الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يقصر في حقي الشرعي ويتجاهل مشاعري.. فما هو الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من مشكلة تنغص علي حياتي، وتشعرني بإحباط كبير، تزوجت قبل ثمان سنوات، زوجي رجل طيب وعلى خلق ودين، ويراعي الله في جميع جوانب حياته، وضعنا المادي تحسن بعد أن كان تعيسا و-الحمد لله-، رزقنا بطفل بعد طول انتظار -عامين- أستطيع القول بأن حياتنا مستقرة نسبيا، ولا تخلو من المنغصات بالطبع، فلابد من المشاجرات الزوجية العادية.

مشكلتي هي إهمال زوجي للجانب العاطفي، وللعلاقة الزوجية منذ بداية زواجنا، رغم أنني أهتم بنفسي قدر المستطاع، وأهتم جدا بنظافتي ونظافة البيت، وأحاول أن أختار ملابسي وفق ما يحب زوجي، فأشتري الألوان التي يحبها، وأراعي ذوقه ومزاجه بالعطور واللبس والزينة، وأجعلها خالصة له وحده.

لا أريد أن أصف وأمتدح نفسي، فالله الوهاب و-الحمد لله- لقد أعطاني ومن علي بشكل طيب وجميل، لكن للأسف في معظم الأحيان أجد زوجي يصد عن لقائي ويهملني، كنت أبادر في معظم الأحيان، وأحمل صده مرة تلو الأخرى، وأحمل جرحي في قلبي، ولكنني اليوم أميل إلى الابتعاد مثل ما يفعل هو.

لا أنكر بأنه خلال الأشهر الأخيرة عانى من تبدل ظروف عمله، فهو يسافر بمسافة طويلة للعمل، ويعود وهو مرهق ومنهك القوى، وأنا لا أثقل عليه خلال أيام العمل، ولكنه حتى بالعطل ونهاية الأسبوع لا يتغير، حاولت معه بعدة طرق، جربت التغير والتبديل والمفاجآت، ولكنه ينام أو يشغل نفسه عني، ونادرا ما يبادر أو يتجاوب.

لا أحاول كثيرا، على العكس مرة كل أسبوعين أو كل شهر، حتى لا أثقل عليه، والآن علاقتنا الزوجية مرة كل بضعة أشهر، هذا الأمر يولد لدي شعور بأنه لا يحبني، ولا يرغب بي، وهذا التفكير يشحنني بطاقة سلبية، ويوغر قلبي على زوجي، ويجعلني لا إراديا غير متسامحة مع هفواته الصغيرة، ومتنكدة دائما، بالإضافة إلى أنني شابة، ولدي رغبات وشهوات، وتزوجت لأفرغها بالحلال، فأجد نفسي أقاوم رغباتي كل يوم، وأكبح نفسي، وأحيانا تراودني الرغبة بأن أمارس العادة السرية، وأقاوم نفسي، أحاول الاقتراب من زوجي ولا أجد غير الصد.

قادرة على كبح جماح نفسي، ولكن الأفكار تراودني كل يوم، والرغبة تمزقني، ماذا أفعل وكيف أتصرف؟ أحيانا أحاول إقناع نفسي بأنني يجب أن أنسى هذا الجانب من حياتي، ولكن الرغبة والشعور بأنني غير مرغوبة يسيطر على تفكيري، ويستهلك طاقتي النفسية، حاولت أن أحاور زوجي بهدوء ولم أجد منه تفسيرا واحدا، وأحيانا يدعي بأنه مرهق، ولكنه لا يتغير حتى بالعطل، علما أنه سليم ولا يعاني من مشكلة عضوية.

أرجو النصح والتوجيه، وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالمرأة كتلة من العواطف والمشاعر والأحاسيس، وتحتاج إلى إشباع عواطفها، ومن يراعي مشاعرها، ويحس بأحاسيسها، ولذا فإنني أشعر بالهم الذي اعتراك نتيجة عدم إشباع عواطفك.

للمرأة شهوتها كما أن للرجل شهوته، ويرغب كل منهما أن يقضي شهوته بالحلال، وقد يكون بين الزوج وزوجته تفاوت في قوة الشهوة، فيجد القوي في هذا الجانب شعورا بعدم إشباع حاجته، فيتولد في نفسه الضيق والقلق، وهذا أمر طبيعي ما لم يرض بالأمر الواقع.

لا أدري كيف حكمت بأن زوجك طبيعي ولا يعاني من مرض عضوي، فالبرود الجنسي قد لا يظهر فيه ألم عضوي، بل قد يكون نقصا في بعض الهرمونات الذكورية المسئولة عن إيجاد الرغبة الجنسية؛ لأن المشكلة ليست طارئة، بل هي من بداية زواجكما، ولذلك وقبل الحكم عليه لا بد من زيارة طبيب اختصاصي لتشخيص حالته.

مهما كان الإرهاق وإجهاد العمل فلا يجعل الرجل لا يعاشر زوجته إلا في الشهر مرة أو في الأشهر.

الجانب العاطفي وإشباعه بالتغزل بالمرأة وقوامها وجمالها ودلالها وحسن ملبسها ومذاق طعامها ليس فيه أي مجهود، بل هو عبارة عن حلاوة اللسان، والتي تغطي عند المرأة جانبا عظيما من احتياجها العاطفي، وأكثر النساء يحببن المدح التفصيلي، ويكرهن الإجمال في الثناء والإطراء.

لا بد أن يكون للمشكلة القائمة أسباب غامضة، ولذلك فلا بد من فك تلك الشفرة بعناية وحكمة، فإذا عرف السبب بطل العجب، وأمكن -بإذن الله- إصلاح العطب.

في حال وجود شيء من العجز عند الرجل أو عند المرأة فإنه يبحث عن الأعذار والمبررات الواهية التي تغطي ذلك العجز، لأنه يرى أن الاعتراف فيه إظهار العيب والنقص، وذلك يوقفه موقفا محرجا.

لا أرى أن تهملي نفسك، بل تجلمي له وتعرضي له بمفاتنك وباشري القرب منه واحتضنيه في سرير نومك وداعبيه واستثيريه قولا وفعلا، وخاصة أيام العطل الأسبوعية.

حضري له الأطعمة التي تقوي وتعزز شهوته، كالأسماك، والبيض، والعسل، وما شاكل ذلك.

حاوريه عن الزواج وأنه ليس أكلا وشربا، وإنما هو إشباع للعواطف والشهوات التي تؤدي إلى سكن النفس وراحتها، وبطريقة حكيمة أشعريه بحاجتك ومعاناتك التي قد تسبب ضيقا في النفس ونفورا نتيجة عدم شعورها بالسكن، وبأنك لا تطالبينه بالحد الأعلى، وإنما بالحد الأدنى الذي يحصن فرجك، ويغض بصرك، خاصة وأنه ما زال شابا.

استعيني في هذه الفترة بعد الله بالعلاج النبوي الذي وصفه للشباب من أجل الحد من شهواتهم، حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

عليك بالصبر والمحافظة على بيتك، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ووساوسه وخواطره، وإياك أن تقعي فيما حرم الله عليك، فالشيطان يتحين فترات الضعف الإنساني لإيقاعه فيما يسخط الله.

وثقي صلتك بالله تعالى، وأشغلي نفسك في العبادات، وفي كل أمر مفيد، واجتهدي في تقوية إيمانك، توهب لك الحياة الطيبة بمقوماتها كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

اجتنبي الأطعمة التي تهيج شهوتك، وأقلي من المنبهات، ولا تركزي تفكيرك حول هذه القضية، وكوني متفائلة، واحذري من أن تعطي نفسك الرسائل السلبية، فإن العقل يتبرمج عليها تلقائيا، فيصدر عنه ردود أفعال سلبية.

عليك أنت وزوجك أن تلزموا الاستغفار، فمن فوائد ذلك ذهاب الهموم، وزيادة القوة الحسية والمعنوية، والإمداد بالمال والبنين، كما قال نبي الله هود -عليه السلام- لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ}، وقال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يصلح زوجك وأن يلهمه رشده إن لم يكن مريضا، وإن كان مريضا أن يشفيه، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يكفيك ما أهمك، وأن يصلح زوجك، ويسعدك، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس عماد من تونس

    السلام عليكم حالتي متشابهة تماما

  • تونس امير

    السلام عليكم، هل بحثت يا اختي في اسباب تتعلق بك مباشرة؟ الم تتسائلي يوما ان كان زوجك يتهرب منك لضيق في نفسه منك او سوء تعامل منك او لعدم رضا منه عنك؟ هذا يا أختاه سبب كفيل بان يهجرك او يحس بنفور منك، و حتى إن لم يعبر عن هذا لسبب ما، كأن يكون مثلا مغلوبا على امره و شخصيته ضعيفة مقارنة بك، في هذه الحالة يستطيع أن يتعايش معك في كل شيئ إلا في الامور الحسية كامور الغرائز و الأحاسيس لانها امور تتطلب عاطفة جياشة و صدقا ورغبة و هذا ليس الحال بالنسبة له بل قد يكون يحس تجاهك بنوع من القهر والنفور قد تصل الى الكراهية الغير معلنة، والسلام

  • كندا مروى

    نفس مشكلتي، اصبحت افكر في الطلاق بعد اكثر من 10 سنوات زواج

  • الجزائر ايمان من الجزائر

    خافوا الله في النساء .لو ان السائل رجل لنصحتوه بالتعدد لاشباع رغبته لا للصوم والصبر على زوجته.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً