الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصابني الهم والغم لتأخر الخُطاب عني.. انصحوني

السؤال

السلام عليكم

بعدما ضاق صدري مما يحدث لي قررت أن ألجأ إلى الله ثم إلى موقعكم الكريم بحثا عن جواب أو طرف خيط.

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، جامعية، وأملك وظيفة جيدة، وعلى قدر عال من الجمال بفضل الله تعالى.

قبل ما يقارب سنة تمت خطبتي لشاب اعتقدت أن أجد به الشريك المناسب، ولكن بعد خطبتنا بثلاثة أشهر قررت أن أفسخ الخطوبة؛ لأنني رأيت بعدا فكريا واسعا بيننا، وبالفعل تم الفسخ بكل ود واحترام، وحتى يومنا هذا لم يتقدم لطلب يدي أحد، على مدار سنة كاملة تقريبا! أشعر بالخجل ممن حولي فجميعهم توقعوا لي أن أخطب مباشرة مرة أخرى، ولكن هذا لم يحدث.

أعلم أنني صغيرة بالسن، وأنا لست على عجلة من أمر الزواج، ولكني أسأل نفسي ما هو السبب وراء عدم تقدمهم لخطبتي، رغم أنني بفضل الله أملك جميع مقومات شريكة الحياة التي يتمناها أي شاب وأسرتي ذات قدر عال اجتماعيا في بلدتنا الصغيرة.

بدأت أشغل نفسي بكل شيء عسى أن يصرف عني الله تلك الأفكار التي تبعث اليأس في نفسي، بدأت في دراسة الماجستير، وبدأت بالتفرغ لهوايات قديمة، وأنا الآن أطورها لتصبح مهنية أكثر من كونها هواية.

دائمة الابتسامة والحيوية، ولا أسمح لتلك الأفكار بعرقلة سعادتي، ولكني ما ألبث أن أضع رأسي على وسادتي لأنام حتى يراودني السؤال: "لماذا لم يدق بابك أحد خلال سنة كاملة"؟ هذا ليس طبيعيًا! هناك فتيات أقل منك جمالا وأدبا ولطفا وعلما، ويدق أبوابهن الكثيرون، ويرفضن الكثيرين، وأنت في سنة كاملة لم تنجحي في رفض عريس واحد بسبب أنه غير موجود أصلا! جميع صديقاتك ومعارفك ومعارف أهلك، وكل جمالك وعلمك لم يسعفك!

ضاق صدري، لا أريد خطبة، ولا أريد زواجا فقط، أريد أن أشعر أنني مرغوبة ومطلوبة كما كنت قبل خطبتي الأولى، كنت أرفض شبابا كثيرين، وبعضهم أطباء وذوي مناصب مرموقة، والشاب الذي خطبت له لا يقل عنهم، ولكن أين كل هذا قد ذهب فجأة؟ ما الذي يحدث سوف أجن! لا أريد أن ألجأ لطرق التفافية، وأن أتعرف على شباب بطريقة غير شرعية، أخلاقي تمنعني وخوفي على سمعتي يمنعني، ثم إنه محرم دينيا، هل يحبس عني الله هذا الرزق بسبب معاص قمت بها؟ هل هناك ما أفعله أنا لأساهم في تقدم الشباب لخطبتي؟

أنا أحسن ظني بالله وأتفائل وأتفائل، وسأبقى أتفائل في الله نور السموات والأرض، ولكن تعبت!

انتظار المجهول أمر صعب، والأصعب أنني مجبرة على تخبئة صعوبته خلف ابتسامة دائمة حتى أمام أقرب الناس لي، وهم أهلي، انصحوني!

لدي سؤال بموضوع آخر: هل يعقل أن لا يستجيب الله لدعائي عند الكعبة؟ ألم نقرأ دائمًا أن الدعاء في بيت الله الحرام، وفي العمرة تحديدا يتحقق؟

دعوت أمورا لم تتحقق وأنا واثقة أن الله يدخرها لي، وهي في أمانة، ولكن هل يعقل أن لا تتحقق في الحياة الدنيا؟

عذرا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك مع موقع إسلام ويب، ونتمنى أن نكون عند حسن ظنك بنا، ونسأل الله أن يوفقك إلى كل خير، وأما الجواب على ما ذكرت:

بداية نشكرك على حرصك على الصلاح والتقى والعفة، وأنك لن تفعلي مثل ما تفعل الفتيات الطائشات حيث يلجأن إلى التعرف على الشباب بطرق غير مشروعة.

وما حدث لك من تأخر الخطاب عنك ابتلاء من الله، وقد يكون بذنب، لا أدري، وهناك أمور ينبغي الحرص عليها لتيسير الزواج: منها الاستعانة بالله تعالى، والتضرع إليه بالدعاء، ومنها المدوامة على العمل الصالح من صلاة وصيام وصدقة ونحوها، ومما يعين أيضا كثرة الذكر والاستغفار، وأكثري من قول لا حول ولا قوة إلا بالله.

وعليك أن تعلمي أن الله يعين كل من يريد العفاف لنفسه، وهو معه، ولذلك سيوفقك وسيسهل أمرك، فأرجو أن لا تتعجلي في الأمر، والأخوات اللاتي جاء لهن خطاب، هذا قدر الله لهن ذلك، وأنت سيأتيك نصيبك بإذن الله بما أنك لا تريدين إلا ما أحل الله، والدعاء يستجاب لك فيه بشرط أن لا تتعجلي من الإجابة، ولا تيأسي، وأبشري بخير قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع 3050.

- استمري على ما أنت عليه من ابتسامة، ولكن استصحبي هذه الابتسامة بالرضا على ما قدره الله عليك، واشتغلي بما أنت فيه من علم ودراسات عليا، فهذا خير في هذا الوقت.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً