الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي طيب الخلق ولكني لا أنجذب إليه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة منذ سنتين، مشكلتي أنني غير مقتنعة بزوجي منذ عقد القرآن أي قبل الزفاف، ولا أنجذب إليه الانجذاب الطبيعي بين الرجل والمرأة، ولكني أحببته حبا أخويا، فهو طيب الخلق، وفيه من الصفات الحسنة -والحمد لله-، لهذا السبب توكلت على الله وتم الزفاف.

من اللحظة الأولى في يوم زفافي وأنا أعاني من ألم نفسي يعذبني ويقتلني كل يوم، وطوال اليوم لا أشتهي زوجي بتاتاً ولا أرغب به، ولم تتم الدخلة بيننا إلا بعد 9 أشهر من الزواج، ومرات معدودة بعدها فكانت كالاغتصاب، ليس بسبب أسلوبه، بل العكس فهو طيب وحنون، ولكن بسبب عدم رغبتي به.

أريد كلمات تخفف عني العذاب والألم النفسي، فأنا طبيعية مثل جميع البنات، لي شهوة وأريد التحصن، وأحيانا ألجأ للأفلام الإباحية لدقائق ولكن سرعان ما يقتلني الندم، وأفكر لماذا الله لا يحبني! أنا لا أريد أن أعصيه لكني حرمت من متعة الحلال ما الحل؟

كلما رأيت امرأة متزوجة ولديها أطفال تراودني أفكار أنها مستمتعة بحياتها، وتستمع بالحلال مع زوجها، وأنا حرمت من هذه النعمة ومن الأطفال فأتقطع داخلي وأموت، دائما أفكر لو لم أتزوجه لكنت الآن سعيدة مع زوج آخر أحبه، ومع ذلك أنا لا أريد الطلاق، وأتمنى أن يحصني الله بالزوج الذي رزقني إياه، أرجوكم وجهوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ نادية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد قرأت استشارتك عدة مرات -يا ابنتي-، وشعرت بأن المشكلة عندك هي ليست في عدم حبك لزوجك أو قبولك به كإنسان بل في عدم قبولك له كشريك في العلاقة الزوجية فقط, وهذه المشكلة لربما يكون لها بعد نفسي في داخلك أنت, فأنت تجدين بأن زوجك شخص خلوق ومؤدب ويتمتع بصفات كثيرة طيبة, كما أنك غير راغبة بالانفصال عنه, وهذا يعني بأن في داخلك شعورا إيجابيا نحوه، لكن هنالك شيء يقمع هذا الشعور ولا يجعله يظهر خلال العلاقة الزوجية بالذات, ولقد ذكرت أيضا بأن رغبتك الجنسية طبيعية وتتمنين لو أنك تتمكنين من تفريغها بالطريقة الصحيحة مع زوجك, لكنك غير قادرة على تحقيق ذلك, بينما أنت قادرة على تفريغها عند مشاهدة الأفلام الإباحية- وللأسف- وبنفس الوقت أنت تتشوقين إلى أن تكوني أما, وهذه المعلومات مجتمعة تجعلني أضع احتمال أن يكون لديك مشكلة نفسية, ومن المحتمل أن تكون ناتجة عن وجود اضطراب في الشخصية قد تشكل لديك خلال مرحلة الطفولة والمراهقة, واضطرابات الشخصية متعددة وهي تصنف ضمن الأمراض النفسية.

إن المصابين ببعض الأنواع من اضطرابات الشخصية (ذكورا أو إناثا) يجدون من الصعب عليهم إقامة علاقة جنسية مع زوجاتهم أو أزواجهم، أو يجدون بأنهم لا يثارون جنسيا من قبلهم, لأن نظرتهم إلى العلاقة الجنسية هي نظرة مشوهة غير طبيعية, فالعلاقة الجنسية بالنسبة لهم هي عمل قذر ومشين ومرتبط بالدعارة والعهر, بينما أزواجهم أو زوجاتهم هم أناس نقيون مترفعون عن مثل هذه العلاقة.

هذه النظرة المشوهة إلى العلاقة الجنسية تعود جذورها إلى مرحلة الطفولة والتطور, والشخص نفسه لا يكون مدركا لمشاعره.

إن كلامي هذا هو مجرد توقع, ولكن نفي أو تأكيد ذلك لا يتم إلا بعد مقابلة الطبيبة النفسية المختصة, لذلك أنصحك بمراجعة طبيبة مختصة بالأمراض النفسية وشرح تفاصيل مشكلتك لها, وإن وجدت الطبيبة بأن هنالك احتمالا لوجود مشكلة نفسية عندك فستقوم بإعطائك استمارة لتعبئتها والإجابة على بعض الأسئلة, وبعدها ستكون قادرة على نفي أو تأكيد التشخيص, أو لربما تجد بأن هنالك مشكلة أخرى غير ذلك يجب التعامل معها.

ومن الواضح - يا ابنتي- بأنك إنسانة نقية المعدن، أصيلة الخلق وفي داخلها الخير الكثير, فما شعورك بالذنب وتأنيب الضمير وندمك على ما يصدر منك من أفعال خاطئة ومحرمة إلا دليل على ذلك, وبغض النظر عن أي تشخيص أو مشكلة محتملة إلا أنه يتوجب عليك التحكم في نفسك, فأنت إنسانة مخيرة في كل تصرفاتك, وبشيء من الإرادة يمكنك منع نفسك عن مشاهدة تلك الأفلام أو المقاطع, وتذكري بأن المعصية تبقى معصية كبرت أم صغرت, فلا تبرري لنفسك ولا تجدي لها الأعذار, بل شدي العزم واشحذي الهمة على التخلص من كل ما له علاقة بهذه الأشياء، وأغلقي كل مداخل الشيطان, وامضي في طريق التوبة، واعلمي بأنك حين تسلكين طريقا يقربك إلى الله فإنه عز وجل سيكون إلى جانبك وسيعينك على ذلك.

أساله جل وعلا أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً