الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس عندي ثقة في نفسي وأعاني من عقدة النقص.. فماذا أفعل؟

السؤال

ليس عندي ثقة في نفسي، وأعاني من عقدة النقص، مع أن طيبة قلبي جعلتني مضطهدا في عديد من المواقف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك لثقتك بموقعنا وكتابتك إلينا، وكنت أتمنى لو أنك كتبت لنا أكثر عن نفسك، وعن عقدة النقص التي تعاني منها، وعن الأسباب التي ولدت لديك مثل هذا الشعور بضعف الثقة في النفس.

أما طيبة القلب التي لديك، فيجب أن تشكر الله الذي منّ بها عليك في وقت حرم منها الكثيرون، وهذا شيء تؤجر عليه، وسبب حافز لفعل الخير ونيل الأجور والبركات، على ألا تصل الأمور إلى درجة استغلال الآخرين لك، وتوصلك إلى درجة الاضطهاد، فكما يقول سيدنا عمر -رضي الله عنه-: (لست بالخب والخب لا يخدعني) أي أنا لست بالماكر، ولكن الماكر لا يستطيع خداعي.

وللثقة بالنفس تعاريف عدة، نذكر منها:
- أنها إيمان الإنسان بقدراته وإمكاناته وأهدافه وقراراته، أي الإيمان بذاته.
- هي ذلك الشّعور السامي للفرد بعلو قيمته وقدره بين الناس، والذي يدفعه للتصرف بثقة دون خوف أو وجل من ردود أفعال الآخرين تجاه تصرّفه، وهذه الثّقة تظهر في كل تحرّكاته وكلماته وتصرّفاته.

وعندما تضعف هذه الثقة لدى الفرد فإنها تنعكس على سلوكه بصورة خوف من انتقاد وردود أفعال الآخرين تجاه تصرّفه، أو تردد مع شعوره الدائم بمراقبة الآخرين له، فيحاول مجاراة الآخرين؛ تجنباً لانتقادهم، حتى لو كان هذا التصرّف مخالفا لطبيعته.

والثقة بالنفس يمكن أن تولد وتكتسب، وتتطور في بيئة أسرية واجتماعية داعمة، ويمكن أن تفقد في بيئة محبطة ومثبطة.

ولضعف الثقة بالنفس أسباب عدة، منها:

1- تركيزك على نقاط الضعف، وجهلك بنقاط القوة لديك؛ لأن تركيز الفرد على بعض السلوكيات ونقاط الضعف يقويها لديه.

2- شعورك بمراقبة الآخرين لك، واعتقادك بمعرفتهم لنقاط الضعف لديك.

3- ضعف التقدير للذات ولإمكاناتك الذاتية، وما من الله به عليك من قدرات.

4- إرسالك الدائم لنفسك رسائل التثبيط السلبية، مثل (أنا ضعيف، أنا لا أستطيع، أنا فاشل) وربما تعرضت لذلك ممن حولك من الأهل والأصحاب في صغرك.

5- نظرة الأهل السلبية التي يعاني منها الكثير من الأبناء، والتي من شأنها أن تهدم شخصية الأولاد، وتشعرهم بالضعف.

6- التعرض باستمرار للانتقادات من الآخرين بشكل كبير وجارح، خصوصاً من الأشخاص المقربين جداً للإنسان، مثل الوالدين أو الأخوة.

7- خطأ الأهل في طريقة تحفيز الأبناء بالإكثار من مقارنتهم مع الأقران الآخرين؛ مما يولد الشعور بالنقص والعجز لدى الشخص أمام الآخرين.

ولعلماء النفس آراء في كيفية تقوية الثقة بالنفس وتزكيتها، ومنها -أذكر هنا رأي الدكتور عبد الرحمن ذاكر الهاشمي الاستشاري في الطب النفسي- كما يلي:

1- بالتعرف على هذه النفس وقراءتها والتعرف على نقاط القوة والضعف فيها، فأحاول تعزيز نقاط القوة هذه، واستثمارها للتخلص من نقاط الضعف.

2- قبول هذه النفس على ما هي عليه بعيوبها وعلاتها قبولاً لا يعني الموافقة على ما هي عليه، أو ما آلت إليه، إنما هو قبول يسبق التعارف والتصالح والتوافق.

3- فإذا ما قبلت نفسي أصبح سهلاً علي أن أقدرها وأزكيها.

4- وتحصل التزكية بأمرين اثنين: الأول: التخلية (أي التفريغ)، والثاني: التحلية (أي التزويد والشحن).

أما التخلية: فتكون بالعمل على إزالة كل ما في النفس من شوائب وعيوب ومساوئ؛ لتصبح مؤهلة لتزويدها بما يصلحها ويزكيها.

وأما التحلية: فتكون بتزويد النفس بما يصلحها جسداً وروحاً، ويكون هذا بالعلم والعمل، ونعني بالعلم: العلم ب (من أنا؟ ولم أنا؟) ونعني بالعمل: الانشغال فوراً بتحقيق وتطبيق ما أعلمه في حياتي اليومية. وهنا، وفقط هنا، يمكن لي أن أكون سبباً في إعمار الأرض أو العبادة والاستخلاف.

وأضيف على ذلك ما يلي:
1- اليقين بأن الله خلقك مميزا عن غيرك، ومنّ عليك بقدرات هائلة، ولم يكلفك إلا بما تطيق، لقوله سبحانه: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} فلتفكر بإيجابية لمعرفة تلك المميزات التي تمتلكها.

2- عدم التهرب من تحمّل المسؤوليّة، بل وضع النفس في تحدّ مع الظّروف والتغلّب عليها مهما كانت قوّتها.

3- تجنب أن ترسل لنفسك رسائل سلبية مثل: (أنا ضعيف – أنا فاشل – لا أستطيع) بل على العكس من ذلك احرص على أن ترسل لنفسك رسائل إيجابية محفزة.

4- التسلح بالمهارات الحياتية الضرورية للتواصل والتعامل مع الآخرين، وأنصحك باتباع بعض البرامج التدريبية في ذلك، وما أكثر المراكز التدريبية التي تقدم ذلك.

5- المطالعة والتسلح بالعلم النافع.

6- التمرين على مواجهة المواقف المحتملة بتخيلها وإعداد رد الفعل المناسب لها.

7- الحرص على مجالس العلم والخير، والحرص على العمل بوصية أحد السلف الصالح بقوله: (لا تصحبن إلا من ينهض بك حاله، ويذكرك بالله مقاله).

8- كن عضواً فعالاً في المجتمع بالانخراط في جمعيات العمل التطوعي، ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعنى بتقديم الخدمات المجتمعية ومساعدة الآخرين.

9- قبول النّقد بصدر رحب دون التّركيز على الكلام السلبي، بل باعتباره نصيحة يجب أن تراعيها في المرّات المقبلة.

10- حاول المشاركة بالحوار والمناقشات التي تثار أمامك مشاركة واقعية ودون مبالغة، لكن ليس قبل أن تتعلم فن الإنصات؛ كي تتعلم كيف تتكلم؟ واعلم أن الله خلق للإنسان لسانا واحدا وأذنين ليسمع أكثر مما يتكلم.

11- الاهتمام بأناقتك ومظهرك العام المناسب لكل مناسبة.

12- اعلم أن أقصر الطرق لتعزيز الثقة بالنفس، والحصول على ذلك؛ هو بالنجاح المتواصل، ومن يذق طعم النجاح هو أكثر ثقة بنفسه.

13- قبل كل ذلك لا تنس أن تتوجه إلى من بيده مقاليد كل شيء سبحانه بالدعاء، وتحري أوقات الاستجابة، وبركعتي الحاجة؛ ليصلح حالك.

أرجو أن نكون قد وفقنا في تقديم النصح اللازم والمعين لك على تجاوز ما أنت فيه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • حسين

    بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً