثير من المشروبات الحمضية مثل الليمون.

أدعو الله تعالى بتمام الصحة والعافية لك.
ـــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: باسل ممدوح سمان -استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة-.
وتليها إجابة الدكتور: محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
ـــــــــــــــــــــــــــ
لا شك أن الجانب النفسي قد لعب دورًا كبيرًا في أعراضك التي تعانين منها، وقد بدأ الأمر كأنه طبيعي، وتمثل في الشعور بانسداد الأنف، ومن ثم دخلت في مسلسل العمليات الجراحية التي لم تكن نتائجها جيدة إلا مؤخرًا، وهذا أدخلك في أن تكوني حساسة جدًّا حول جسدك، والشعور بالقُبح بدأ يُهيمن عليك، وهي علة معروفة جدًّا، نعتبرها نوعًا من المراء المرضي الوسواسي، حيث يُركِّز الإنسان على أعضاء معينة من جسده، وينظر إليها بأنها قبيحة ومنفِّرة وليست على وضعها الطبيعي.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا قطعًا ينتج عنه اكتئاب، وينتج عنه وساوس مهيمنة ومسيطرة ومستحوذة، أريدك أن تتجاهلي هذه الأفكار بقدر المستطاع، وأن تُديري حياتك بصورة فعّالة، ولا تتركي أي مجال للفراغ، وأتفق معك أنك في حاجة لعلاج دوائي مضاد للمخاوف وللوساوس، ومُحسِّنٌ للمزاج، ونحن حريصون جدًّا في مثل عمرك ألا يُطبق الاكتئاب على الناس، لأن الاكتئاب عند النساء غالبًا يبدأ بعد خمس وثلاثين عاماً من العمر.

أنا أفضل أن تذهبي وتقابلي أحد الأخوة الأطباء في الكويت -والحمد لله تعالى- يوجد عدد كبير من الأطباء المتميزين، وإن صعب عليك هذا فهناك دواء جيد جدًّا، وهو عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft)، أو (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، أعتقد أنه سيكون مثاليًا في حالتك، والجرعة هي أن تبدئي بحبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة خمسون مليجرامًا، تتناولينها لمدة شهر، ثم تجعليها حبتين ليلاً -أي مائة مليجرام- وهذه هي الجرعة الوسطية، ولا نعتبرها جرعة كبيرة، استمري على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم اجعليها حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

من المهم جدًّا أن تتبعي النسق العلاجي الذي ذكرناه، لأن الجرعات الدوائية تبدأ بجرعة تمهيدية، ثم جرعة علاجية، ثم جرعة الوقاية، ثم جرعة التوقف التدريجي عن الدواء حتى لا تحدث آثار انسحابية، والزولفت دواء مسالم جدًّا، ولا يؤدي إلى الإدمان، وليس له تأثيرٌ على الهرمونات النسوية عند النساء، لكن ربما يفتح الشهية قليلاً للطعام، فكوني حذرة حول تناول الحلويات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً