الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة الوساوس والتفكير أرهقتني وأفقدتني طعم الحياة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكر القائمين على هذا الموقع، وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه، وتقبل الله منكم، وجزاكم الله الجنة.

منذ الصغر وأنا أشعر بأني مهمومة وحزينة وانطوائية، أعاني من مشاكل نفسية، وأكثر ما يؤرقني من هذه المشكلات هي الوساوس التي أرهقتني وكثرة التفكير، كنت أعاني من وسواس قهري شديد في أمور العقيدة، حتى أني كنت أتلفظ أحيانا، ولكن أندم وأستغفر الله كثيرا، وأدعوه بأن يشفيني.

كنت أخاف أن أموت على ذلك، كنت أشعر بأن أحدا ما يجبرني على قول ما يدور بعقلي، تعبت جدا، وكرهت حياتي، وذهبت للطبيب وتعالجت، والحمد لله خفت حالتي، ولكن ما زال هناك بعض الوساوس التي ترهقني، فمثلا عندما أصلي تكون صلاتي بمجاهدة وتعب نفسي بسبب كثرة التفكير، وأحيانا تحاول الوساوس أن تأتيني، وعند التشهد أكرر شهادة التوحيد كثيرا، حتى أشعر أني قلتها من قلبي، ولكن أعصابي تتعب كثيرا، وأخاف ألا أكون قد صليت على الوجه الذي يرضي الله، ولكن رغم ذلك لم أيأس من رحمته، دائما أدعوه بأن يرحمني ويثبتني على طاعته، أخاف من الخاتمة، ولكن أحسن الظن بالله.

وأيضا لا أستطيع سماع صوت مضغ الطعام، فأنا لا أحتمل سماع هذا الصوت عندما يكون شخصا بمفرده، أما أن يكون مع جماعة وأنا معهم؛ فإني لا أنتبه كثيرا، وإذا عطس أمامي أتضايق جدا بيني وبين نفسي، ليس تكبرا، ولكن لأني سمعت أنه تخرج جراثيم كثيرة عند العطس.

وأيضا أخاف على مشاعر الآخرين بشكل كبير، أخاف أن أجرح أحدا، وأحزن جدا إذا تسببت في حزن أو جرح أحد.

أشك بنفسي كثيرا، وبإيماني أحيانا، وبإخلاصي، أشعر بتأنيب الضمير، وأخاف ألا أكون مؤمنة ومخلصة على الوجه الصحيح لله، أخاف من كل ما يصدر مني، وأشعر بالخجل والخوف من التحدث أمام جمع من الناس، ولكني أحيانا لا أخاف، أصبحت أصارع الحياة، وأشعر بضغط نفسي وكآبة، تعبت كثيرا من الحياة، وتأخرت بالزواج، وأتمنى أن يرزقني الله بالزوج الصالح الذي يكرمني ويحبني، وأتمنى أن يرضى الله عني، ويثبتني على الإسلام حتى ألقاه.

أصبحت أخاف على ديني من الفتن التي نراها ونسمعها، ولكن أملي في الله أن يرحمني ويصلح حالي، أرجو أن تساعدوني في تشخيص حالتي، وماذا علي أن أفعل؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المحبة لله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك في إسلام ويب، ونتفق معك تمامًا أن الوساوس القهرية مؤلمة جدًّا للنفس البشرية، إلَّا أن الوساوس يمكن علاجها، والخطأ الذي يقع فيه الكثير هو أنهم يسترسلون مع وساوسهم، ويناقشونها، ويحاورونها، ويدخلون في تفاصيل دقيقة حولها، وهذا يُعقِّد الوسواس جدًّا ويجعله متشابكًا، ويزيد منه، وربما يُولِّد وساوس جديدة.

هذا يقودنا إلى المفهوم العلمي السلوكي الصحيح، وهو تجاهل الوسواس، تجاهله تجاهلاً تامًّا، وحتى أمر مقاومته قد يزيد من أهميته، وقد يزيد منه؛ لذا التجاهل والتحقير التام للوسواس منذ بدايته هو العلاج الصحيح، فيجب أن يكون منهجك على هذه الشاكلة -أيتها الفاضلة الكريمة- وعليك أن تُكثري من الاستغفار والاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم.

وعليك -من وجهة نظري أيضًا- أن تُقللي من الفراغ في حياتك، الفراغ الزمني والفراغ الذهني، تُكثري من التواصل الاجتماعي، تُكثري من القراءة والاطلاع، وتقومي بعملِ ما هو مفيد، هذا يُقلل من فرص نشأة الوساوس وانتشارها.

سَلِ اللهَ تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وكوني على ثقة ويقين كامل أن الله تعالى سيعينك.

العلاج الدوائي نراه مهمًّا ومهمًّا جدًّا، وهو جزئية أساسية في علاج الوساوس القهرية، ويُسهِّل على الإنسان التطبيقات السلوكية التي تقوم على مبدأ: التجاهل، وحسن إدارة الوقت، واستبدال الفكر أو الفعل الوسواسي بما يُخالفه تمامًا.

ومن الأدوية الممتازة جدًّا التي ننصح بها والتي أثبتتْ جدواها وفعاليتها -خاصة إذا التزم الإنسان بتناولها بانتظام- الدواء الأفضل يُعرفُ باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وربما تتحصَّلين عليه في فلسطين تحت مسمى آخر، فاسألي عنه تحت مسماه العلمي، والجرعة هي كبسولة واحدة ليلاً -أي عشرون مليجرامًا- تتناولينها بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلينها كبسولتين يوميًا -أي أربعين مليجرامًا- تستمرين عليها لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، وهي المدة العلاجية المتوسطة التي نراها مطلوبة في مثل هذه الحالات.

بعد انقضاء الستة أشهر انتقلي إلى الجرعة العلاجية الوقائية، وهي أن تجعلي الجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعلينها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

أؤكد لك مرة أخرى أن الدواء سليم وغير إدماني، ولا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسائية، وغالبًا تبدأ فعاليته الحقيقية ستة أسابيع بعد بداية تناوله، فاصبري عليه، وسَلِ الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا خالد

    السلام عليكم

  • السعودية خالد شيخ

    اناعندما كنت في سن20 عام كنت اعاني من الوسواس القهري في العقيدة بشكل ما يتصوره اي شخص آخر والحمدالله الان موقن بالله سبحانه وتعالى يقين مليون في المئة وتعالجت بدون ذهابي لاي طبيب لاني كنت خجلان لما بحكيله في الموضوع هذا اكثري من الدعاء في صلاة الليل واكرر عليك بصلاة جوف الليل وادعيه في السجوووود وارفعي يديك اليه في آخر ركعه وتيقني بان الله يسمعك ويستجيب لدعاك وقصتي كبيرة لا استطيع ان احكيها في تعليق واحد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً