الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعاني من فصام أم ذهان أم غيرهما؟

السؤال

أكتب هذه الاستشارة إلى الدكتور محمد عبد العليم حفظه الله وجميع إخوانه في الشبكة الإسلامية:

دكتور، منذ 10 سنوات أصبت بخوف شديد من بلع الطعام بل حتى الريق وحدثت لي نوبات هلع كثيرة جداً، وحالتي الآن أحس أنها زادت تعقيدا مع الوقت وتتلخص حالتي الآن: رهابات متعددة، منها رهاب الساحة، والأماكن المغلقة والمساجد وغيرها، وأحس أني مضطرب في التفكير.

لو سمعت مثلاً أن شخصاً سافر لمسافة 50 كلم فقط أحس أنه فعل معجزة كبيرة، أو إذا بات خارج منزله، وعندي وساوس بحيث أحس مثلاً لو أني فعلت شيئاً ما سأموت أو تحدث مصيبة، وأحس أن على عقلي غشاوة كبيرة، وأني لا أفكر بشكل سوي كما كتبت، فأرى أشياء عادية على أنها شيء صعب جداً!

تناولت الكثير من مضادات الاكتئاب، وبجرعات عالية، منها: الزولوفت، السيروكسات، الافكسور، الانافرانيل، الأتميل..وغيرها، وكل هذه الأدوية كانت ربما تعطيني شيئاً من الشجاعة، ولا تزيل تلك الغشاوة عن عقلي، رغم أني عاقل لكل ما أقوله، وليس لدي أي اضطراب ذهاني أو فصام إلا أني وبعد القراءة الكثيرة بدأت أفكر وبجدية أني مصاب ربما بفصام بسيط أو مرض ذهاني؛ لأن استجابتي لمضادات الاكتئاب لم تكن أبداً استجابة جيدة، فقد كرهتها فلم أستفد إلا الآثار الجانبية المتعبة، وحتى المهدئات تساعدني قليلاً، ولكن لا تنزع تلك الغشاوة عن عقلي!

ذهبت منذ شهر إلى طبيبة كبيرة عندنا، فلم تقل لي ما هي حالتي، وأعطتني دواء سوليان بجرعة 200 مل، ولكن رفضت إعطائي دواء للتململ الحركي، فقد جربت نصف حبة وأصبت بتململ حركي شديد فتركته بعد 4 أيام.

طبيب آخر منذ شهر كتب لي الزيبركسا 10 مل، ولكني أخاف كثيراً من هذا الدواء، خاصة على مرض السكر والنوم وزيادة الوزن.

أنا أتناول الريسبردال 1 مل منذ 3 أيام، وأحس أنه عدل شيئاً من تفكيري.

لدي سؤال حول الريسبردال: هل جرعة 1 مل كافية لتعديل التفكير؟ وإن كانت غير كافية فهل الجرعات العالية تسبب زيادة وزن وضعفاً جنسياً؟ وهل دواء (الارتان) يمكن تناوله بدون مشاكل؟ وما هي آثاره الجانبية؟ وهل من بديل له؟

الرجاء المساعدة قدر الإمكان، وجزاك الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم، أنا لم أر ولم أستخلص أبدًا أن هنالك ما يُشير على أنك مُصاب بمرض الفصام أو مرض الذهان، وبالمناسبة الذهان يعني الاضطراب العقلي، وهناك عدَّةُ أنواع من الذهانيات، الفصام هو أحدها، وربما يكون هو الأكثر شيوعًا والأكثر شِدَّةً.

أيها الفاضل الكريم، ممَّا ورد في رسالتك أستطيع أن أقول إنك مُصاب بقلق المخاوف الوسواسي، والمخاوف تشمل أشياء كثيرة جدًّا: (الهلع – الفزع – رهاب الساحة) كل هذا نوع من المخاوف، وقطعًا لديك وساوس، كلها أفكار افتراضية ليست صحيحة.

أنت بالفعل تعاني من قلق المخاوف الوسواسي - أيها الفاضل الكريم – ولا أرى أنك تعاني من أي مرضٍ ذهاني.

ذهابك إلى الطبيب أمرٌ جيد ومفيد، وأعتقد أنه من الأفضل أن تتابع طبيبك، على الأقل تزوره مرة كل ثلاثة أشهر مثلاً؛ وذلك من أجل الاطمئنان.

عقار (رزبريدال Risporidal) الذي أعطاه لك الطبيب بجرعة واحد مليجرام، هذه جرعة مضادة للقلق وللتوترات، وليست جرعة مضادة للذهان أبدًا، وأنا أعتقد أن الرزبريادال أفادك، لأنه بالفعل بجرعات صغيرة يُعالج القلق ويُعالج الخوف، ووجدنا أيضًا أن الرزبريادال من أفضل الأدوية التي تُعالج الوساوس القهرية حين يُضافُ بجرعة صغيرة لأحد مضادات الوساوس مثل الـ (بروزاك Prozac) مثلاً أو الـ (فافرين Faverin).

أقترح أن تُضيف الفافرين أو البروزاك بجرعة ليست كبيرة، مثلاً كبسولة واحدة من البروزاك يوميًا، وقوة الكبسولة عشرون مليجرامًا، يتم تناولها لمدة ستة أشهر، زائد حبة واحدة من الرزبريادال، هذا مجرد مقترح يحتاج أن تناقشه مع طبيبك.

البروزاك بهذه الجرعة ليس له تأثير جنسي سلبي حقيقي، ولا يؤدِّي إلى زيادة في الوزن، والرزبريادال بجرعة واحد مليجرام أيضًا ليس له أي تأثيرات سلبية على الأداء الجنسي، ولا يزيد الوزن أبدًا.

أخي الفاضل الكريم، أرجو أن تطمئن، وأنا على ثقة أن حالتك ليست حالة ذهانية، ليس هنالك ما يدل على أنك تعاني من مرض عقلي، فلا توسوس حول الأمر، ولا تنس الدعاء - أيها الفاضل الكريم – اسأل الله تعالى أن يحفظك من سيئ الأسقام ومن كل الأسقام، وعش الحياة بأمل وبرجاء وبإنتاجية وبإيجابية عامَّة، هذا مطلوب تمامًا.

سؤالك حول دواء الـ (آرتين Artane) يعرف علميًا باسم (بنزكسول Benzohexol) وهو أحد الأدوية التي تستعمل لعلاج الشلل الرعاشي، أو ما يُعرفُ بعلة باركنسون (Parkinson)، ويستعمل أيضًا لتخفيف أو إزالة الآثار الجانبية التي قد تُسببها بعض مضادات الذُّهان.

الآرتين لا يُنصح بتناوله إلَّا إذا كان هنالك سبب طبي لذلك، أي في حالة الشلل الرعاشي، أو في حالة وجود آثار جانبية مثل التململ الحركي أو الانشداد العضلي والتخشُّب الذي قد ينتج من بعض مضادات الذُّهان.

الآثار الجانبية للآرتين هو: يمكن أن يؤدِّي إلى جفاف في الفم، ويمكن أن يؤدِّي إلى طشاش في العينين، شعور بشيء من النشاط الزائد، ولذا بعض الناس قد يُدمنون عليه، والآرتين يجب أن يتم التعامل معه بحذرٍ شديد.

عقار (سوليان Solian) والذي يسمى علميًا باسم (إيميسلبرايد Amisulpiride) والذي وصفته لك الطبيبة، وسبَّب لك بعض التململ الحركي: هذا الدواء نادرًا ما يؤدِّي إلى التململ الحركي، لذا ربما يكون هذا هو السبب الذي جعل الطبيبة تحجم عن إعطائك أي دواء للتململ الحركي.

عمومًا أنت الآن في تحسُّنٍ، واصل على ذلك. بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً