الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع الطفلة بعد الطلاق وأهمية التدرج في الخطوات الشرعية للطلاق

السؤال

السلام عليكم. وبعد:

تم طلاق زوجتي منذ أسبوعين، وأرجو أن ترشدوني كيفية التصرف مع ابنتي الوحيدة والبالغة من العمر ست سنوات ونصفاً حيث تعيش مع أمها، وأنا أعمل في بلد آخر، دائماً أذكرها بأن عليها طاعة والدتها واحترامها، هل علي إبلاغها بما حصل، أم بماذا أجيب إذا سألت عن الأمر؟

ما هي توجيهاتكم لي؛ حتى أستطيع حماية البنت من أية سلبيات، سواء الآن أو عندما تصبح معي في سن التاسعة؟ وما هو الوقت المناسب لي لكي أتزوج من جديد؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/مكي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

حسنٌ أن يفكر الإنسان في مصير أطفاله بعد الطلاق، وأحسن من ذلك أن يصبر على صعوبات الحياة الزوجية وأزماتها، ويعالج الأمور بحكمة، فلا يضطر إلى الطلاق، ولا شك أن هناك خطوات كثيرة لابد من اتخاذها قبل الوصول إلى هذه المرحلة، فآخر الدواء الكي.

أرجو أن يكون عند أم الطفلة نفس المشاعر؛ لأن العقلاء إذا أدركوا من سفينة الأسرة أنها لا يمكن أن تبحر مع أمواج المشاكل خططوا من آجل الوصول إلى فراق ناجح يضمن الأمن والسعادة لأطفالهم، ويحفظ الحد الأدنى من مشاعر الود والرحمة بين أسرة الرجل وأهل الزوجة.

إذا كانت هذه الطفلة قريبة منك في مسكنها فعليك أن توفر لها جرعات كبيرة من الاهتمام والعواطف؛ لأنها في سن لا تشعر معها بهذه الأزمة، ولكن المشاعر السالبة سوف تنمو عندها مع كل يوم تشرق فيه الشمس، ومع كل مناسبة تشاهد فيها زميلاتها بصحبة آبائهن.

لا مانع شرعاً من أن تتزوج في الوقت الذي يناسبك، على أن تحسن الاختيار للزوجة الجديدة، فاحرص على ذات الدين، ويفضل مع ذلك أن تكون ممن يهمها أمر هذه الطفلة التي تحتاج إلى عطف زوجة الأب وصبرها، وهذا لو كانت من أقاربها، فإن الفتاة إذا كبرت سوف تغار لأمها، فإذا كانت الزوجة الثانية عاقلة تخاف الله استطعتم بإذن الله التخفيف من آثار الطلاق على الفتاة، وإذا كان بالإمكان إرجاع الزوجة إلى عصمتك، حتى ولو كان ذلك بعد الدخول على الزوجة الثانية؛ فإن ذلك أفضل للفتاة.

يؤسف الإنسان أن يقول: إن بعض الرجال يستعجل في اتخاذ قرار الطلاق، ولا يتدرج وفق الخطوات التي وضعتها الشريعة من وعظ، وهجر، وضرب، وتحكيم، ومشاورات، ثم تأتي الطلقة الأولى، وتكون المرأة في بيت زوجها ولا تخرج منه؛ حتى تتاح فرصة لكل طرف من أجل أن يفكر مراراً في العواقب، فإن رغبا في الرجوع إلى مودة ورحمة الحياة الأسرية تم لهم ذلك، وحصلت الاستفادة من سلبيات الماضي، وبدأت الحياة من جديد.

إذا بدأت المشاكل تطل برأسها من جديد سرنا على نفس التدرج: (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ) [النساء:34]، وهكذا حتى نأتي على الفرص، ونقنع أنفسنا بأننا صبرنا وصابرنا وليس من خيار متاح سوى الطلاق.

والصواب أن تتخذ هذا القرار بعد الاتفاق على مصير الأطفال، وكيفية تربيتهم، وضرورة التعاون في غرس معاني الأبوة والأمومة في نفوسهم، وقد أحسنت بأمرك لها بطاعة والدتها، وأرجو أن تقوم الزوجة بنفس الدور، وتحرض ابنتها على طاعتك واحترامك؛ لأن منهاج الشريعة العظيمة (( فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ))[البقرة:229]، والتسريح بإحسانٍ هو الفراق الذي لا يخلف مشاكل وأحقاداً، وغيبة، ونميمة، وآثاراً مدمرة تهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد.

والله ولي التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً