الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب طبعي الكتوم أصبحت أتحدث مع نفسي، فهل أنا مريضة نفسية؟

السؤال

السلام عليكم
بداية أشكر القائمين على هذا الموقع، وأدعو الله أن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم.

أنا فتاة، وكثيراً ما تواجهني مشكلات سواء على مستوى العمل، أو مع زميلاتي، أو إخوتي، أو ضغوط الحياة المختلفة، وأنا بطبيعتي كتومة، ولا أحب أن أحكي ما بداخلي لأحد رغم وجود صديقات مقربات لي، إلا أنني لا أستطيع أن أحكي كل مشكلاتي لهن.

بعض مشكلاتي تكون خاصة جداً، كالمشكلات الأسرية التي لا يصح أن أخرجها، أو أن تكون مشكلاتي تتعلق بشيء خاص جداً بالنسبة لي، ولا أحب أن يعلمه أحد، ولا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي بسبب رفض أسرتي لذلك، وأظل أكتم ما بداخلي من حزن وضيق وألم حتى أثر ذلك على صحتي، وأصبحت أعاني من اضطرابات هضمية.

الشيء الوحيد الذي أفعله عندما تواجهني مشكلة هو الحديث مع نفسي، حيث أنني أتخيل أنني أجلس مع طبيب نفسي أو مع إحدى صديقاتي وأحكي له ما أعانيه، وأجري حوارا: (حيث أنني بالفعل أتكلم مع نفسي بصوت خافت، وأرد على نفسي، وأتقمص شخصية الطبيب أو صديقتي)، ويستمر الحوار طويلاً ربما يستمر لساعة أو أكثر، وقد ازداد هذا الأمر معي، فكلما تعرضت لمشكلة مهما كانت ألجأ للتخيل والحوار، وهذا الأمر أصبح يقلقني؛ لأنه يحدث بشكل يومي تقريبا، وأخشى أن أكون مريضة نفسية.

هذه مشكلتي وأدعو الله أن أجد لديكم علاجا لما أقوم بفعله من حوار تخيلي.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرد لك الشكر بمثله ونسأل الله عز وجل, أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى دائما.

بالفعل -يا ابنتي- أنت تتصرفين بشكل صحيح تماما, فليس من الحكمة سرد أسرار البيت أمام الناس, لكن إذا كان لك صديقة أو قريبة تثقين بها, وتشعرين بأنها ناضجة ومتفهمة، وبإمكانها مساعدتك, فإن الإفصاح هنا وأخذ المشورة يعتبر تصرفا سليما، ويصب في مصلحتك من الناحيتين النفسية والجسدية, فالإنسان قد لا يكون قادرا على اتخاذ الحل الصحيح لمشكلته بمفرده, وقد تكون نظرته لهذه المشكلة تتم من زاوية خاطئة, ولذلك قد يحتاج إلى المساعدة في تعديل نظرته.

بشكل عام أقول لك: إذا وجدت من تثقين برأيه من عائلتك أو من صديقاتك, وشعرت بأنه من الممكن أن يساعدك بصدق فلا تترددي في أخذ مشورته.

على كل حال, إذا لم تجدي من تثقين به فإن طريقتك في التحدث إلى نفسك وإدارة حوار مع طبيب وهمي, لا ضرر فيها، وهي أسلوب جيد لتفريغ الضغوط، وخاصة إذا أحسنت توجيه طريقة الحوار بينك وبين هذا الطبيب الوهمي, فإن هذا قد يساعدك كثيرا في تجاوز المشاكل.

ما قصدته بطريقة توجيه الحوار هو أن تقومي أنت بالإفصاح عما ينتابك أو ما يضايقك من مشاعر وأحداث, ثم تتخيلين الطبيب يقوم بالرد عليك لكن بطريقة إيجابية وبناءة, فاختاري له العبارات التي تخفف من حدة المشكلة.

مثلاً: يمكنك القول للطبيب: إن أبي يصرخ في وجهي ويسمعني كلاما سيئا, وهذا الأمر يؤلمني ويشعرني بعدم الثقة بالنفس وبالإهانة.

اجعلي رد الطبيب عليك كما يلي: أتفهم مشاعرك بشأن ما صدر من أبيك, لكن يجب أن تتحكمي في هذه المشاعر ولا تضخميها أكثر, فأباك قد أخطأ التصرف معك بدون شك, إلا أنه وبالرغم من ذلك يكن لك مشاعر الحب والاحترام ولا يقصد إهانتك, فهو كإنسان يعتبر جيدا، لكنه لا يجيد التصرف, أي اجعلي الطبيب الوهمي ينتقد لك تصرفات الشخص الذي تتضايقين منه وليس الشخص ذاته, فهنا ستشعرين بأن ما يصدر من قبل البعض من مواقف سلبية أو أحاديث سيئة هو في الحقيقة ليس موجه نحوك أنت شخصيا, وسببه بكل بساطة هو أن هؤلاء الأشخاص لا يجيدون مهارات التواصل والتعامل الصحيح, وإدراك هذه الحقيقة واستيعابها سيعيد لك الثقة بنفسك وبالمحيطين.

أسأل الله عز وجل أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً