الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أترك العمل الذي أنا فيه بسبب ما حصل لي من إهانات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في يوم من الأيام وأنا في عملي حدث لي موقف أهانني فيه شخص أمام الناس. حاولت أن أرد إهانته، ولكن لأنه أصغر مني عمرا ظهرت إهانته لي أكثر، ثم بعد ذلك دخلت في نوبة حزن حتى كدت لا أطيق الحياة، كيف وأنا طوال حياتي لم يستطع أحد إهانتي أن أهان بهذه الطريقة؟ فتماسكت بعد هذا الموقف، وذهبت للعمل؛ تفكيرا في أهلي لأنهم يحتاجون إلى مرتبي الذي أتقاضاه؛ لأني أحب إخوتي وأهلي، ثم بعد هذا الموقف تولد لدي خوف شديد، وأصبحت أمشي خائفا ومتوترا وقلقا من أن أهان مرة أخرى، وأصبح صوتي منخفضا، فطبيعة عملي أحتك فيه بأناس كثيرين كل يوم.

بعد ذلك أصبحت شخصيتي مهزوزة، ثم في يوم من الأيام حدث لي موقف مشابه للموقف الأول الذي أهانني فيه شخص، ولكن في هذه المرة لم أرد جزءا من الإهانة كما فعلت في المرة الأولى، فبسبب كل هذا أصبحت شخصيتي ضعيفة، وأخاف من الإهانة، علمًا بأنه طوال حياتي تحترمني الناس جدا احتراما أكبر من سني، ولم يحدث لي هذا في حياتي إلا عندما عملت في الوظيفة بعد تخرجي.

السؤال هل أترك العمل الذي أنا فيه بسبب هاتين الإهانتين؟

علما أنني أحب عملي جدا، ولا أستطيع العيش بدونه، بالإضافة كما ذكرت أن أهلي في احتياج لراتبي.

أفيدوني أرجوكم، فأنا أصبحت شخصا مهانا، ولا أستطيع التفكير.

أغيثوني والله أصبحت لا أنام أصبحت خائفا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: العفو عن الناس وتحمّل أذاهم والصبر عليهم من عزم الأمور، ومن صفات المحسنين، -وإن شاء الله- يؤجر الشخص عليه، وهذا يبرهن قوة الشخصية وليس ضعفها، فالشخص الضعيف هو الذي يقوم بإيذاء الناس والتعرُّض لهم وإهانتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) فالقوة تكون في كبح جماح الغضب والترفُّع عن الصغائر، وهذا وردت فيه أحاديث ونصوص كثيرة، بل قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحب المحسنين}، وقال: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يُحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم * ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.

ومن ناحية نفسية وعملية: إذا كانت هذه الإهانات مرتبطة بالعمل نفسه - أي لها علاقة بالعمل – فإني أنصحك بالتقدُّم بشكوى للرئيس المباشر لكم، لكي لا يتأثر العمل بذلك، وليعرف كل شخص حقوقه وواجباته في العمل.

أما – كما ذكرتَ – إذا كانت هذه المشاكل خارج إطار العمل وتتم بصورة شخصية، فصدّقني أنت أقوى من هؤلاء الأشخاص، وبالعكس كلما تجاهلتهم أو سامحتهم كلما ازددتَّ سُموًا ونُبلاً وليس ضعفًا.

والشيء المهم طبعًا – كما ذكرت – أنك تحتاج لهذا العمل، ولا تستطيع تركه، وأنا لا أنصحك بترك العمل، لهذين السببين، بل كما ذكرتُ لك إن كانت هذه الإهانات تحدث في إطار العمل أو كجزء من العمل، فعليك تقديم شكوى مباشرة إلى رئيسك لكي يتم ردعهم، وأمَّا إذا كانت مشاكل شخصية خارج العمل فالترفُّع عن هذه الأمور وتجنب هؤلاء الناس هو الشيء الأنسب الذي فعلته، وأرى في المستقبل أن تتجنب الاحتكاك بهم، الذين يتعمّدون التقليل من الآخرين وإهاناتهم، ويحسبون أنهم أقوياء، ليثبتوا أن شخصياتهم شخصيات قوية، لكن بالعكس هم ضعفاء.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً