الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع مناقشة الملحدين وأرد على شبهاتهم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شخص مسلم، وأحيانا أناقش بعض الملحدين على الشبكة العنكبوتية، وهم يسألون أسئلة ويريدون إجابة منطقية، مثل أسئلة تتعلق بـ (الله تعالى) ومن خالقه -على حد قولهم-؟ وإن كان موجودا فما هي المادة التي هو منها؟ فكيف أجيبهم عن هذه الأسئلة؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك مُجددًا –أيهَا الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب.

واضحٌ من كلامك أنك لا تستطيع رد شبهات هؤلاء الملحدين الذين تُناقشهم، وهذا شيءٌ طبيعي لمن هو في مثل سِنك، وانشغالك بدراستك، وعدم إحاطتك بشبهات هؤلاء القوم، ولهذا نحن ندعوك دعوة من يُحب لك الخير ويتمنى لك السلامة والعافية، ندعوك إلى تجنب مجالسة هؤلاء والإصغاء لشبههم وأقاويلهم؛ فإنه لا يُؤْمَن عليك الخطر، فالقلوب ضعيفة، والشُّبه والفتن خطَّافة، وقد تَقِرُّ شُبهة من شُبههم في قلبك ثم تتعنَّى وتتعب في نزعها منه والإجابة عليها، وهذا ليس لأن كلامهم حق وأن ما يقولونه صدق، بل هو الباطل كله، ولكن إذا ورد هذا الباطل على قلبٍ فارغٍ لا يجد من الحق ما يدفع به هذا الباطل، فإنه يُخشى على هذا القلب أن يتشرَّب هذا الباطل ويستجيب له.

ولهذا فنحن نُحذِرك، ونتمنى أن تأخذ هذا التحذير مأخذ الجد، فإنه لا يجوز لك أن تُصغي لهذه الشُّبهات التي قد تفتنك بدينك، ويكون السبب في ذلك جهلك في كيفية الإجابة عليها، ومن الصعب أن تجد من يُسعفك في البحث في كل ما قد يُوردونه عليك من الشبهات والأسئلة.

وأما ما سألت عنه بهذا الخصوص فاعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الأول، فليس قبله شيء، كما أخبر الله تعالى عن نفسه في كتابه، فقال سبحانه وتعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم} وهو سبحانه وتعالى خالق كل شيءٍ، والعقل البشري لا يستطيع أن يتصور كل شيءٍ، فإنه لا يستطيع أن يُدرك إلَّا ما شاهد له مثيلاً، والدلائل والحقائق التي تؤكد عجز هذا العقل البشري عن تصور ما لم يألفه وما لم يُدركه أكثر من أن تُحصر، فلو أنك حدَّثت الناس قبل ألف سنة من الآن عن وسائل الاتصال التي نستعملها اليوم، وأن الإنسان سيتحدث من مشرق الغرب مع آخر في مغربها ويرى صورته ويسمع صوته، لكذَّبوك وقالوا: إنك لمجنون، وذلك لأن العقل البشري في تلك المرحلة كان لا يؤمن بمثل هذا ولا يُصدِّق به؛ لأنه لم يره، ولم يشهد له مثيلاً، فهذه هي طبيعة العقل البشري، لا يصح أبدًا أن ننصبه حكمًا على ما غاب عنا، وهذه كلمات أردتُّ بها فقط أن أفتح أمامك الأفق، وأن تعلم بأنه لا يصحّ أبدًا أن نتحاكم إلى عقول هؤلاء الملاحدة، وأن نجري وراء تصرفاتهم، ويكفيك أن تقول لهم: مَن خلق هذا الكون؟ هل يُوجد كل هذا النظام صُدفة بدون فعلِ فاعل؟ فإن العقل الصحيح لا يقبل بذلك، وهذا هو سؤال الله تعالى للبشرية جميعًا، فقد قال لهم سبحانه: {أمْ خُلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون * أمْ خلقوا السموات والأرض بل لا يُوقنون}.

الواجب عليك –أيها الحبيبُ– أن تُعرض عن هذه المناقشات حول الذات الإلهية، فإن عقلك لا يقدر على تصور ما لا تعلمه، وعلمك ناقص يسير في الإجابة عن شُبهات هؤلاء القوم، فالواجب الانكفاف عن ذلك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر هشام

    لا اله الا الله

  • رومانيا إبراهيم

    جزاك الله خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات