الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف من السفر لطلب سعة الرزق في ظل فراق الوالد من الراغبين في رؤية والدهما

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلطالما احتجت لرأيكم الرشيد في كثير من أمور حياتي باحثاً عن جواب شاف لتساؤلاتي من خلال موقعكم للاستشارات، والآن أحتاج إليكم مرة أخرى، وأرجو منكم سرعة الرد على استشارتي.

أنا أعمل بوظيفة جيدة في بلدي، وأقدم -إن شاء الله- على الزواج في غضون عام، أو أقل، ولكن راتبي لن يفي بسداد احتياجات الزواج بصفة كاملة، ولكن الزواج لن يستحيل مع هذا الدخل، وفي الوقت نفسه أتاني عرض للعمل في إحدى الدول العربية بمبلغ كبير سيفي باحتياجات الزواج تماماً بالشكل الذي أتمناه، حيث أستطيع حينها أن أسكن في شقة مناسبة، وأعيش بمستوى مناسب، ستقول لي طبعاً وفيم التردد؟! هو رزق ساقه الله لك!
ولكن المشكلة التي تشغل بالي هي أن لي أباً وأماً يعيشان بفردهما معي بعد أن سافر أخي للعمل في إحدى الدول العربية، وسافرت أختي مع زوجها، ولم يبق معهما غيري، وهما وإن كانا كبيرين في السن إلا أنهما -بفضل الله- في صحة جيدة، وأنا أدرك تماماً أنهما لا يحتاجان إلي لخدمتهما بقدر حاجتي أنا النفسية لوجودي معهما.

ما أنا متردد بشأنه هو: أأسافر بنية جلب الأموال التي تنفعني وتنفعهما إذا ما مرضا، وأتجاهل الجانب النفسي لدي ولديهما، علماً بأنهما يشجعانني على السفر؛ رغبة منهما في سعة الرزق لي، واستئناساً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فتح لأحدكم رزقاً من باب فليلزمه) حديث رقم (1243) بموسوعة الحديث الشريف بموقعكم الكريم، أم أبقى معهما بنية وجودي إلى جوارهما، كما جاء في الحديث الذي لا أعلم صحته من ضعفه: (الزم رجلها فثم الجنة)، وكذلك تحقيقاً لراحتي النفسية بوجودي إلى جوارهما في كبر عمرهما بغض النظر هل سأستطيع أن أنفق عليهما الكثير في مرضهما إذا ما حدث أم لا؟!

ما الأصلح من وجهة نظركم؟! أأسافر؛ فأكون عاقاً لهما بابتعادي عنهما، وعلمي المضمر بسعادتهما في وجود أبنائهم معهما، أم أبقى هنا؛ فأكون رافضاً لرزق ونعمة أنعمها الله علي بهذا العمل؟!
وأزيد على ذلك أني أقول لنفسي: إنك إن صبرت على الرزق القليل، ومكثت مع والديك؛ فإن الله سيعوضك خيراً منه في أي شيء: في الصحة، في السعادة، في الذرية الصالحة، أو في البركة في القليل، فهل هذا صحيح؟ أفيدوني سريعاً أكرمكم الله؛ لأن صاحب عرض العمل ينتظر مني ردا سريعاً لاحتياجه لمثل هذه الوظيفة الآن.

وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
ابني الفاضل/ عبد الله حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله أن يرزقك السداد والرشاد، وأن ينفع بك والديك والبلاد والعباد، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن للسفر فوائد عظيمة، وثماراً طيبة لا يجدها الإنسان في قاعات الدراسة، ولا في بطون الكتب، وإذا كان السفر إلى بلد عربي مسلم ترتفع فيه رايات الدين فذلك خيرٌ إلى خير.

وإذا وافق الوالدان على فكرة السفر فلا مانع من السفر مع الحرص على الرجوع في الوقت المناسب لتكون إلى جوار والديك، فالصواب أن يسافر الإنسان في بداية حياته، والحرص على بناء المسكن، وتوفير احتياجاته الأساسية، ثم يعود ليكون إلى جوار أبويه أو يأخذهما إلى البلد الذي يعمل فيه ليسعد بخدمتها، ويطمئن بقربهما.

ولا شك أن كل والد يرغب في أن يكون أولاده إلى جواره، وهذه نعمة امتن الله بها على بعض أهل الكفر والعناد فقال سبحانه: (( وَبَنِينَ شُهُودًا ))[المدثر:13]، فإن من السعادة أن يكون رزق الإنسان في بلده وإلى جوار والديه، ولكن الذي يريد تحقيق أهداف كبيرة لابد أن يضحي بترك أشياء أخرى، ولن تكون عاقاً لوالديك؛ لأنهما يشجعانك على السفر.

ونحن نشكر لك هذا الشعور الطيب تجاه والديك، ونبشرك بأن الله سوف يرزقك بأبناء بررة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولا يخفى أن بر الوالدين يزيد في الزرق، ويبارك في العمر، ويجلب قبل ذلك رضوان الله.

وإذا كان الوالدان بصحة جيدة -ولله الحمد- فلا تتردد في السفر، وكن على اتصال بوالديك، واحرص على إظهار الاهتمام بهما، ولا أظن أن الأهل والجيران سوف يقصرون تجاه والديك، كما أن سعة الرزق تعين على كمال البر والإحسان للوالدين والأرحام.

والله ولي التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً