الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس بجفاف الحلق وكأن شيئًا ما عالق في حلقي، فهل مشكلتي نفسية؟

السؤال

السلام عليكم..

عمري 28 عاما، بدأت مشكلتي عندما بدأت بالإحساس بوجع في الأذنين عند تنظيفها، وشعرت أيضا بوجع في الحلق عند شرب الماء من الجهة اليسرى فقط، وذهب هذا الإحساس لفترة، ثم عاد مرة أخرى، فبدأت أقرأ على صفحات الإنترنت عن الأعراض والأمراض المختلفة، وبدأت أبحث داخل الفم، وأنظر في حلقي، وبدأت أشك بوجود سرطان، ولم يكن عندي صعوبة في البلع أو المضغ، ولكن بعدها بدأت أشعر بأن شيئا ما واقف في حلقي، فذهبت إلى طبيب أنف وأذن، وشرحت له الشكوى، وقال لي: بأنه التهاب بسيط في الحلق، وأعطاني بعض المضادات الحيوية، وذهبت له مرة أخرى مع وجود نفس الشكوى، فقال لي: إن الالتهاب أفضل مما كان قبل.

لكنني بدأت أفحص رقبتي، ووجدت العقد اللمفاوية أسفل الفك من الجهة اليسرى أكبر منها في الجهة اليمنى قليلا، وعند الضغط على مناطق في الرقبة فوق التقاء الترقوة في الجهتين أحس بألم بسيط، وأيضا وضعت يدي في فمي من جهة البلعوم مكان اللوزتين.

مع العلم أني قمت باستئصالهما وأنا صغير، فوجدت ما يشبه الحبوب، وعند تحريك لساني للجهة اليسرى وجدت ألما أسفله، فذهبت إلى طبيب آخر، فقال لي بأن التهاب الحلق بسبب الفطريات والمضادات، وأعطاني علاج جل (دكتارين) مضمضة تانتم للفم، وأسيكلوفير 400، وأيضا قطرة للأذن لمدة أسبوع، وذهبت إلى دكتور أسنان، وقال لي: إن كل شيء على ما يرام، وأني محتاج للعناية بأسناني فقط.

وبعدها ذهبت إلى استشاري الأنف والأذن مرة أخرى، وقال لي: إن كل شيء على ما يرام، وأبلغني بأن أتوقف عن العلاج، وأن كل هذه أعراض نفسية، ولا أحتاج لعمل أشعة، على الرغم من أني لا زلت أشعر بألم في الأذنين بعد الأكل، وعدم راحة في الفم والفك والرقبة، وأحس أحيانا بجفاف الحلق، وأما إحساس صعوبة البلع والشيء العالق في الحلق، فبدأ يذهب ويختفي ويعود في أحيان قليلة.

علمًا بأنني أعاني من ارتجاع المريء، وهليكوباكتر بلوري، وتحاليل الدم الخاصة بي سليمة، كما أن أخي طبيب، وموافق على أن المشكلة نفسية لا أكثر ولا أقل.

أطلب منكم المشورة، وأرجو منكم مساعدتي في شكواي، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب.

نوعية أعراضك التي تشتكي منها قطعًا يلعب العامل النفسي فيها دورًا أساسيًا، فربما كانت لديك حساسية بسيطة في الأذنين مثلاً، والتهاب بسيط في الحلق، خاصة أن لديك ارتجاع المريء، فهذه حالات عضوية بسيطة.

بعض الناس يحدث لهم ما أسميه بالتضخم النفسي، أو الانتفاخ النفسي، يعني أن الأعراض تزداد وتتضخم؛ لأن الإنسان يكون قلقًا بطبعه ويبدأ في تأويلاتٍ سلبية: الخوف من الأورام، الخوف من السرطان، الخوف من القُرح، وهكذا، وهذه الهواجس تزيد أيضًا من تضخيم الأعراض، وبذلك يكون الإنسان قد دخل في حلقة مفرغة (آلام بسيطة، قلق زائد، أعراض أشد)، هذه الأعراض الأشد تؤدي إلى مزيد من القلق والمخاوف والوسوسة المرضية، تزداد الأعراض نتيجة لذلك، وهكذا، وهذا هو الذي حدث لك.

اطمئن –أيها الفاضل الكريم إن شاءَ الله- أنتَ سليم، وحتى موضوع ارتجاع المريء وجرثومة (هيليكوباكتر Helicobacter)، هذه أشياء كثيرة وشائعة جدًّا، وتجاهلها هو أحد أسباب علاجها الناجعة.

طبعًا بالنسبة للـ (هيليكوباكتر): لا بد أن يكون الأطباء قد أعطوك العلاج الثلاثي لمدة أسبوعين، وسوف يقضي عليها تمامًا.

وبالنسبة لارتجاع المريء: أرجو أن تنظم الطعام، وهنالك أدوية مفيدة تُعطى في هذا السياق.

أريدك –أيها الفاضل الكريم– أن تحرص على أن تنام نومًا ليليًا مبكرًا ومُريحًا، هذه أحد شروط الصحة النفسية والجسدية، مَن يلتزم بذلك يحسُّ باسترخاء نفسي واسترخاء عضلي، وقبول للحياة بصورة أفضل، خاصة حين يستيقظ في الصباح الباكر، ويصلي الفجر، ولا تشغلك الأعراض العضوية هنا أو هناك.

القلق النفسي يؤدي إلى توترات عضلية، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات الحلق والرقبة والبطن وأسفل الظهر، لذا يكثر عند الناس الشكوى حول هذه الأعضاء التي ذكرتها لك.

كل التفسيرات التي تعتقد أنها تفسِّر حالتك ليست صحيحة –مع احترامي الشديد لمشاعرك– الفطريات قد عُولجتْ، ارتجاع المريء والهيليكوباكتر ليس أمرًا مهمًّا، حساسية الأذن -إن شاء الله تعالى- قد انتهتْ تمامًا.

ولا بد أن تشغل نفسك في عملك، في تطوير ذاتك ومهاراتك، أنت -الحمد لله تعالى- لديك أسرة، ولديك زوجة، وهنالك مسؤوليات، وهنالك مودة -إن شاء الله- وسكينة ورحمة، كل هذا يجب أن يعطيك الشعور بالثبات، والتثبيت النفسي والقناعة الإيجابية حول ذاتك وصحتك.

وأحذِّرك من التردد على الأطباء؛ فهذا يؤدي إلى مشاكل كثيرة، لا تحرم نفسك من نعمة المراجعات والمتابعة مع الأطباء، لكن يجب أن تكون مراجعات دورية، كل ثلاثة أو أربعة أشهر مثلاً، اذهب إلى طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني لإجراء الفحوصات العامَّة، وحتى إذا كان من الضروري أن تذهب إلى طبيب تخصصي في موضوعٍ معيَّنٍ هذا لا يمنع، لكن يجب أن تقتنع بكلامي، ولا تتردد بعد ذلك على الأطباء.

أنا أريدُ أيضًا منك أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، عقار (دوجماتيل)، والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد) ممتاز جدًّا، كبسولة صباحًا ومساءً (خمسون مليجرامًا) لمدة شهرين، ثم كبسولة صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، فهذا يكفي تمامًا.

وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً