الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحب عبر الشات حب زائف

السؤال

السلام عليكم!
حضرة الشيخ، فتاة كانت في معصية (علاقة حب عن طريق الشات)، لكنها لم تفعل شيئاً من الكبائر، وهي الآن تود التوبة منها، والعودة إلى الله؛ لأنها رأت أن الزواج الصحيح يجب أن يكون بالطرق الصحيحة، وليس من خلال التعرف على الشات، مع أنها سألت وتأكدت من صلاح هذا الشاب؛ لذا تريد تركه؛ لعل الله يهيئ لها الزواج الذي لا يكون فيه أي شائبة!

لكن توبتها هذه ستسبب أذى كبيراً للشخص الآخر، وربما يصاب بانهيار إثر الصدمة، وهي تخشى هذا! وتخشى أنه إن قبل الله توبتها، وغفر لها، أن يعاقبها بسبب الأذى الذي قد يحصل لهذا الشخص! وتخشى أن يحرمها الله الزواج، أو يبلوها بزوج يعذبها جزاء جعل هذا الشاب يحبها، ثم التخلي عنه!
وهي خائفة جداً! وربما تعود إلى هذه المعصية (أي محادثته بالشات)، وتترك أمر تتميم الزواج، أو عدمه إلى لله؛ بسبب خوفها من عقاب الله! وخوفها أن يحصل مكروه لهذا الشاب! فأفيدوها بما يهدئ روعها!
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة / بثينة حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك الهداية والثبات حتى الممات! ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا!
فهنيئاً لك بهذه التوبة التي نرجو أن تكون بإذن الله صادقة نصوحاً، وشكر الله كل هذا الحرص على الخير، نسأل الله أن يرد ذلك الشاب إلى رشده وصوابه، ولابد أن نعلم أننا ندفع ثمناً باهظاً لكل مخالفة لأوامر هذه الشريعة: (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))[النور:63].
وليت شبابنا يتعظ من المواقف العصيبة التي حدثت لكثير من المخدوعين والمخدوعات بمسألة الحب المزيف عبر الشات، والسعيد من وعظ بغيره! ومن الذي دخل إلى هذا النفق المظلم وخرج سالماً؟ ولا عجب في ذلك؛ لأن البدايات الخاطئة لا يمكن أن توصل إلى نتائج صحيحة، والغاية لا تبرر الوسيلة، بل لابد أن تكون الغاية شريفة والوسيلة الموصلة مشروعة، وإذا تأكد لك صلاح هذا الشاب وتيقنت من صدق توبته هو أيضاً، وخفت من استمرار التعلق به، فلا بأس بالقبول به شريكاً، شريطة أن يأتي البيوت من أبوابها، ويتقدم لطلب يدك، ويتيح لأهلك فرصة للسؤال عنه والتعرف على أسرته والتأكد من استعداده لتحمل مسئوليات تكوين أسرة.

وإذا علم الله منكما الصدق في التوبة، فإن الله هو الغفور الرحيم، الذي يقبل التوبة عن عباده، وإذا تحقق الإخلاص في الرجوع إليه والإنابة فلكما من الله بشرى نجدها في قوله تعالى: (( فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ))[الفرقان:70].
وأرجو أن تتوقف الاتصالات عبر هذا الجهاز! واحذري من التمادي في مخالفة أمر الله! واعلمي أن توبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان بلسانه ويظل قلبه متشوقاً للمعصية يعيش مع رفاقها ويأنس بتذكر أيامها! والعياذ بالله!

أما إذا شعرت أن هذا الشاب ليس جاداً في طلب يدك رسمياً وليس حريصاً على التوبة والرجوع إلى الله، فاختاري السير في الطريق الذي يرضي الله، ولا تجاملي في أمرٍ يغضب الجبار سبحانه! واختاري رضا الله على رضا ذلك الشاب! والله تبارك وتعالى يدافع عن الذين آمنوا، ومن حفظ الله بطاعته، حفظه الله وسدد خطاه، وجعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً، ولست مسئولة عن الأشياء التي يمكن أن تترتب على هذا القرار.

ونسأل الله أن ييسر الهدى للجميع، وأن يحفظ شبابنا، وأن يلهمهم الرشاد والسداد.

والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً