الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفشل يلاحقني في حياتي وأخاف من المستقبل، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر 22 عاماً، ومشكلتي أنني فاشل في حياتي، فشلت في دراستي وتركتها، درست مجال المحاسبة ولم أوفق، تعلمت التصميم والبرمجة ونفس المشكلة، والآن آخذ دورات في بورصة الأسهم والعملات لأكون ناجحاً في هذا المجال لمدة 3 سنوات ودون فائدة تذكر، قرأت الكتب، تلقيت محاضرات بالمئات إلى حد الساعة لا نتيجة، هذه هي مشكلتي.

بصراحة أشعر بالخوف من المستقبل وحياتي غير مستقرة، كل أصدقائي الذين درست معهم نجحوا في حياتهم، والله إني تعبت من المحاولات، ودعوت الله مراراً ولكن دون جدوى، وكل يوم يأتي بأسوأ الأحوال!

يا ليت تساعدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عز الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: هناك فارق هائل بين الفشل والفاشل، الفشل يا –أخي- وسيلة طبيعية للنجاح، ولو لم يفشل العباقرة ما وصلوا إلي ما هم عليه من العلم والمكانة التي نالوها.

ثانياً: لا يوجد أحد قط على ظهر هذه الأرض لم يمر بتجارب فاشلة في حياته لكن الناس أمام الفشل على قسمين:
1- قسم تحكم فيه الفشل وسيطر عليه حتى غدا أسيراً له عاجزاً عن تحقيق أدنى ما يريد مع القدرة على النجاح.
2- قسم آخر اتخذ من فشله مطية إلى النجاح فكان الفشل أهم معين له بعد الله، وربما مر عليك أن توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي فشل 1800 مرة قبل أن ينجح في المرة الأخيرة.

ثالثاً: لقد خلق الله الإنسان وأعطاه ملكات النجاح والتفوق، وأنت عندك هذه الملكات، فمثلاً أنت عندك المبادرة وجلد الذات والهمة، وقد ظهر ذلك من خلال رسالتك، فقد بادرت بالكتابة إلينا واتهمت نفسك بالتقصير، ودخولك أكثر من مجال يدل على همة عندك، وهذه الثلاثة -أخي الحبيب- متى ما وظفت في المكان الطبيعي لها أثمرت عن نجاح وتفوق بشرطين:
1- الجهد الدائم المبذول.
2- الصبر وعدم التعجل على النتائج.

رابعاً: تعامل مع التجارب الفاشلة على أنها دروس وخبرة أضيفت إليك، وانتبه إلى الأسباب التي أدت إلى الفشل، وستجد أنك بذلك تكسب رصيدا معرفيا جيدا معك.

خامساً: من المهم -أخي الفاضل- أن تفرق بين قدراتك وأمنياتك، وأن تجعل طموحاتك على قدر ما أنعم الله به عليك من طاقة وقدرة، فقد لاحظنا أنك انتقلت من المحاسبة إلى التصميم والبرمجة وهما بعيدان عن بعض، ثم بعدها انتقلت إلى بورصة الأسهم والعملات وهذا أبعد من سابقيه، وهذا يعني أن الخطأ عندك في المدخل إلى فهم قدراتك؛ لذلك أهم شيء أن تحسن فهم ما تحسنه وأن تدخل فيه وأن تجتهد وأن تصبر على النتائج.

سادساً: قد أنعم الله عليك بنعم ظاهرة وباطنة، فلا تجعل مثل تلك العقبات وسيلة إلى نسيان ما أنعم الله به عليك من نعم، وتذكر أن الفشل ابتلاء، والصبر عليه له أجره عند الله، وقد قال الله تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، مثل هذا الإيمان يحملك على التسليم فيما مضى بقضاء الله وقدره، مع الاستعداد الكامل لما ينبغي عليك فعله، وأكثر من الدعاء -أخي الحبيب- من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل).

وأخيراً: نحن واثقون -إن شاء الله- من تجاوزك لهذه المرحلة، نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً