الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش شعور الغربة عن الذات وعن الناس، فما تفسير وتشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 18 سنة، عانيت من نوبة هلع منذ ثلاث سنوات، من أعراضها القلق من غير سبب، ورجفة وخفقان في القلب، وخوف من الجنون، لم أكن أعرف ماذا يحصل، كنت أحس بأنني غريبة، ومن حولي غرباء، ولكن عندما أحاول أن أُهدأ نفسي لا أشعر بأنني غريبة أو بغرابة من حولي، زرت جدتي، ونسيت الحدث، وسافرت بعد ذلك، وتجاهلت الأمر لثلاث سنوات.

منذ ثلاثة أسابيع تقريباً -وقت إجازتي بعد رمضان-، وكان لدي فراغ كبير، وأنا من النوع الكسول نوعاً ما والمنعزل، ولا أختلط بالناس أو أخرج كثيراً، كنت قلقة لأن بعض الوساوس قد راودتني بشأن ديني، حيث أفكر ماذا إذا كان القرآن محرفاً؟ وماذا إذا كانت قصص الأنبياء غير صحيحة؟ أنا أشعر بأنني مؤمنة بداخلي حقاً، ولكنني كنت أقلق من هذه الوساوس أن أُعتبر كافرة وأدخل النار، علماً بأنني أصلي وملتزمة -الحمد لله-، هذا كان سبب قلقي، في البداية أحسست بتوتر، وحالة التوتر هذه ذكرتني بأعراض نوبة الهلع السابقة، فازددت قلقاً، وحصلت معي نوبة هلع لكنها خفيفة، ولكنني أحسست بعدها بالضيق والاكتئاب؛ لأنني كنت أعتقد بأنني تخلصت من نوبات الهلع.

ذهبت إلى الطبيبة، ووصفت لي seroxat 12.mg CR، أنا منتظمة في أخذه قرصا يوميا منذ أسبوعين، و-الحمد لله- تحسنت 80% من ناحية تطور الأعراض، فلم أعد أشعر بخفقان قلب شديد وضيق كما السابق، لكنني أشعر بتوتر خفيف، وأحياناً كنت أشعر بأنني غريبة ولا أستوعب جيداً ما يحصل، لأتأكد ما إذا كنت أعاني من القلق حتى بعد الدواء أم لا؟ وأحياناً لا أشعر بذلك وأقول لنفسي غريبة لماذا؟ إن الله سبحانه وتعالى خلقني كما أنا، هكذا ليختبرني في الدنيا، فأنسى الأفكار، لكن أحيانأ أضعُف وأشعر بالغرابة قليلاً.

بحثت على الإنترنت عن الشعور بالغرابة، فقرأت مايسمى باختلال الأنية، ومنذ ذلك الحين وأنا قلقة، لكنني لا أصاب بنوبة هلع، بل مجرد إحساس بأن هذه الحالة معي، ومن شدة تفكيري بهذا الموضوع أصبحت أُصدق بأنني مصابة بتغرب الذات، لكنني لا أشعر بأنني في حلم أو بانفصال عن ذاتي، أو أنني أراقب نفسي، بل أشعر بأنني غريبة، وما حولي غريب، وعندما أنظر في المرآة أشعر بأنني غريبة، ولكن ممكن بعد دقيقة أتناسى الشعور، لكنني لا أنسى، علماً بأنني في الأسبوع الثاني من العلاج لم أشعر بذلك، ولكن مع تفكيري في هذه الحالة أحسست بالأعراض، وعندما أحاول أن أشعر بالشعور نفسه.

آسفة على الإطالة، أدعو الله أن يجزيكم الخير ويسعدكم في الدنيا والآخرة، أثقلت عليكم بطول مشكلتي، ساعدوني أرجوكم وأجيبوني، هل من الممكن أن يذهب هذا الشعور مع علاج seroxat لمدة 6 أشهر التي سأستمر عليها -إن شاء الله- أم أنني مصابة فعلا بتغرب الذات وأحتاج إلى علاج آخر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابنتي العزيزة: واضح أنك تعانين من بعض الوساوس المرضية والقلق والتوتر، والوساوس عادةً تكون في ثلاثة محاور: تكون في محور الدين، وفي محور العنف، وفي محور الجنس.

وفي حالتك الوساوس كانت في محور الدين، وهذا مرض ويجب ألا تقلقي - إن شاء الله - فأنت مؤمنة، ومسلمة، وكما ذكرتِ (ملتزمة) فهذه الوساوس هي حالة مرضية ولا تقدح في إيمانك بأي شكلٍ من الأشكال، وهذا ليس من عندي، هذا ممَّا أكده النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض من جاءه من الصحابة يشكون من مثل ما تشكين، فقال: (ذاك صريح الإيمان) وقال: (أوجدتموه، الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة).

أما بخصوص أعراض الشعور بالغربة، وقراءتك عن الاضطرابات الأنِّية. أريد أن أوضح لك الآتي: الإحساس بالغربة أو الشعور بالغربة قد يكون عرضًا من أعراض القلق النفسي والتوتر النفسي، وليس اضطرابًا في حدِّ ذاته، اضطراب الأنِّية هو الاستمرار في الشعور بالغربة أو الشعور بأن الأشياء غريبة من حولِك، أو الشعور بالتغيير من داخلك، وتجمُّدٍ في المشاعر، وتبدئين تراقبين نفسك من الخارج، وهذا يكون بصفة مستمرة، ولا يُصاحبه أعراض أخرى، هذه الأعراض هي أعراض اضطراب الأنِّية

ولكن عندي إحساس بأنك شعرتِ بالغربة وذهبت وقرأت عن هذا الاضطراب، وأصبحت تخافين أن يكون عندك هذا الاضطراب، وحصل لك وسواس، وصِرتِ تنظرين في المرْآة، هذا أيضًا نوع من الخوف والتوجُّس والقلق، ولا أجزم بأن ما تعانين منه هو اضطراب الأنية، ولكن ما تحسِّين به من شعورٍ بالغرابة هو جزء من القلق والهلع الذي تتعالجين منه.

علاج الزيروكسات - إن شاء الله بإذن الله - سوف يُزيل القلق والتوتر، وبالتالي سوف يزيل الإحساس بالغربة الذي هو جزء من هذا التوتر، ولا تحتاجين - بإذن الله - لأدوية أخرى. ولكن في بعض الأحيان قد يكون العلاج النفسي المعرفي والسلوكي والدعمي مفيد، مفيد لك مع الزيروكسات، لمساعدتك في الاسترخاء، والسيطرة في التفكير، أو محاولة توجيه التفكير إلى منحى آخر، وواضح في رسالتك أن عندك قدرة لهذه الأشياء، فكما ذكرت أنك أحيانًا تحدِّثين نفسك وتستطيعين أن تُغيِّري تفكيرك، فالمساعدة قليلة من شخصٍ معالجٍ مُدرِّبٍ فإني واثق - إن شاء الله - تزول كل هذه الأعراض، مع علاج الزيروكسات.

وفَّقكِ الله وسددَّ خُطاك، ونتمنى لك مستقبلاً باهرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر نور الطحان

    شكراً الك كتييير دكتور عبد العزيز طمنتني . الله يجزيك الخير و يسعدك دنيا و آخرة ياااارب

  • المغرب ليلى

    انا الان اصبحت اعيش هده الحالة و هده الغرابة

  • اسامة

    انا مثلك

  • مصر Amgad

    انا كمان كدا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً