الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي أفضل الطرق في المذاكرة وتفادي النسيان؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا عمري 19 سنة، طالب سنة أولى في كلية الطب البشري، كنت قبل الجامعة متفوقا جدا في الدراسة، وكنت المركز الأول على مدار 5 سنوات متتالية منذ المرحلة الإعدادية حتى الثانوية، ولكن عندما وصلت للصف الثالث الثانوي، وبعد مرور شهرين من الدراسة بدأت أحس بضعف الذاكرة وخمول وكسل شديد، ولم أكن أذاكر كما ينبغي، وحصلت على معدل 97.2 %.

حزن والدي كثيرا بسبب مجموعي، ولكنه فرح عندما دخلت كلية الطب، وكنت قبل الجامعة أطمح أن أصبح طبيبا مشهورا وأستاذا جامعيا يهدف إلى البحث والعلم والمعرفة.

بعدما دخلت كلية الطب كنت أحس ببعض العزيمة في البداية، ولكنها توقفت، ولم يعد لدي صبر وإرادة على التعلم، حتى أنني لم أقدم امتحان مادة من المواد المقررة، والمواد الأخرى قدمتها ولم تكن درجاتي جيدة.

أصبحت لا مبالٍ بالدراسة والمذاكرة، لكني حريص على حضور المحاضرات، وإن كنت لا أفهم جيدا، وما أفهمه أنساه بسرعة، وصارت درجاتي في أعمال السنة سيئة جدا، وأعاني من النسيان الشديد لدرجة أني أنسى الأشخاص، ولا أتذكر الأسماء، حتى لا أتذكر أني رأيتهم.

أنا -بفضل الله- حافظ للقران الكريم كاملا، واستمع إليه بصوت كبار القراء، ومواظب على الصلاة، وأصوم يومي الاثنين والخميس كلما أمكنني ذلك.

أرجو أن تساعدوني في معالجة النسيان وضعف الذاكرة، وطرق المذاكرة والتفوق في الدراسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك وفي حياتك، أعانك الله وخفف عنك لتعود كما كنت في الماضي من الحماس والعزيمة للدراسة والفهم والتعلم.

لا أكتمك أنه آلمني حقيقة أن والدك حزن حزنا شديدا ومعدلك -ما شاء الله- 97.2، واستغربت هذا، مع أنك التحقت بكلية الطب، وهي حلم حياتك، ومن الصعب عليك وأنت في هذا الحال أن تصدق ما سأقوله، ولكن أرجو أن تأخذ كلامي وتتقبله على صعوبته، ولكني أتحدث من خلال الخبرة الطويلة.

من الطبيعي عندما يبدأ الإنسان بعمل جديد أو دراسة جديدة، وفي فرع جديد، من الطبيعي أن يشعر للوهلة الأولى بالصدمة مما يواجه أمامه، ولا شك أن بداية دراسة الطب في الجامعة فيه الكثير من التحديات والكثير من الأمور الجديدة، فهناك أولا جو الجامعة، فالدراسة فيها مختلف تماما عن جو المدرسة الثانوية، وهناك طبعا الأصدقاء أو الزملاء الجدد في صفك في الكلية، وهناك الحجم الكبير للصف الجامعي، وهناك طبيعة المواد الجديدة التي تدرسها كالفيزيولوجيا والتشريح، وهناك أمور أخرى لا أذكرها للاختصار.

المهم لأنك في هذه المرحلة من بداية الطريق، وهي ليست بالمرحلة البسيطة، فأنت لست في حالك الطبيعية من العطاء، ولذلك فأنت تحاول ربما الهروب أو الانسحاب من هذه المواجهة، من خلال عدم الدراسة والتحضير، فربما هي محاولات للهروب من المواجهة، فالإنسان عادة عندما تواجهه حالة أو موقف جديد، فهناك إما الهجوم أو الهروب (Fight/ Flight) فبعض الناس يحاول الهروب بينما البعض الآخر يفضل المواجهة، وكل من هذين الموقفين لا يدل على ضعف أو مرض، وإنما الموقف النهائي هو نتيجة لعوامل كثيرة نفسية واجتماعية وأسرية واجتماعية.

دعني أقول لك، كونك وصلت إلى هذه المرحلة من اجتياز الثانوية، وقبولك في كلية الطب لا شك أن هذا يدل على أن عندك القدرات الكافية للإقدام والمواجهة أو الهجوم، ولكن لا بد لك من شيء من الصبر والتروي، الصبر مع نفسك في فهم حقيقة الموقف الذي أنت فيه، وبالتالي أن ترفق بنفسك وكما يقول الحبيب المصطفى "إن لنفسك عليك حقا".

واضح من سؤالك أنك إن صبرت بعض الشيء وقمت بالدراسة والمذاكرة، وحضرت الكلية بانتظام، فإنك ستبدأ بالفهم والتقدم الطيب، وما عليك إلا الاستمرار مع الصبر والحضور والدراسة والمذاكرة، ورويدا رويدا ستلاحظ أن فهمك واستيعابك بدأ يزداد ويزداد، والذاكرة تقوى، فالطلاب الآخرون ليسوا بالضرورة أقدر منك أو أفضل.

وسأذكر هنا بعض الإرشادات التي ننصح بها عادة الطلاب، ومنها:

• حاول أن تستفيد من كل الأوقات، ولا تستقل قيمة أي وقت مهما قصرت مدته، فأحيانا في الربع ساعة والنصف ساعة يمكن أن تحقق ما هو بقيمة ساعة أو ساعتين.

• استفد مما يسمى "نوافذ الوقت" وهي الفترات الصغيرة بين عمل وآخر، فمثلا وقت الفراغ بين نشاط وآخر، فهذه الأوقات القصيرة يصبح مجموعها الوقت الطويل من خلال الزمن.

• إذا كنت من النوع الصباحي، أي أنك أنشط ما تكون في فترة الصباح فاستغل وقت الصباح في الأعمال التي تتطلب جهدا ذهنيا، ويقول الرسول الكريم "بورك لأمتي في بكورها" أي فترة الصباح الباكر، وإذا كنت من النوع المسائي، فأيضا استفد من هذه الساعات في المساء بالشكل المناسب.

• يمكن أن تجعل بعض الواجبات المنزلية والأسرية كمساعدة الوالدين في أوقات "استراحتك" بين عمل وآخر، وخاصة فيما يتعلق بالدراسة، فبين الجلسة والأخرى، اختلط بالأسرة لتريح به بالك من خلال القيام به.

• حاول أن تقلل قدر الإمكان من مضيّعات الوقت، كوسائل التواصل الاجتماعي، والزيارات الاجتماعية المطولة جدا جدا.

• حاول أن تجمع بين عملين معا، فيمكنك مثلا أن تراجع حفظ بعض المواد الدراسية مما تريد حفظه، وأنت تقوم بعمل آخر كارتداء الملابس أو العمل في إعداد الطعام، أو الذهاب في الباص.

• وانتبه لفرض الواقع وأعط هذا الوقت حقه، ففي وقت الصلاة أفضل ما تقوم به هو الصلاة، ووقت الدراسة للاختبار هو الدراسة، وهكذا، والحمد لله أنك حافظ لكتاب الله ومحافظ على الصلوات.

• من الناس من يميل للدراسة في جوّ خاص داخل البيت، وفي شيء من الهدوء، بينما هناك من يحب الدراسة أمام الناس في المكتبة العامة أو مكتبة الجامعة، فانظر أي الأجواء أكثر مناسبة لك، فاستغل هذه الأوقات.

• استفد قدر الإمكان من المدرسين، فإنما عملهم مساعدتك على الفهم والاستيعاب، فلا تتردد في سؤالهم عما يشكل عليك.

وفقك الله، ويسّر لك، وجعلك ليس فقط من الناجحين، بل من المتفوقين، وأعانك على دراستك، ونفع الله بك من عباده من هو مريض أو في حاجة للمساعدة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق غدير عبد الوهاب

    شكرا جزيلا على المعلومات المفيدة لقد كنت اعانينفس المشكلة ولكن عندما بدات بالخطوات التي ارشدتيها لنا اصبحت بحالة جيدة شكرا جزيلا

  • مجهول محمدخير

    شكراً

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً