الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفصام الباروني .. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم.
منذ خمس سنوات أو أكثر بدأ أخي يتخيل أشياء غريبة وهواجس وكأنه مراقب وكأن كل الناس تتربص له؛ فترك العمل ومكث في البيت ما يزيد عن سنتين، وكانت هذه الفترة مليئة بالخلافات مع أبي وأمي وإخوتي، ووصل لسن 31 وهو مضرب عن العمل والزواج، وعندما عرضت حالته على الطبيب بعد فشل كل المحاولات في إقناعه بالذهاب للطبيب أعطاني (Risperdal 1Mg/ml) على أن أعطيه 1 مل مرتين في اليوم، وبفضل الله لم تعد تلك المشاكل وعمل في شركة وتزوج، كل هذا دون أن يعلم.

وبعد أن لاحظت عليه الكسل والتعب والنوم المستمر وحتى التأثير على حياته الزوجية بدأت بالتقليل، حتى أني لم أعطه الدواء لما يقرب من 5 شهور، ولكن فجأة جاء يوماً من العمل يسب زوجته ويتهمها باتهامات سيئة وبأنها كانت في العمل عنده ويؤكد أنه قد رآها خلف كاميرات المراقبة، علماً بأنه لا يوجد كاميرات أساساً!

وعاودت له العلاج ولكن جرعة بسيطة جداً وصلت إلى 0.5 ml كل ثلاثة أو أربعة أيام، ومع هذا يشعر دائماً بالإرهاق والنعاس، فماذا أفعل؟ وهل هناك حد أدنى للجرعة؟ وهل يوجد أمل بالشفاء أم أنه سيعيش طول عمره هكذا؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Emad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيراً على رسالتك.

هذا الأخ يُعاني من حالةٍ ذهانية عقلية، تعرف بالمرض الاضطهادي، أو الفصام الباروني الظناني كما يسميه البعض، وهي تتفاوت من إنسانٍ إلى آخر في حدتها وفي شدتها، ويُعتبر هذا المرض من أفضل الأمراض العقلية استجابةً للعلاج، خاصةً إذا أُصيب به الشخص بعد عمر الثلاثين عاماً، وكذلك إذا التزم الإنسان بالعلاج.

يُعتبر الرزبريدال من أفضل الأدوية لعلاج مثل هذا المرض، ولكن الجرعة العلاجية لابد أن تكون من 2-6 مليجرام، ومدة الجرعة العلاجية هي ثلاثة أشهر في معظم الحالات، مع اختلافاتٍ بين الأفراد طبعاً، وبعد أن يُكمل الإنسان الجرعة العلاجية لابد أن ينتقل إلى الجرعة الوقائية، والتي أرى في حالة أخيك أنها يجب أن لا تقل عن 2 مليجرام، ومن الأفضل أن يُعطى هذا الدواء كجرعة واحدة في المساء؛ حتى لا يشعر الإنسان بالتكاسل في أُثناء اليوم، علماً بأن هذا الدواء فعلاً يسبب زيادة بسيطة في النوم، خاصةً في أيام العلاج الأولى، ولكن هذا الأثر الجانبي يقل أو يختفي بالاستمرار في العلاج.

توجد أدوية بديلة للرسبريدال، ومنها العلاج الذي يعرف باسم ولانزبين، والجرعة هي من 5-20 مليجرام ليلاً، ولكن هذا الدواء باهظ التكلفة، وربما يسبب أيضاً زيادةٍ في الوزن.

هنالك أيضاً دواء من الأدوية القديمة ولا يسبب خمولاً، ولكنه ربما يسبب نوع من الشعور بالشد في الجسم (التخشب)، وهذا الدواء يعرف باسم استلزين، وجرعته 5 مليجرام ليلاً، وأرى أنه ربما يكون مناسب جداً لأخيك.

في حالة رفضه وإصراره على عدم تناول الأدوية توجد هنالك إبر، تُعطى بمعدل إبرة كل أسبوعين أو ثلاثة، ومن هذه الإبر إبرة تعرف باسم (Modecate)، وأخرى تعرف باسم فلونكسول، كما أن الرسبريدال نفسه الآن يوجد في شكل إبر 25 مليجرام، تُعطى كل أسبوعين، إلا أن تكلفة الإبرة الواحدة حوالي 150 دولاراً، مما يسبب عبئاً مالياً عليك.

أما الموديكيت، والفلونكسول، فهما أقل تكلفة بكثير.

لا بد -يا أخي- أن يبني أخوك علاقة طيبة مع طبيب، والأطباء النفسيون المؤهلون لديهم القدرة على إقناع مرضاهم بمواصلة العلاج، وذلك من خلال العلاقة العلاجية السليمة.

هذا المرض لا شك أنه من الأمراض المزمنة، وهو يتأرجح ما بين التحسن والانتكاسة، حسب الظروف الحياتية للإنسان، ولكن بفضل الله تُعتبر استجابته للعلاج أيضاً ممتازة جداً.

أود أن أوصي أن ما دام أفكاره الظنانية قد تحولت إلى الزوجة، فلابد من أن يكون هنالك حرص على تلقيه العلاج.

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً