الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعوري بالكسل أثر على حياتي العلمية والعملية، فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

مررت بظروف صعبة، من فقر، إلى مشاكل أسرية وعلى أتفه الأسباب، وبصورة شبه يومية، وغير ذلك لدي أخ معاق ذهنيا، فهو ودود وأحبه كثيرا، ولكني قلقة عليه من كل شيء، خصوصا من المستقبل، وأتعذب كثيرا عندما أتأمل حاله، كنت أتمنى أن يكون طبيعياً مثلنا -الحمد لله على كل شيء-.

مشكلتي الآن: أنني أصبحت أشعر بالكسل، والعجز والبرود، ولا مبالاة، وأشعر أنني أفعل الشيء بصعوبة، وحتى إن بدأت أفعله لا أستطيع إنهائه، فأنا بدأت دراساتي العليا ولكنني لا أشعر بأي حافز؛ كي أستذكر دروسي أو أشعر بقلق حتى في وقت الامتحانات، مما جعل أدائي سيئا للغاية.

كما أنني أصبحت أذهب إلى وظيفتي بصعوبة، وفي كثير من الأحيان أشعر بالغثيان الشديد صباحا قبل أن أذهب إلى العمل، وتركيزي أصبح قليلا، وأتعلم مهارات جديدة بصعوبة، وعندما أفعل الشيء لأول مرة ينتابني توتر وخوف شديد، وخصوصا أمام زملائي، مما يجعلني أفشل في كثير من الأحيان.

الآن أشعر بالفشل، وقلة الثقة بالنفس، والتشاؤم، وقلة الحافز، والكسل الرهيب، حتى أنني قد أجلس في سريري لساعات، وأدمنت على الإنترنت، وأشعر بأنني قليلة الحظ في هذه الحياة، وغير موفقة فيها.

أصبحت لا أواظب على الصلاة، وإن صليت لا أركز فيها، وبدأت أخذ عقار مودابكس نصف قرص ليلا منذ 3 أيام، فهل هذا عقار جيد أم توجد عقاقير أفضل منه؟

ما أريده أن أخرج من دائرة الاكتئاب، فأنا لا أريد شيئا غير الراحة النفسية، أشعر بالحزن معظم الوقت، وأصبحت أبكي كثيرا، وأحب العزلة، أريد أن أنجح في عملي ودراستي، وأتفوق فيهما ولكنني أشعر بالعجز والتشاؤم الذي أصبح يزيد يوما بعد يوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعتقد أن الفكر السلبي هو مشكلتك الأساسية، نعم قد يكون لديك شيء من عسر المزاج، أو الاكتئاب البسيط، لكن أعتقد أن المشكلة الجوهرية هي أفكارك السلبية التشاؤمية والاحتجاجية في بعض الأحيان.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: أنت أفضل من كثير من البشر، ونعمة الله عليك كبيرة وواسعة جدًّا، الإنسان من حقه أن تكون له آمال عريضة في هذه الحياة، لكن يجب أيضًا أن يكون واقعيًا في تفكيره.

موضوع الأخ المُعاق ذهنيًا: هذا أمرٌ موجود، وتعرفي أن حوالي 2.5 في المائة من الناس يُصابون بإعاقات، نعم أعرف أنه أمرٌ قد يُسبب لكم الكثير من عدم الارتياح في الأسرة، لكن أنا متأكد أن هذا الأخ المُعاق هو في حفظ الله وفي صونه، وكل المطلوب منكم هو أن تقوموا بواجبكم حياله، وليس أكثر من ذلك، ليس هنالك ما يتطلب أن تحسِّي بالذنب حياله، أو بالنقص، أو الشعور بافتقاد مساعدته، لا، أنت تقومي بواجبك كاملاً نحوه.

والشعور بالكسل يعالج من خلال الإصرار على الدافعية الإيجابية، أن أنهض يجب أن أنهض، أن أعمل يجب أن أعمل، أن أصلي يجب أن أصلي، أن أتريض يجب أن أتريض، وهكذا، لا بد أن نعطي عقولنا إشارات إصرارية حتميَّة؛ حتى لا نساوم أنفسنا -أيتها الفاضلة الكريمة-، وهكذا يُهزم الاكتئاب، وهكذا يُهزم الفكر السلبي، أنا أعتقد أن هذا هو الذي تحتاجين له، وأنت طبيبة ومستبصرة، ولا أريدك أبدًا أن تلبسي ثوب الاكتئاب، لا، هذا لا يشبهك، وهزيمته تكون دائمًا من خلال التكفير الإيجابي.

المودابكس -إن شاء الله تعالى- يساعدك، استمري في تناوله، ويمكن أن تجعلي الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر مثلاً، ثم خفضيها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناوله، أعتقد أن عُسر مزاجك هو منطلق من التفكري السلبي أكثر من أنه اكتئاب بيولوجي حقيقي.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً