الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من حياة الملل من الدراسة والحياة وأنطلق في حياتي؟

السؤال

هل توجد علاقة بين إدمان العادة السرية والتحكم والتأثير في مستوى الدوبامين، أو السيروتونين، أو النورادرينالين الطبيعي اللازم للإنسان كي يحيا، ويتوازن بحياة طبيعية؟ حيث إنني معتاد على هذه العادة منذ 10 سنوات تقريبا 3 -4 مرات أسبوعيا، والآن أنا شاب بسن الرابعة والعشرين، ويصعب علي الامتناع عنها.

أرجو الإجابة بالتفصيل؛ لأني منذ فترة ليست بقليلة يلازمني عدم التوفيق، على عكس ما كنت عليه في صغر سني من التحصيل الدراسي؛ فالآن اصبحت طالبا في كلية الطب، ولا أذاكر إطلاقا طوال أيام السنة، وأنا على هذا الحال منذ 4 سنوات، وأقوم بتأجيل السنة، ويضيع عمري مني، ولا أعرف ما الحل.

طوال أيام السنة لا توجد همة للمذاكرة، وأشعر بضيق دائم، فقط أضع جدولا مناسبا للمذاكرة، ثم تحدث المماطلة والتسويف، والنفور من المذاكرة، حيث لا أكمل مذاكرة 10 أو 14 يوما متتاليين منذ دخولي الكلية وهذه الأيام، فحد أقصى يكون تحصيلي (5) ساعات تقريباً، وبالطبع هذا غير كافٍ.

عمري يضيع مني بسبب التردد الدائم والضيق، وأصبح لا يوجد مصدر للسعادة والراحة التي بالطبع وقتها 10 دقائق في العادة السرية، وبعدها الضيق يعود، ثم أستغفر الله، وأصلي وأواظب فقط يوماً أو يومين بالأكثر، أكون وضعت جدولا آخر للمذاكرة، ثم يكون التسويف والمماطلة، ثم العادة السرية، وهكذا إلى يومنا هذا، وكل هذا مصحوب بسيل من الأفكار في كل شيء في الحياة.

أشعر بتشتت الانتباه دائما أثناء المذاكرة، بالإضافة أنني أشعر أنني مريض بالوسواس، والفارق بيني الآن وبين أيام الثانوي؛ أنني كنت أحدد شيئا وبعون الله أنجزه، والآن أجد صعوبة كبيرة جدا أثناء السعي لتحقيق ما أريده من مذاكرة، ولا أعلم ماذا علي أن أفعل.

هل أنا مريض نفسي؟ وفقط العلاج هو الحل مع تمارين التأمل كلعب الرياضة؟ أم أنني لا أصلح لمهنة الطبيب لكبر المنهج؟ وعلي أن أحول مساري لكلية أخرى أخف في المناهج؟

رجاء الإجابة بكل دقة وبالتفصيل، إن كان ما أنا فيه الآن حالة مرضية تستوجب العلاج، أم أن ما أنا به ليس هو مجالي، أم ماذا، لأني بإذن الله سأطبق حرفيا ما سيكون في الاستشارة، سواء كان علاجيا أم غيره.

وشكراً جزيلاً لسعة صدركم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي: أن تُطالب أن تكون الإجابة بكل دقة وتفصيل، وأنا أقول لك: لن نجحد عليك بما هو مُتاح.

أيها الفاضل الكريم: بالنسبة لموضوع العادة السرية وعلاقتها بالموصلات العصبية، خاصة مع الدوبامين، والسيروتونين، والنورأدرينالين؛ أقول لك: إن الإنسان لديه مركز يُعرف بمركز الشهوة، أو النشوة، أو الغرائز، أو ما يُسمى بدماغ الزواحف، أو الدماغ الحيواني، وهو الذي يتحكم في شهوات الناس وملذَّاتهم، العادة السرية مقترنة اقترانًا وثيقًا بهذا المركز، كما هي الممارسة الجنسية، ويُعرف أن مادة الدوبامين هي الموصِّل العصبي الذي يُسهل، أو من خلاله يتم التحكم الكيميائي في الشهوات.

إذًا هنالك علاقة بين إفراز الدوبامين، وممارسة العادة السرية، لكن –أيها الفاضل الكريم– سيكون من الخطأ جدًّا أن تبني مفهومًا أن التوقف عنها سوف يخِلُّ بتوازنك الكيميائي أو البيولوجي، أو سوف تحدث لك آثار انسحابية، هذا ليس صحيحًا أبدًا، لأن مركز الشهوات -أو ما يسمى بمركز المردود الإيجابي– لا يعمل على مستوى العقل الإنساني الرفيع، إنما هو على مستوى عقل الزواحف، لذا ليس هنالك ارتدادات نفسية، أو كيميائية سلبية حقيقية سوف تحدث للإنسان، مثل تعاطي المخدرات، حين يتوقف عن التعاطي قد تواجهه صعوبات يومين أو ثلاثة، وليس أكثر من ذلك، وإذا كان لديه الإرادة والدافعية نحو التعافي سوف يتعافى.

أخي الكريم: ليس هنالك مبرر علمي كيميائي يجعلك تستمر في ممارسة العادة السرية، ونصيحتي لك: يجب أن يكون لديك العزم والعزيمة والقصد والاعتقاد أنك يمكن أن تتوقف عنها، وأنا أنصحك بأن تُخفف من ممارستها، مارسها فقط مرة أو مرتين في الأسبوع من أجل التفريغ المنوي فقط، واحذر من أن يكون لك خيال جنسي، لأن ذلك سوف يُفتعل في الحرام، وفي ذات الوقت سوف يجعلك تتمادى من خلال التحفيز النفسي الغريزي الداخلي.

بالنسبة لموضوع الدراسة وعدم القدرة على الانتظام والتردد: هذا –أيها الفاضل الكريم- يتطلب منك أن تستشعر أهمية العلم، أن تكون لك غايات، أن تكون لك أهداف، وفي ذات الوقت يجب أن تُدير وقتك بصورة جيدة بحيث تُتيح لنفسك الفرصة بالاستمتاع بكل شيءٍ في الحياة، أن تُرفّه عن نفسك، أن تنام بالصورة الصحيحة، أن تمارس الرياضة، أن تجلس مع أصدقائك، أن تتواصل مع أهلك... ليس الوقت كله للمذاكرة، لا، من يُفلح في إدارة وقته ويستمتع بحياته وبوقته هو الذي يستطيع أن يُذاكر بصورة جيدة.

أنا أنصحك أن تنام مبكرًا، النوم المبكر يؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ، استيقظ مبكرًا وصلِّ الفجر، ثم ادرس لساعتين قبل الذهاب للكلية، هذا يكفي تمامًا، وبعد ذلك أدرِ بقية الوقت بالكيفية التي تراها، ولا بد أن يكون هنالك ترفيه فيما هو طيب وجميل، ولا بد أن يكون هنالك ممارسة للرياضة، ونوم صحيح وتغذية صحيحة، وتواصل اجتماعي صحيح.

هذا ما أنصحك به، والأمر في غاية الوضوح، والإنسان يستطيع أن يتغيَّر، وصدق الحق جل وعلا حين قال: {إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، أنت الذي تُغيِّر ما بنفسك إذا أردت أن تتغيَّر، الله تعالى حبانا بالطاقات، بالإمكانات، بالمقدرات، بالعقل، نُفعِّل كل هذا لنتغيَّر، فكن من هؤلاء أيها الفاضل الكريم.

الأمر الآخر: ليس هناك ما يمنع أن تتناول أحد محسنات المزاج، عقار مثل الـ (بروزاك) أو الـ (فافرين) سيكون جيدًا، وتواصل مع أحد أساتذة الطب النفسي بكليتك، وسوف تجد منه إن شاء الله كل إرشاد ومساعدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر نـــجـمـة صـبـــــح

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أنصحك أخي الكرام براءة كتاب
    (اُدرس بذكاء وليس بجهد)للكاتب ""كيفن بول""
    انه كتاب مفيد يحفزك على الدراسة والعلم
    تستصغر العقبات ولا تبالي بالماضي
    باذن الله
    يعلمك كيف تقضي نفس الوقت ونفس الجهد في المذاكرة لكن تحصد أكثر بكثير من الاستيعاب والفهم مما كنت فعلت
    تجد فيه افكار رائعة مثل تنظيم المحيط-فرق تسد-افعلها جيدا من المرة الاولى
    وربي يخفف عليك ويهديك الى سواء السبيل
    (دعواتك)

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً