الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتشفت أن أهدافي وهمية ولا أسعى لتحقيقها حين أجد الفرصة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم
رضي الله عنكم وأرضاكم وجزاكم كل خير؛ لأن مساعدتكم حقا تطيب لها النفوس.

أنا طالبة جامعية، منذ يومين انقطع عني الأنترنت، فكان لدي الكثير من وقت الفراغ، لكنني لم أستغله في شيء ينفعني أو يحقق هدفي الذي أسعى إليه، واكتشفت أني بلا هدف حقيقي، وأن رغبتي في التقرب إلى الله غير حقيقية، وهي مجرد مشاعر فقط، فأنا لم أستغل وقت الفراغ في قراءة القرآن أو الذكر أو الإطلاع على الكتب الدينية، إنما كل ما فعلته الجلوس بلا عمل والنوم.

أشعر بالملل من نفسي ومن كل شيء، ولدي الكثير من الكلام الذي أود أن أشرحه، لكني تعبت من نفسي ومن الكلام الذي لا يصدقه الفعل، فما هو علاج الفتور أو التقاعس؟ لأن حالي يتبدل بين ليلة وضحاها، كما أن أكبر مخاوفي هو الشعور بالندم.

أنا الآن أعيش بلا شعور كأني جماد، ولكني أضحك مع الناس وأتكلم، وحين أكون لوحدي أشعر بعدم الرغبة في شيء، لذا أعرض أمري عليكم لعلي أجد الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن سؤالك يطرح عددا من المواضيع، ومنها وهو شديد الأهمية: أن لا تحكمي على نفسك من موقف مفاجئ أو صادم، وخاصة عندما انقطع النت، ووجدت نفسك عاجزة عن فعل أي شيء، سواء ديني أو دنيوي، وأنا هنا أستعمل عباراتك.

فأولا ما حدث مع ردة فعلك عند انقطاع النت، يمكن بل هو يحدث مع غالبية الناس عندما ينقطع معهم الاستقبال بشكل مفاجئ، فيشعر الواحد منهم وكأنه بلا هدف، وأنه ما كان يفعل شيئا إلا الجلوس على النت، وقد يكون هذا مما نسميه من الأعراض الانسحابية لإدمان أو اعتياد الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث نجد الشخص يضطرب عندما تنقطع عنه هذه الوسائل، فيشعر بالفراغ الكبير، وبشكل يظهر واضحا من خلال معظم ما ورد في رسالتك.

أنا لا أريد هنا أن أفصل الحديث في طريقة التعامل مع النت، وإنما أريد أن أقول أن لا تحكمي على نفسك من خلال هذا الموقف الذي حدث ولمدة يومين، فأنت لا شك تقومين بالأعمال الكثيرة الإيجابية المختلفة، إلا أننا أحيانا في لحظة من المشاعر السلبية لا نعود نرى الجوانب الإيجابية، ولا نرى أو ننظر إلا الجوانب السلبية والتقصير، وربما نكون في ذلك جانبنا الموضوعية، ورؤية كامل الصورة.

والنقطة الثانية والهامة جدا، وهي أنني شخصيا أشجع على القيام بخطوات التغيير الصغيرة، ولست ممن يشجع في الحياة الخاصة عموما على الخطوات الكبيرة، فالخطوات الصغيرة، وما تستطيعين القيام به اليوم أفضل من الخطوات الكبيرة التي ربما تعجزين عنها الآن، إلا أن تراكم الخطوات الصغيرة، ومع مرور الوقت، يمكن أن تُحدث ما تريدين من تغيير، الآن أنت عاجزة عنه، وكما نقرآ في كتاب ربنا "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره" وكما يقول المثل الصيني القديم، طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.

فكري بشيء واحد بسيط وسهل يمكنك القيام به اليوم لترفعي من معنوياتك، وتسيرين بالاتجاه الصحيح مسافة 5 سم، ليس 5 أمتار، وإنما 5 سم، ومع مرور الوقت ستلاحظين أن واقعك وحالاتك النفسية أكثر إيجابية وأكثر استعدادا للعطاء والتقدم، وهذه الطريقة للتغيير مجرّبة ومعروفة، وما عليك إلا أن تجربيها.

ولا أريد أن أزيد أكثر، وسترين بنفسك أن غيوم السلبية التي تحيط بك الآن من كل جانب قد بدأت بالتلاشي.

وفقك الله، وبانتظار أخبارك الطيبة والإيجابية، ولعل الأنترنت قد وصلك مجددا!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً