الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يكون الدعاء أجدر بالإجابة من الله؟

السؤال

كيف يكون الدعاء أجدر بالإجابة من الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه. وأما بخصوص ما تفضلت به، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: أخبر القرآن أن الله يستجيب دعاء عباده حين يهرعون بكليتهم إليه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ} وقال سبحانه:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} وهنا لا بد أن ننتبه لقول الله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} وهذا هو أول الطريق ووسطه وخاتمته.

ثانيا: أول ما ينبغي عليك فعله: إظهار افتقارك إلى الله، وإعلان إفلاسك عن مساعدة نفسك، وهنا تستشعر معنى قول يونس عليه السلام: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.

ثالثا: أطب مطعمك، ولا تأكل إلا من حلال؛ فإن جسر إجابة الدعاء طيب المطعم، عن ابن عباس قال: "تليت هذه الآية عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي -صلى الله عليه و سلم-: (يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة).

رابعا: تخيّر الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة عند الدعاء، وهذه جملة منها:
1- ليلة القدر، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعائشة لما قالت له: أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).
2- جوف الليل أو الثلث الأخير من الليل، وهو وقت السحر ووقت النزول الإلهي؛ فإنه سبحانه يتفضل على عباده، فينزل ليقضي حاجاتهم، ويفرج كرباتهم، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).
3- دبر كل صلاة مكتوبة، فعن أبي أمامة، قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات).
4- بين الأذان والإقامة، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة).
5- عند النداء للصلوات المكتوبة، وعند نزول الغيث، كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر).
6- ساعة يوم الجمعة، فقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة فقال: (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه).
7- عند شرب ماء زمزم، فعن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ماء زمزم لما شرب له) رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع.
8- الدعاء في السجود، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء).
9- الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر، فعن عبد الله بن السائب –رضي الله عنه- أن رسول الله كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: (إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح).
10- الدعاء عند الاستيقاظ من الليل، وقول الدعاء الوارد في ذلك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَعَارَّ (أي: استيقظ) مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ).

خامسا: تقديم العمل الصالح، والابتعاد عن المعصية: قال بعض السلف: الدعاء بلا عمل كقوس بلا وتر. وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (الدعاء يرفعه العمل الصالح).

سادسا: اليقين من الإجابة عند الدعاء وبعده: قال -صلى الله عليه وسلم-: (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ لاهٍ).

سابعا: عدم التعجل، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (يستجاب لأحدكم مالم يعجل؛ يقول: قد دعوت فلم يستجب).

ثامنا: فهم تعدد الإجابة، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) قالوا: إذًا نكثر، قال: الله أكثر). وهذا يعني أن الدعاء في كل أحواله صائب إذا انطلق من قلب صادق مستعينا صاحبه بالله متوكلا عليه.

نسأل الله أن يوفقك ويرضيك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً