الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الصفات التي يجب أن تكون في الخاطب ليتم قبوله؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة سني ثمانية وثلاثين سنة، سؤالي هو: أنه في كل مرة يتقدم لي شخص لخطبة أو لمشروع خطبة لا يكتمل الموضوع، وهو من يترك هذا، ولست أنا، فهل أسأت الاختيار أم ماذا؟ وكيف لي أن أختار الشخص المناسب الجاد والغير المتلاعب وأقبل به؟ وكيف يتم الاختيار والبحث عن زوج صالح في ظل هذا المجتمع المليء بالأشخاص أصحاب النية السيئة، وينوون التلاعب بالبنات وإغرائهم بحجة الزواج، وما هي الأسباب التي تقوم بها الفتاة لكي تبحث عن زوج المستقبل وتعف نفسها؟ وكيف تجده إذا تقدم بها العمر؟ وكذلك ما هي صفات الشخص الذي يجب أن تكون في الخاطب لكي أقبل به؟ وكيف أعرف أنه جاد أو متلاعب بي؟ وبحسن نيتي في الزواج؟

أرجو منكم توضيح هذا الأمر، لأنني فعلا في حيرة شديدة من أمري وتحياتي لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الإيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك – أختي الكريمة – وأشكر لك تواصلك مع الموقع، وحرصك على تحصيل العفّة في موافقة الشرع, سائلاً الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الصبر والرشاد ويمن عليك بالثبات على الدين والهداية إلى صراطه المستقيم.

- بخصوص سؤالك, فإني أوصيك أولاً – حفظك الله ووفقك – بحسن الظن بالله تعالى لا سيما وأنتِ في عمر مقبول لدى الكثير من الأزواج (38) عاماً, فكثيراً ما تزوجت نساء في مثل هذا العمر المبارك, فعززي الثقة بنفسك، واعمري قلبك بالإيمان واحذري المبالغة في القلق، وتحلي بالأمل والقوة والتفاؤل, ولا يؤثر فيك الانتقاد والعبارات الجارحة, فكم من امرأة أصابها اليأس والإحباط والقنوط من رحمة الله وانقطع رجاؤها في الزواج لكبر سنها أو لقلة حظها من الجمال، وظنت أن قطار الزواج قد فاتها, فما لبثت حتى حظيت بزوج صالح مناسب كان سبيلاً إلى تحقيق رجائها في تحصيل العفّة والذرية الصالحة والحياة السعيدة.

ومعلوم أن الفتاة كلما تأخر زواجها زاد حظها أكثر في اختيار الزوج المناسب لإمكانية التأني والتريث وعدم الاستعجال في الاختيار, كما أن عامل السن يزيد المرأة خبرة وحكمة, والمهم أن تحافظي على حسن صلتك وعلاقتك بربك في التزام التقوى والاستقامة والعفّة, وتذكّري أن كثيراً من الزيجات المبكرة أو المستعجلة غير المدروسة انتهت إلى التعاسة أو الطلاق والفشل, فالعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات, ومن يفرح أخيراً يفرح كثيراً, قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، (لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم), واحذري – حفظك الله – من آفة المقارنة بغيرك, فالأقدار والأرزاق مكتوبة, ولا شك أن الزواج من الرزق الذي يقدمه الله ويؤخره ويعطيه ويمنعه بحسب مشيئته وعلمه وحكمته: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيما), وتأملي قوله سبحانه وتعالى: (وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت إن الله عليمٌ خبير)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكن ليصيبك).

- وأما بخصوص سؤالك عن كيف تحظين بزوج مناسب, وتفرقين بين الجاد والمتلاعب في ظل مجتمع يكثر فيه السوء, فأوصيك بلزوم الصبر والتريُّث وعدم الاستعجال, وذلك بضرورة التثبت والتعرّف على تأريخ وحاضر المتقدم للخطبة، والسؤال عن دينه وخلقه وعفّته وأمانته؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض), ولاحظي ذكر الحديث لأمرين: الدين والخلق؛ لبيان أن صلاح دين الخاطب وحده لا يكفي حتى ينضم إليه صلاح الخلق من الاتصاف بالرحمة والكرم والتواضع واللطف ونحوه, كما أن صلاح الخلق مرتبط بصلاح الدين كما لا يخفى, فمن قَلّ حظه من الخلق قل حظه من الدين, ومن زاد في الدين زاد في الخلق.

- كما ينبغي السؤال عن أهله ومدى تحليهم بمحاسن الأخلاق؛ لارتباط الزوجين بأهلهما, وبالتالي تأثير الأهل غالباً عليهما لا سيما حين يبتلى الأزواج بضعف الشخصية أمام الأهل الذين في طبعهم جفاء وغلظة وتدخُّل في شؤون الأزواج.

- من المهم المحافظة على صحتك الإيمانية والبدنية والنفسية والصحية والاعتناء بجمالك ورشاقتك مهما كان سنك, وفي الحديث: (إن الله جميل يحب الجمال) متفق عليه.

- احرصي على تنمية ثقافتك الدينية, وتنمية الثقافة المتعلقة بالشؤون الأسرية والاجتماعية خاصة, كما وأن الثقافة مفيدة للقضاء على مشكلة الفراغ , فاشغلي وقتك وفراغك بطلب العلم النافع والعمل الصالح والاطلاع والقراءة ولزوم الصحبة الطيبة وممارسة الرياضة, ومتابعة المحاضرات والبرامج النافعة والمفيدة.

- ولا مانع شرعاً من تكليف ممن تحظى بالثقة عندك والأمانة وتحسنين الظن بمروءتها وحفظها للسر، وحبها لك وحرصها على مصلحتك من البحث لك عن زوج مناسب بالأسلوب الحكيم والمناسب, وقد صح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عَرض ابنته حفصة على أبي بكر، ثم عثمان -رضي الله عنهما-.

واحذري أن يلجئكِ الضعف والعجلة إلى أساليب غير شرعية لطلب الزواج, وفي الحديث: (احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك).

- أوصيك بلزوم الدعاء وكثرة الذكر والاستغفار والطاعة والصبر والصلاة, كما قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين), كما أوصيك بتقوى الله تعالى والاستعانة به والتوكل عليه, وقال تعالى: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا)، وقال جل جلاله: (ومن يتقِ الله يجعل له من أمره يسرا).

- أسأل الله أن يفرج همك ويشرح صدرك وييسر أمرك ويعينك على طاعته، ويرزقك الزوج الصالح والصبر والعفّة والسكن النفسي والذرية الصالحة والحياة السعيدة والآمنة والمطمئنة والكريمة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً