الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الضيق، وأخاف من الموت، بسبب وفاة من أحب، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من القلق والتوتر والخوف من الموت، مع أنني لم أكن هكذا في السابق، بل كنت مرحة ومتفائلة جدا، ولكن تبدل حالي بعد وفاة شخص أعرفه بدون مقدمات، وكنت أحبه، وكانت وفاته صدمة بالنسبة إلّي، وعندما سمعت الخبر أحسست بأنني متبلدة المشاعر، وغير قادرة على البكاء.

بعد شهر من وفاته أصابتني حالة بكاء وضيق شديد، وكلما تذكرته أشعر بأنني سأموت في تلك اللحظة، مرضت وأصبحت لا أرغب في الأكل، وإذا أكلت لم يستقر الأكل في معدتي.

ذهبت إلى المستشفى، وقالوا: بأنني سليمة، مما زاد في شكي بأنني سأموت، والآن قد مر على وفاته سنة، وأنا كلما تذكرته زاد الضيق والتوتر والحزن، وإذا أخبرت أحداً بما أشعر به، قال: هذه أوهام لا تلتفتي لها، ومع الوقت سوف تزول، لذا فضلت السكوت، ولقد وصلت إلى مرحلة كرهت فيها حتى نفسي، أتمنى أن تفهموني، فأنا أريد أن أرجع كما كنت في السابق، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك قلق المخاوف، ووفاة الشخص الذي تعرفينه كانت هي المحفِّز للمزيد من القلق ومن الخوف، ونسبة لاستمرارية الحالة معك لمدة زادت على الثلاثة أشهر، بدأتْ تظهر لديك بعض الأعراض الاكتئابية من الدرجة البسيطة.

نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة للمتوفى، ولا بد أن تُصححي مفاهيمك حول الحياة والموت، الموت حق ولا شك في ذلك، القلوب تحزن ولا شك في ذلك، العيون تدمع عند فقد الأحباب، ولا شك في ذلك، لكن الإنسان يجب أن يصبر ولا يقول إلا ما يُرضي الله تعالى، وإنما الصبر عند الصدمة الأولى، وتذكري قوله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}، فاسترجعي ورددي (إنا لله وإنا إليه راجعون، لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى) واصبري.

حياتك يجب أن تسير، حياتك يجب أن تستمر، لا تكوني أبدًا أسيرة لهذه الأحزان. الدعاء بالرحمة دعاء عظيم جدًّا لموتى المسلمين، واجعلي لحياتك معنىً، لا بد أن تكون لك خطط، لا بد أن تكون لك طرق ووسائل تعيشين من خلالها حياةً إيجابية مُفعمة بالتفاؤل وبالأمل والرجاء.

أنت لم تذكري عمرك، وأعتقد أن هذا مهم بالنسبة لنا، لكن أقول لك: إن كنت في مرحلة دراسية فلا بد أن تكثفي جهودك من أجل أن تحصلي على أعلى الدرجات، وإن كنت قد انتهيت من دراستك فاستثمري وقتك في أي أنشطة تكون مفيدة بالنسبة لك، لا بد أن تكون لك مشاركات أسرية كبيرة، مشاركات نافعة، مشاركات مفيدة، هذا يُقلل عندك هذا الشعور بالخوف والتوتر والقلق، احرصي على الصلاة في وقتها فهي عماد الدين، وهي عماد النفوس من حيث تقويتها ودفعها نحو بر الأمان والطمأنينة، كوني بارة بوالديك، هذا يعود عليك بطمأنينة كبيرة جدًّا.

هنالك تمارين للاسترخاء ننصح الناس بأن يمارسوها، فاحرصي عليها، وهذه التمارين وردت تفاصيلها في استشارة تحت رقم (2136015) اطلعي عليها، وكوني مواظبة عليها حتى تنتفعي بها.

تنظيم الوقت مهم وضروري جدًّا من أجل النجاح في الحياة، والانصراف عن الحزن والتوترات، كثّفي أنشطتك الاجتماعية، هذا أيضًا يفيدك كثيرًا، وكوني معبرة عمَّا بداخلك، ولا تكتمي، لأن الكتمان يؤدي إلى احتقانات نفسية كثيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً