الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيهات للفتاة المسلمة في التعامل مع من يفاتحها بمشروع زواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أود أن أخبركم أنني فتاة في 17 من عمري، في الصف الثالث الثانوي، من أسرة ملتزمة.

ومشكلتي تتلخص في أنني أتمنى طول عمري أن ألتزم دينياً، وأن أجد إنساناً يساعدني على ذلك! ولكن ما حدث هو أن جاراً لي أخبرني بأنه يحبني، ويريد الارتباط بي، ولكنه يريد أن أنتظره حتى نهاية العام.

وأنا ارتحت له، ولكنه غير ملتزم، فهو يصلي، ومحترم، ولديه أخلاق، ولكنه من أسرة عادية، وأشعر أنه لن يساعدني على الالتزام! على أنه يقول لي: إنه يريد أن يتغير، ويصبح إنساناً جيداً، ولكنني أخاف من كلامه: فهو يسمع الأغاني، ويذهب إلى السينمات، وأعرف أن ذلك حرام، وهو يفعل ذلك، ولكنني أشعر إن قلت له: أن ذلك حرام، أنه سوف يستهزئ بي، ولمجرد إحساسي بذلك قررت عدم الكلام معه، والابتعاد!

ولكنه لم يتركني، وقال لي: إنه يحبني، ولن يتنازل عني، وطلب مني أن يعرفني إلى أمه، فهو حدثها عني، وقالت له: إنها تريد رؤيتي، وأنا قبلت، ولكن عندما فكرت رجعت في كلامي، ورفضت خوفاً من أن تظن أمه أنني أفعل أشياء من وراء أهلي، وتأخذ عني فكرة سيئة! ولا أعلم هل ما فعلته ورفضي لمقابلتها صحيح أم خطأ؟!

والشيء الثاني: أراد جاري أن يعطيني خاتم ذهب هدية، ولكنني رفضت، وقلت له: أنني لن آخذ شيئاً منه من وراء أهلي؛ فطلب مني أن يحدثني كل أسبوع مرة على الإيميل في برنامج الماسنجر، وقال لي فكري! وأنا وافقت، ولكني لم أتحدث معه حتى الآن، وأخاف من الكلام معه حتى لا يكبر الموضوع! فماذا أفعل!؟


علما أنني لا أستطيع المحاورة معه، فكلامه يسيطر علي ويقنعني! حتى إنني أوافق على ما يقوله، وبعد ذلك عندما أفكر بمفردي أندم وأحاول أن أرجع في كلامي، ولا أعرف ماذا أفعل؟!

أنقذوني؛ فإني أشعر أنني أضيع! ولا أعرف ماذا أفعل: هل أحدثه؟ هل أصدقه، أم ماذا أفعل!؟ مع العلم أن من يأتي لي بأخباره هي جارة لنا، وهي التي توصل إلي أخباره، وتوصل إليه أخباري، وهي حلقة الاتصال بيننا، وبتأثير من كلامها معي، وافقت على الحديث معه، ومقابلة والدته، ولكنني بعد تفكير وحدي قررت عدم مقابلة والدته.

أما الكلام على النت، فلا أعرف ماذا أفعل فيه!؟ وهو إنسان جيد، وشخصيته قوية، وعنده استعداد للتغير على ما أشعر، وهو عمره 20 سنة، وبقي له سنتان ويتخرج من كلية الهندسة، ومستواه المادي والاجتماعي والأخلاقي جيد، ولا ينقصه سوى الدين، وهو أهم شيء، على أنني أشعر أن لديه استعدادا للالتزام!

أرجو إجابتي بسرعة، فأنا في حيرة، ولا أعرف ماذا أفعل!

أرجوكم ساعدوني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ S حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

نسأل الله العظيم أن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

فإنه لا خير في علاقات عاطفية تبنى من وراء الكواليس، وبعيداً عن أعين الأهل، وإذا كان هذا الشاب راغبٌ حقيقة فعليه أولاً أن يأتي البيوت من أبوابها، ويتقدم رسمياً لطلب يديك، وعند ذلك تتم الرؤية الشرعية، وتُتاح لك فرصة رؤية أمه والاستماع إليها.

وعليك أن تصلي صلاة الاستخارة، وشاوري محارمك من الرجال؛ فهم أعرف بهذا الشاب وبغيره، ومن هنا كان حرص الشريعة عظيماً على أن يكون الزواج بعلم وموافقة الولي.

وأرجو أن تتأكدوا من حرص هذا الشاب على ترك المخالفات الشرعية، والتقدم في طريق الالتزام؛ لأن معاصي الزوج تؤثر على الزوجة والأولاد، والصواب هو عدم مقابلة والدته وحدك، ولكن لابد أولاً من مصارحة أسرتك بهذا الأمر؛ لأن الأفضل والأصل هو مجيء والدة الخاطب لرؤية المخطوبة، وليس العكس، وفي هذا صيانةٌ لمكانتك ودليلٌ على عزة نفسك، ولا شك أن والدته سوف تحتقر الفتاة التي أسست علاقتها مع ولدها من وراء أهلها، وسوف تعاني الفتاة من آثار هذا التهاون خلال مسيرة الحياة، وتُصبح كأنها هي التي تجري وراءه وتطلبه، والإسلام أراد للمرأة أن تكون مطلوبةً لا طالبة.

ولا تأخذي منه خاتماً ولا غيره، بل لا يجوز لك محادثته أو الالتقاء به؛ لأنه أجنبي عنك، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان هو الثالث.

وأرجو أن تقطعي علاقتك به فوراً، واطلبي من هذه المرأة (الوسيط) أن تخبره برغبتك في جعل هذه العلاقة رسمية ومعلنة ومحكومة بضوابط الشريعة، واعلمي أن التوسع في العلاقات العاطفية فيه ضررٌ كبير عليك، وذلك لعدة أسباب:

1- قد لا يتيسر الزواج لأي سبب من الأسباب، فتكون الحسرة والندامة، والتعلق برجلٍ لا سبيل للوصول إليه، والعكس.

2- ثبت من خلال التجرية أن الفتاة التي تتوسع في العلاقات العاطفية قبل الزواج لا تسعد بزواجها؛ لأنها سوف تصدم بالحقائق المرة، فالشباب يخادع الفتيات، كما أن لكل معصية آثارها المرة.

3- إذا تم الزواج فإن الرجل يشك في المرأة التي كانت تكلمه وتهاتفه دون أن تكون هناك علاقة رسمية، والشيطان يقول له: لعلها كلمت رجالاً آخرين.

4- قد يستغل هذا الشاب هذه الغفلة، ويهددك بالاستجابة لرغباته أو الفضيحة عند أهلك والناس.

وأرجو أن تحرصوا جميعاً على طاعة الله ومراقبته، فإن هذا الذي تقومون به لا تقبله هذه الشريعة، ولست أدري ما هي علاقة تلك المرأة بالشاب، وإذا كانت مجرد جارة فكيف تخلو به وتنقل أخبارك وأحوالك له!

ولا شك أن الدين هو أهم مقياس في قبول الرجل أو رفضه، ولن تستطيعي معرفة حقيقته إلا بمعاونة أهلك وأرحامك، فلابد من إعلان هذه العلاقة ومكاشفة أهلك -وعلى الأخص الوالدة- بما عندك من مشاعر تجاه هذا الشاب، وإذا وجدت في نفسك حيرة وتردداً، فعليك بصلاة الاستخارة وطلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير سبحانه، واعلمي أن طاعتك لله تعينك على كل خير، فإن من بركة الطاعة التوفيق في الحياة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً