الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتارة بين التفرغ لولدي وبيتي وتهكم من حولي، فبم تشيرون علي؟

السؤال

السلام عليكم..

أرجو النصح؛ فأنا أثق بكم بعد الله، ودائما أجد في موقعكم الرائع الرأي السديد.

لدي ألم كبير بداخلي ومتخبطة هل أنا متخاذلة أم لا؟ فقد تزوجت وتبعت زوجي، وفضلت مستقبله على مستقبلي، مع أني أحمل الشهادات، ومتفوقة، فتقدم بعمله، وتحسن مستوانا المعيشي، ولكني قوبلت بنقد جارح وشديد ممن حولي.

من ثم شاء الله وما قدر فعل، وانشغلت بمحاولات الحمل حتى من الله علي بولدي، فتركت عملي ودراساتي العليا، وتفرغت لتربية ولدي.

للأسف ولعدة أسباب ليس لدي من محيطي القريب من يمكنه أن يقدم لي العون (مثل الوالدة أو الأخوات أو والدة الزوج)، وكل له أسبابه، فمثلا الوالدة مريضة جدا، ولا يمكنها الاعتناء بطفل، فكان القرار صعبا جدا ولم يكن من السهل أن أترك الدنيا وما فيها وأضع طموحي جانبا، وأغامر بأن أجد نفسي خارج سوق العمل في السنوات القادمة، ولكني فضلت ألا أضع طفلا رضيعا لا يتكلم ولا يستطيع التعبير عن نفسه بين يدي الحاضنات والبدائل الحديثة.

أنا لا أشعر بالندم على ما فعلت، لكن كل من حولي يشعرونني بأني متخاذلة، ويتعاملون معي بنوع من الدونية كوني حاليا امرأة غير عاملة، ويكون تطلعهم إلي من منطلق (شو عليكي؟) بمعنى أنه لدي وقت فراغ لا متناهي، وأني كسولة، ولا ينفكون عن تجريحي والتشكيك بأسلوب حياتي بسبب ودون سبب، حتى بلغ بهم الاستهزاء بأبسط الأمور، مثل استهزائهم بأني لا أستعمل الورق الرطب، وأقوم كل مرة بغسل ولدي بالماء، مع أني -والله- أحيانا لا أجد وقتا لأدخل المرحاض -أعزكم الله-، فأنا أحاول أن أكون مع ولدي بكل المعاني، فألاعبه وأعلمه، وأحاول أن أطهو له الطعام الصحي، خاصة وأن كل ما حولنا بات مصنعا، وأراعي مزاجه الصعب جدا، والحمد لله.

زوجي يعود متأخرا جدا من العمل، فأقوم بجميع المهام وحدي.

أحيانا أخاف أن أفقد الفرصة بأن أكمل دراستي بسبب الانقطاع، فقد كنت متفوقة، ولكني لا أجد الوقت لأكمل دراستي، والحل يمكن أن يكون بوضع ولدي في حضانة، وأنا لا أريد ذلك، وهذا يعز علي، ماذا أفعل؟ فكل من حولي ينظرون إلي وكأني أعيش بزمن غير الزمن، وكأني متخاذلة وضعيفة، حتى بت أشك بنفسي.

أرجو النصح، وجزاكم الله عني خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلقد حثنا ديننا ذكورا وإناثا على العلم والعمل في آن واحد، والحمد لله أنك من حملة الشهادات العالية.

الأصل في ديننا أن الرجل هو الذي يعمل وينفق وليس المرأة، ومن خصائص ديننا أن جعل المرأة درة مصونة كما قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ).

من أكبر مهام المرأة وأعظمها ومن أجل أعمالها تربية الأجيال، والبعد عن مواطن الفتن، ولا يعني هذا تحريم عملها في المجالات التي ليس فيها امتهان لها ولا تعريضها للفتنة، ولكن هنالك أولويات يدعو الشرع والعقل إلى تقديم الأهم على المهم، ومصالح ومفاسد يقتضي تقديم المصلحة على المفاسد، ولا بد بعد ذلك من ترتيب المصالح فتقدم المصلحة العليا على الدنيا، فديننا جاء لدرء المفاسد وتقليلها، وجلب المصالح وتكميلها.

لو طبقنا هذه القواعد فإنها تقتضي تقديم العناية بتربية الأبناء على الخروج لسوق العمل؛ حيث يوجد من يكفيك مؤنة ذلك.

كثير من الأمهات تركن أولادهن للخادمات والمربيات وكانت النتائج كارثية كما لا يخفى عليك، حيث يفقد الولد حنان الأم، وحسن توجيهها، وغرس القيم الحميدة؛ لأن هذه المعاني لا تحملها الخادمة أو المربية، وأنت ولله الحمد قد سلكت المسلك الصحيح، فلا تعيري كلام من حولك وانتقاداتهم أي اهتمام؛ لأنه في نظري صادر من حسد لوضعك الذي افتقدنه تلك النسوة المنتقدات، فإذا كان جمهور النساء في العالم الغربي تنادي اليوم بضرورة العودة إلى البيت من أجل تربية النشأ والعناية بالزوج فلم كل هذه الهرولة للدخول في جحر الضب؟

استعيني بالله، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، وخاصة ذلك الدعاء الذي يكون سببا في إعانتك للقيام بكل أعمالك، وهو ما علمه نبينا عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة حين جاءت إليه تريد خادما يعينها في أعمالها، فقال لها: ولزوجها علي: "ألا أعلمكما خيرا مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين وتسبحاه ثلاثا وثلاثين وتحمداه ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم". قال علي ما تركته منذ سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قيل له ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين)، فإن داومت على ذلك أعانك الله على قضاء أعمالك بنفسك دون الحاجة إلى معين سوى الله تعالى.

رتبي أوقاتك وستجدين وقتا لتنمية معلوماتك في مجال تخصصك من خلال القراءة والاطلاع، وبإمكانك مواصلة دراستك عن بعد إن كان تخصصك يسمح بذلك.

من الخطورة بمكان تقليد الناس في نمط عيشهم واستخدام المواد الطبيعة هو الأفضل في وقت أفسدت الحضارة على الناس معيشتهم فلا تلتفتي لكلام الناس.

أفضل ما يمكن أن تقدميه لولدك حبك لزوجك، واحترامه، وإحسان التفاهم معه، وعدم التشاجر، وإبراز المشاكل أمامه حتى لو كان في مثل سن طفلك، فإن ذلك يؤثر تأثيرا كبيرا على حياته ومستقبله.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسد

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً