الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيَّرت معاملة الناس لي رغم إحساني لهم

السؤال

السلام عليكم

من فضلكم أريد أن أسأل، فلدي بعض المشاكل مع الناس، حيث أرى أنهم يتجنبون النظر إلي عن قصد، فلما أسلك طريقا يبدِّلون وجوههم لجهة معاكسة عندما يروني قادما.

هناك من يكرهني دون سبب، وأنا لا أعرف ما فعلت له، وقد حدثت لي أن قمت بتجربة وهي: أني رأيت أحد المعارف القدماء يغيِّر وجهه عندما يراني، فذهبت له للمحل، وبادرت أنا بالسلام، حتى أقطع الوساوس، فرد علي السلام بحذر، وقمت بالتكلم معه، ومحاولة إثارة موضوع مشترك، فلاحظت أنه يتكلم معي بحذر وإهمال في أغلب الأوقات.

دخل علينا أحد الجيران، وهو على معرفة جيدة بذلك الشخص، فقال: تفضل يا أخي بالجلوس، فقلت له: لا. أنا فقط أتيت لأرى الأخ، وبدأ يسألني عن حالي، وكيف العمل، كما هي عادته، وعندما التقيته في الغد أصبح يدير وجهه تماماً، كما يفعل ذلك الشخص، ويتجنبني، حتى عندما أبادره بالسلام يهملني، فسبحان الله مغير الأحوال.

أنا لست كاملاً، لكن لماذا تبدل الحال؟ وماذا فعلت؟ لكن ربما يعود السبب إلى إهمالي للجانب الروحاني، وتبدل علاقتي مع الخالق، فبعد ما كنت أخشى أن أقع في المعصية، أصبحت المعاصي جزءًا من حياتي، وبعد ما كنت أرى كبر المعصية والخوف عند ارتكابها، أصبحت لا أبالي، فقط أجدد توبتي كل مرة أقع فيها.

كل هذا بالإضافة إلى كثرة المشاكل في العائلة، وكل مرة لسبب معين، ولا أعلم هل هذا من السحر أو من الحسد والعين.

ما رأي فضيلتكم بهذا الأمر؟ وهل من جواب شافٍ لما أعاني منه؟ فقد تأثرت نفسي بهذا الأمر، حتى أني في بعض المرات أفكر في الانتحار، والخروج من المنزل، حتى لا أرى نفسي في أعينهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آسف لا أستطيع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك ابننا الكريم في موقعك، ونشكر لك التواصل وحسن العرض للسؤال، وأسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال، وأن يهدينا جميعنا لأحسن الأخلاق والأعمال.

المؤمن يهتم بإصلاح ما بينه وبين الله؛ ليصلح الله له ما بينه وبين الناس, وقلوب العباد بين أصابع الرحمن، يقلبها ويصرفها، وقد أسعدنا اهتمامك بهذا الجانب، كما قال ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه (إن للحسنة ضياء في الوجه، وانشراحا في الصدر، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، كما أن للسيئة ظلمة في الوجه، وضيقا في الصدر، وتضيقا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق).

من هنا فنحن ندعوك إلى الطاعات، والعودة لرب الأرض والسماوات، وبنشرك بأن من يجعل همه إرضاء الله؛ فإن الله يرضى عنه، ثم يأمر جبريل عليه السلام فينادي في أهل السماء: أن الله يحب فلانا فأحبوه، ثم يلقى له القبول في الأرض، قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) معنى ودا: محبَّة في قلوب الناس.

وحتى تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي ندعوك إلى ما يلي:

1. كثرة اللجوء إلى الله، وردد الدعاء التالي: (اللهم حببني إلى خلقك وحبب إلي الصالحين منهم).

2. الاجتهاد في معرفة السلوك الذي كنت معتادا عليه ثم تركته، فمثلا: كنت تلعب مع الناس، والآن لا تلعب معهم.

3. الانتباه إلى النمامين الذين ينقلون كلام الناس على وجه الإفساد، فإن من نمَّ لك نمَّ عليك.

4. الانتباه لحسد الحساد الذين يتغيرون على الإنسان إذا نال النجاح، أو جاءته الوظائف، فإن الحسد يحملهم على النفور منه، وقد يكون مصاب بعين حاسد.

5. مراجعة تصرفاتك وسلوكياتك تجاه الآخرين، فالناس يكرهون من يتكبر عليهم، ويحتقرهم ويغتابهم.

6. مناقشة الأصدقاء وسؤالهم عن التقصير إن كان قد حدث تقصير في وضوح وصراحة.

7. الثبات على الأخلاق الفاضلة، وإن تغير الناس فلا تترك أخلاقك الجميلة إذا ساءت أخلاق الناس.

8. الصبر على الناس والعاقبة للصابرين (والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر على أذاهم).

9. لا تواجه الناس بما يكرهون، فلا تقل لمن فيه عيب صراحة فيك كذا وكذا، ولكن عليك بالمدارة، وهي معاملة كل إنسان بما يقتضيه حاله، وذلك بأن تعامل سريع الغضب بما يقتضيه حاله، فتتفادى ما يغضبه، وتتوقف عن ممازحة من لا يقبل المزاح.

10. الاستمرار في التواصل مع الموقع، وإفادتنا بخلفيتك التربوية، وبوضعك الأسري، وهل تربيت مثلا في أسرة فيها النقد، وسوء الظن، أم عشت في كنف أسرة فيها الحوار والصراحة.

11. قدر أحوال الناس والظروف التي تمر بهم، فربما قابلك إنسان بوجه فاتر، ليس كرها لك، ولكن لأنه يعاني من أزمة مالية، أو مشكلة أسرية، أو ناحية صحية.

12. وإذا ابتعد عنك بعض الأصدقاء ففي الناس أخيار وفضلاء، وسيأتي اليوم الذي يعرف فيه من هجروك حقيقة أمرك، ونتمنى أن تحافظ على شعرة العلاقة؛ فإن معرفة الرجال كنز.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسعد بكل معلومة تساعدنا في الوصول إلى أسرار ما يحصل معك، ونشرف بمساعدتك في الوصول إلى الحلول المناسبة لمشكلتك، فأمرك يهمنا، ونبشرك بأن في موقعك مستشارين شرعيين، واجتماعيين، وتربويين، ونفسيين، وكلهم يسعد بتواصلك، ويسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول هدى

    انا ايضا اشبه الحالى .. لكن السبب اني تعبت من استغلال الناس الطيبتي ، تعبت من كثرةالايذاء فأما اكون امرأة مسايرة لرغباتهم واما ان اكون مكروهة ،،تعبت واصبحت صريحة وجافة ولا يهني احد حتى لم اعد احترم احدا .. الحقائق التي عرفتها جعلتني اشعر بالرغبة في التقيء وكرهت الناس واصبحت جافة بعكس ما كنت عليه .. لاني تعبت حقا تعبت

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً