الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأن كل تصرفاتي خاطئة، وأتلعثم كثيرا، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من مشكلة اجتماعية، وهي التعرف على أصدقاء جدد أو التعامل مع الأصدقاء الحاليين! ربما يعود السبب للكتب التي كنت أقرؤها، فلقد قرأت العديد من كتب تحليل الشخصيات، وعلم النفس -فهم الشخصيات والطبيعة البشرية يثير اهتمامي جداً- والكتب الأخرى والروايات.

عند لقائي بشخص أو حتى رؤيته على موقع تواصل أعمل على تحليل شخصيته تلقائيا، وتحديد هل هو جيد ليكون صديقاً أم لا! مع العلم أني كنت أحكم على تصرفات شخص بدون أن أتعامل معه، كحكم مبدئي، وبعد التعامل أكتشف أن تحليلي كان صحيحا تماماً، وعندما أتعرف على إحدى زميلات في الجامعة، أصبحت تلقائياً أخشى عليها من الأشخاص الآخرين أو من أن يتكلموا عليها، فأتصرف تصرفات غريبة بنظر من حولي من باب الحرص، والأغلب يفهمون هذه التصرفات بشكل خاطئ.

بالنسبة للتعرف على الأصدقاء، أنا لا أتعرف إلا عن طريق صديق مشترك، ولا أحبذ التصرف كالآخرين مثل: لو أن هناك طالباً مهماً بالجامعة الكل يتعرف عليه ويلقي عليه السلام، وهكذا...، مع العلم أن بعض أصدقائي المقربين يقولون: إن شخصيتي قوية، وأنني متحدث بارع.

المشكلة أنني بدأت أشعر مؤخرا أن كل تصرفاتي خطأ! فلدي عدد قليل من الأصدقاء، ولا أخرج معهم إلا عندما أشعر أنني سوف أستمتع إن خرجت، فإن لم أشعر بذلك أفضل الجلوس في المنزل.

علاقات الزمالة مع الفتيات في الجامعة تنتهي بسرعة لسوء الفهم من أحد الطرفي، وقد أحسست أنني أتلعثم بالكلام كثيراً مؤخراً، وأشعر بالخوف دون وجود سبب لذلك، حاولت أن أجد حلاً لمشكلتي؛ نظراً لأني دائما ما أجد حلول لأصدقائي لكني فشلت!

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على الكتابة إلينا بكل هذا، أعانك الله ويسّر لك أمورك كلها.

إن سؤالك يدور وبشكل أساسي حول ما نسميه المهارات الاجتماعية، وليس هناك عمر محدد ودقيق لتعلم مثل هذه المهارات، وهي تختلف من شاب لآخر، إلا أنها عادة قريبة من سنك هذه. والمصدر الأكبر لاكتساب هذه المهارات هو مخالطة الناس، وتعلم كيفية التعامل معهم، وستلاحظ من خلال هذا الاختلاط وهذه التجارب معهم بعض التغيّرات والتقدم التي تحدث عندك بتأثير من هذه العوامل البيئية من التفاعل مع الآخرين.

ربما الكثير من هذه المعاناة التي وردت في سؤالك تعود لعدة أسباب أهمها أمران: الأول: الحساسية الشديدة، حيث يبدو من سؤالك أنك شديد الحساسية من تصرفات الناس، والأمر الثاني هو: ربما شيء من ضعف الثقة في النفس بالرغم من قوة الشخصية التي وردت في سؤالك. هذه الحساسية وبعض ضعف الثقة بالنفس يمكن أن تفسّر بعض الأمور الأخرى التي وردت في سؤالك.

الغالب أن يعود هذا الضعف لعدة أسباب، ومنها:

أولاً: التربية والرعاية في مرحلة الطفولة والمراهقة، من طريقة المعاملة والمقارنة بالآخرين.

ثانياً: لا ننس أنك في هذه المرحلة الحساسة من حياة الشباب، المرحلة المتأخرة للمراهقة، وبكل ما تفرضه هذه المرحلة من التحديات الاجتماعية في التعرف على الناس، وإيجاد قدم لك في المجتمع من حولك.

إننا كثيراً ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، كأن نعتقد بأننا مثلاً يصعب علينا التواصل مع الآخرين، وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا خجلا أو ترددا، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل. وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا حقيقة ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

حاول أن تقبل على الناس بكل بساطة، ومن دون الخوض في متاهات تحليل شخصياتهم، وكما يُقال بأن من شغل نفسه بالناس الآخرين مات همّا. خذ الناس وعاملهم على ظاهرهم، واترك بواطنهم ونياتهم لذواتهم، وبذلك ترتاح للتعامل معهم.

مارس دراستك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من صلاة وتغذية ونوم وأنشطة رياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك، ومع الناس الآخرين من حولك.

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الصعوبات من تلقاء نفسها وأنت تتابع التعامل مع الناس، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها وتشعر بضعف الثقة في نفسك مثل لقاء الطلاب والحديث معهم.

إذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض فقد يفيد مراجعة الأخصائي النفسي أو المرشد الطلابي في الجامعة، ممن يمكن أن يقدم لك الإرشاد النفسي، وإن كنت أعتقد بأنك لن تحتاج لهذه المراجعة.

وفقك الله ويسر لك الخير، وجعلك من المتفوقين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً