الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن أراد التخلص من عادة الشتم والسب؟

السؤال

السلام عليكم.

زميلي لا يتوقف عن الشتم عند لعب الكرة، فكيف أجعله يقلع عن هذه العادة السيئة؟

أتمنى الرد من الشيخ موافي عزب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يمُنَّ عليك وعليَّ وسائر المسلمين بحسن الخلق، إنه جوادٌ كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه وممَّا لا شك فيه أن كل إنسانٍ منَّا يتأثَّرُ ببيئته التي نشأ فيها، والتربية الأسرية لها دورٌ كبيرٌ جدًّا في تشكيل أخلاق الإنسان منذ نعومة أظفاره، ولعل صاحبك هذا ضحية أسرة كان هذا وصفها، وكانت هذه طِباعها، لأنه يبدو أنه خرج إلى الحياة ووجد أن هذا هو الأسلوب السائد والسائغ، الذي يستعمله والده أو والدته أو إخوانه أو أخواته، فأصبح جزءًا من مكوناته الشخصية.

هذه من الجنايات الكبرى التي تُسببها التربية الفاسدة لأجيالها وأبنائها في المستقبل، علمًا أن الواحد منا لو خرج في أسرة طيبة مباركة، ووجد الكلام الطيب والأحاديث الطيبة والحوار الهادئ والنقاش والتفاهم؛ لاستطاع أن يُحقق إنجازًا عظيمًا في حياته، وتمتَّع بخلقٍ فاضل اقتبسه من أبيه وأمه، أمَّا لو خرج –مع الأسف– ووجد بيتًا متداعيًا ووجد السبَّ والقذفَ واللعن اللغة السائدة؛ فإنه قد يكون من الصعب عليه أن يتخلص من هذه الأمور بسهولة، وإنما يحتاج إلى إعانة من الله تبارك وتعالى أولاً، ودعاءٍ مع الإلحاح، ثم يعتاد إلى الصالحين الطيبين من أمثالك.

فأنا أرى أن صاحبك هذا ضحية هذه التربية الخاطئة الفاسدة، وأن هذه المسألة تحتاج فعلاً إلى عزيمة وإلى صدقٍ حتى يتم التخلص من هذه الألفاظ التي أصبحت جزءً من مكوّناته الشخصية، ومن عاداته اليومية، هذا يحتاج -بارك الله فيك– إلى تذكير دائم، كلما جاء ليُخطئ يحتاج إلى من يُنبهه قبل أن يقع في الخطأ، وأن يُذكره بين الحين والآخر (إياك والسبِّ)، (إياك والشتم)، اجتهد في هذا، وكلما وجد أن الأمر سيُثيره يحاول قدر الاستطاعة لئلا يتمادى هو في هذا الخطأ حتى لا يقع السبِّ.

ثم بعد ذلك بيِّن له أن هذا السبِّ سينفِّر الناس منه، لأن الناس لا يُحبون السَّباب ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء، والله تبارك وتعالى لا يُحبه أيضًا كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وتُبيِّن له أن هذه الأمور ستجعلك تخسر كثيرًا، فقد تتزوج ولا تتحمّل امرأتك هذا السبِّ واللعن، وقد تُرزق بأولاد وأولادك يكرهونك لهذا السبِّ واللعن، لأن الأولاد لا يُحبون أن يسبَّهم أحد أو يمتهنهم أحد، وقد تكون زوجةً حُرَّة أبيِّة صالحةً ولا تقبل منك أن تسبَّها بسببٍ أو بغير سببٍ.

ويُبيَّن له أنه رُبَّ كلمة تخرج من الإنسان يهوى بها في النار سبعين خريفًا، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة مِنْ رضوان الله لا يُلْقِي لها بالاً، يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم) رواه البخاري.

تُبيَّن له الآثار المرتبة على هذا، ويُبيَّن له أن هذا خلاف شرع الله تبارك وتعالى، يُبيَّن له المسلم ليس بسبَّاب ولا لعَّان ولا فاحش ولا بذيء، ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أيضًا: (سِباب المسلم فسوق) فهذا من أعمال الفاسقين الذين ينبغي أن يتورع المسلم عن التشبُّه بهم.

ويُنصح بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يشفيه الله وأن يعافيه من ذلك، وأن يدعو بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلَّا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت) أو يقول: (اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هُداة مهتدين) أو يقول: (اللهم آتي نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها)، أو يقول: (اللهم كما أحسنت خلْقي فحسِّن خُلقي).

كذلك يجتهد ألا يتسرع في الكلام، لأن العجلة من الشيطان، والسرعة في الكلام وعدم التركيز تؤدِّي غالبًا إلى مثل هذه الأخطاء، وإنما ينبغي أن تُذكِّره وأن تنصحه، وأن تُعينه على أن يُركِّز في كلامه قبل أن يقوله، حتى يستطيع أن يضبط العبارات التي تخرج منه.

يحتاج إلى مساعدتك يقينًا في مسألة التذكير والنصح الدائم، لاحتمال أن تكون البيئة التي ما زال يعيش فيها ليست معينة على ذلك، ولكن -بإذن الله تعالى- مع هذه الأشياء قد يستطيع أن يتخلص من هذه السلبية ويكون إنسانًا رائعًا -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله أن يغفر له وأن يتوب عليه، وأن يُعينك على مساعدته، إنه جوادٌ كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر بن يمينة فريال

    شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات