الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرهاب الاجتماعي المفاجئ ما سببه؟ وكيف يتم علاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أشكر القائمين على هذا الموقع الذي استفاد منه الكثير، وأسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم.

شاب، أبلغ من العمر 24 سنة، ظهرت علي أعراض رهاب طفيفة سبق وأن قرأت عنها وتبين لي أنها أعراض الرهاب الاجتماعي، كانت مفاجئة. وأنا لا زلت -ولله الحمد- اجتماعياً، ولم تمنعني من الخروج وحب العزلة.

لله الحمد أنا شخص محبوب ولدي علاقات كثيرة، وشخص جريء بعض الشيء، أدخل في علاقات جديدة، أناقش الدكتور في المحاضرات، ولكن مما لاحظته في نفسي عند إمامة الناس للصلاة أجد نفسي لا أستطيع قراءة سور جديدة، وكنت أحب أن أكون أماماً، والآن أتهرب من هذا الموقف الفضيل.

لاحظت الحديث أمام مجموعة يقلقني ويظهر علي أعراض التوتر والقلق، وأحاول التهرب من هذا الموقف، كنت شخصاً ممازحاً أحب الضحك والمزح، الآن صرت أحب الخوض في المواضيع الجادة بعيداً عن الضحك الذي يدخلني في نوبة قلق إذا توجهت الأنظار علي، وعند المواضيع الجادة أستطيع الحديث والنقاش.

كما أنني أدرس خارج منطقتي، وعندما أعود إلى منطقتي في الإجازات أصبح قلقاً في مواجهة أصحابي وخصوصاً من هم في علاقة طيبة معي، وبعد أن أعتاد الجلوس معهم وهم اثنان تختفي علي الأعراض وخوض الحديث والمرح معهم، وأعلم أنني حقاً مقصر تجاه ربي عزّ وجل.

سؤالي: ما سبب حدوث هذا الرهاب المفاجئ؟ وكيف أتخلص منه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأول ما أنصحك به هو ألَّا تقصِّر تجاه ربك عز وجل، أنت ما دمت مُدركا لهذه الحقيقة فهذا إن شاء الله فيه خير، وعليك – أيها الفاضل الكريم – أن ترتقي بنفسك وبعبادتك وطاعتك لله - عز وجل -، هذا فيه خير كثير، يجلب لك خيري الدنيا والآخرة.

الحالة التي وصفتها بسيطة - إن شاء الله تعالى -، وأنا لا أراك تعاني من رهاب اجتماعي بمعاييره التشخيصية المعروفة، لديك نوع من الرهاب أو الخوف الظرفي، وقد يكون لديك شيء من القلق التوقعي، فمثلاً أنت لا تستطيع أن تقرأ سورة جديدة، هذا يعني توجُّسك وتخوفك حول أدائك ومقدراتك، وهذا نوع من الوسوسة، يجب ألَّا تعريها أي اهتمامٍ، وأن تتجاهلها تمامًا.

أيها الفاضل الكريم: حباك الله تعالى بميزاتٍ وسماتٍ وصفاتٍ في شخصيتك تساعدك كثيرًا لمواجهة المواقف الاجتماعية، فأرجو أن توسّع من شبكتك الاجتماعية، أرجو أن تُكثر التواصل مع الصالحين من الناس، وأرجو أن تنخرط في أي رياضة جماعية أو في أي نشاط ثقافي أو خيري أو اجتماعي جماعي، هذا فيه خير كثير لك.

الحضور والمشاركة في حلقات القرآن يروض النفس ويرتقي بها، ويزيل تمامًا الخوف والتوجس الاجتماعي.

هذه هي الأشياء الأساسية التي أنصحك بها، وإذا رجعنا إلى موضوع السبب بالنسبة لما أسميته الرهاب الاجتماعي: الرهاب أسبابه في معظم الأحيان غير معروفة، لكن في بعض الأحيان قد يكون الإنسان تعرَّض لتجربة سلبية في مرحلة الطفولة المبكرة مثلاً، أو حتى الطفولة المتأخرة، حادث معيَّن حدث فيه شيء من التخويف والرهبة، حتى وإن لم تعطيه اهتمامًا أو لا تذكره الآن قد يكون ترك أثرًا، وأصبح سلوكًا متعلَّمًا، مخزَّنًا في الوجدان، والشيء المتعلَّم يمكن أن يُفقد من خلال التعلُّم المعاكس، لذا نقول للناس: واجهوا المخاوف، حقِّروا المخاوف، تجاهلوا المخاوف.

من ناحية الأسباب قد لا يكن هنالك سبب معروف، وأود أن ألفت نظرك لشيء مهم، وهو: أن الخوف الاجتماعي – على وجه الخصوص – لا يعني أن الإنسان ضعيف الشخصية، أو أنه ضعيف الإيمان، أبدًا، الإنسان قد يكون شخصًا مِقْدَامًا وشهمًا ومواجِهًا، لكنه يخاف من أشياء بسيطة، يخاف من الرعد، يخاف من المرتفعات، كما يقولون: يمكن للإنسان أن يكون مروضًا للأسود لكنه يخاف من القط.

فالمخاوف – خاصة الخوف الاجتماعي – هي تجربة سلوكية خاصَّة جدًّا.

أيها الفاضل الكريم: أعتقد أيضًا أنك سوف تنتفع وتستفيد كثيرًا من تناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، إن استطعت أن تقابل طبيبًا نفسيًا فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تستطع فإن هنالك دواء يُسمى (زيروكسات CR) واسمه العلمي (باروكستين)، أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة صغيرة، وهي: 12.5 مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

الدواء بهذه الجرعة ولهذه المدة الصغيرة سوف يفيدك كثيرًا، وهو سليم جدًّا، أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

وللفائدة راجع العلاج السلوكي للرهاب: (260852 - 269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً