الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتذكر أشياء حزينة من نسج خيالي وأبكي، ما هذه الحالة وهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته

أهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا وعليكم بأمن وأمان في أتم صحة وعافية.

أريد شرح لكم ما أعاني منه، وأريد منكم التوضيح هل هو طبيعي أم أني أعاني من مرض -لا قدر الله-؟

أنا أحلام أبلغ من العمر 20 عاما، في المرحلة الجامعية، وأنا بأتم صحة وعافية من جميع النواحي -والحمد لله- ولكن مشكلتي هي أنه عندما أكون بمفردي وخصوصا وقت خلودي للنوم؛ أقوم بتذكر شيء ماض حزين جدا، وأقوم بالبكاء عليه، والبكاء بشدة، ولمدة طويلة تقريبا نصف ساعة، أبكي بحرقة وألم، وأحاول أن لا يشعر بي أحد كأختي التي تنام معي بنفس الغرفة، ولا أخفي عليكم أن أغلب الأشياء التي أتذكرها تكون من نسج خيالي، وأتخيل أنه سيموت قريب، وأتخيل جميع الأحداث وأبكي بحرقة، أو أتخيل أحدا يضربني، وهكذا... وبعدها أنام من تعب البكاء والصداع، وأنا أتضايق من هذا الشيء كثيرا؛ لخوفي أن يشعر ببكائي أحد ممن حولي.

أرجو توضيح هذا الشيء، هل هو طبيعي أم ماذا؟ وما هو سببه وعلاجه؟

أيضا أنا من النوع الحساس جدا، وهذه الحساسية تضايق من حولي، أغضب وأتحسس من أتفه الأمور، وأقوم بالبكاء عليها أيضا.

أعتذر عن الإطالة، شاكرة لكم جهودكم، وجعلها ربي في موازين حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أختنا الكريمة: البكاء يعد نوعاً من أنواع التفريغ الانفعالي، ويعبر عن انفعال الحزن، وكذلك الغضب، وشعور الإنسان بالعجز، والطبيعي أن يحدث ذلك إذا كان السبب منطقيًا وواقعيًا، والأمر ربما يكون مرتبطاً أيضاً بطبيعة الشخصية وسماتها، خاصة وأنك وصفت نفسك بالحساسية الزائدة.

أما الاستغراق في الخيال والتفاعل مع أحداثه إذا كان مجرد أحلام يقظة دون التوصل إلى حلول أو نتائج واقعية فيكون ذلك وسيلة نفسية للتخلص من مشاعر القلق والتوتر والإحباط؛ لعدم التمكن من إشباع الدوافع وتحقيق الأمنيات بطريقة واقعية.

فما تعانين منه ربما يكون أيضاً مرتبطا بموضوع الثقة بالنفس، وعدم الاعتزاز بالقدرات والإمكانيات الشخصية التي تتمتعين بها، لذلك نقول لك: ربما تكونين محتاجة لمن يعكس لك صفاتك الإيجابية ويزيد من تقديرك لذاتك.

فأولاً: نقول لك: الحمد لله أنك وصلت هذه المرحلة التي يحلم بها كثير من الفتيات دون سنك، وهذه المرحلة هي مرحلة الإعداد للمستقبل؛ حيث التفكير في التخرج، والحصول على الشهادة الجامعية، والتفكير في العمل، والحصول على الوظيفة المناسبة، ثم التفكير في اختيار الزوج المناسب، والزواج، وتكوين الأسرة، والسعي لتحقيق الأهداف والطموحات، وما إلى ذلك من الخطط المستقبلية، هذا الذي ينبغي أن تشغلي به ذهنك في هذه المرحلة، وعيشي الحاضر واستمتعي به، ولا ترجعي للماضي؛ فإنه ولّى ولم يعد، وتتطلعي للمستقبل بنظرة مشرقة وتفاؤل وأمل.

ثانياً: تعلمي وتدربي على حل المشكلات بالطريقة العلمية، ووفقاً لمقتضيات الواقع، ولتكن لديك روح المبادأة والمبادرة في تفاعلك مع الآخرين.

ثالثاً: لا بد من التذكير بركن من أركان الإيمان، ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، فما كان مقدراً من الله تعالى لا بد أن يحدث، وما لم يكن مقدراً فلا تحدثه توقعاتنا وتصوراتنا، لذلك لا داعي أن نعيش في خوف أو قلق مستمر يمنعنا من العيش بصورة مستقرة في هذه الحياة، ويبعد عنا السعادة والاستمتاع بما هو مباح من النعم؛ لأن شدة توقع الشيء أحياناً تكون أمرّ من وقوع الشيء نفسه.

نسأل الله تعالى أن يحفظك من كل شر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً